عدوان إسرائيلي مقبل على لبنان.. أين حزب الله من ذلك؟!

عدوان إسرائيلي مقبل على لبنان.. أين حزب الله من ذلك؟!

تحليل وآراء

الأحد، ٢٠ مارس ٢٠١٦

حسين طليس - خاص بيروت برس -
"نيسان.. موعد الحرب الإسرائيلية على لبنان". هكذا وببساطة حدد موعد الحرب المقبلة مع "إسرائيل"، وبات الجميع ينتظرها، ويتناقل سيناريوهاتها، على الرغم من عدم وجود أي سابقة تشير إلى توقع مسبق لحرب إسرائيلية قد أصاب. ليس على الصعيد الشعبي فحسب، بل على الصعيد الإعلامي أيضاً، الذي بدأ يقارن القدرات ويرسم السيناريوهات المقبلة.

إن تسلسل الأحداث الجارية يشير إلى أن المعطيات الحالية، تؤسس لظروف منطقية قد تؤدي إلى حرب بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، بناءً على تراكم طويل من التطورات. فـ"إسرائيل" تنظر إلى انخراط حزب الله في الحرب السورية على انه انشغال واستنزاف، قد يحد من قدرات الحزب في أي مواجهة مقبلة رغم نفي الحزب لتلك الفرضية في أكثر من مناسبة. كذلك فإن تطورات الميدان السوري التي باتت تصب في مصلحة الجيش السوري وحزب الله ومن معهم، تشير إلى قرب القضاء على المشروع التقسيمي في سوريا الذي أرادته "إسرائيل" وسعت من أجل دعمه وتعزيزه، ومن هنا فإن فشله قد يحتم على إسرائيل خوض حرب مباشرة بعد انكفاء وكلائها لتحصيل المكاسب ومنع تعاظم قوة حزب الله الذي سيعزز قدراته ووجوده بشكل كبير إذا ما حقق انتصاراً في سوريا.

إضافة إلى ذلك، فإن قرار السعودية الذي تدرج ليصبح قراراً خليجياً من ثم عربياً، بتصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي، اعتبر تحضيراً للساحة أمام عدوان إسرائيلي على الحزب، مبرراً ومدعوماً عربياً. ليأتي في سياق طويل من الحرب الإعلامية والإستخباراتية على الحزب ووضعه في إطار ممارسات طائفية أبعدت عنه نسبة كبيرة من الجمهور العربي الذي وقع ضحية تلك البروباغندا، في توقيت باتت فيه الطائفية سمة الإصطفاف الجماهيري في المنطقة عموماً.

كل ما سبق، مضافًا إليه الإنسحاب الروسي المفاجئ، مع التحضيرات الإسرائيلية الدائمة والإستعدادات العسكرية المستمرة على شكل مناورات عسكرية وداخلية، مرصودة ومسوق لها إعلامياً، كذلك التصريحات الإستعراضية لقادة الإحتلال، والتقارير الصحفية العبرية والعربية، جعلت الجميع بانتظار "ساعة الصفر" التي باتت على كل لسان، ينتظرها الجميع، لاسيما في لبنان، حيث أصبحت تلامس القناعة الشعبية بحتمية حصولها.

التحليل منطقي نعم، والمؤشرات والمعطيات الحالية قد تؤدي بالتوقعات الى فرضية الحرب الإسرائيلية. لكن المنطق أيضاً يفرض النظر الى جهة الجهة الأخرى من الصراع، إلى حزب الله تحديداً الذي يمسك بدوره كما هي حال إسرائيل، بقرار الحرب أو التهدئة. وهو المستهدف الاول من الحرب وبالتالي العالم الأول بها وبإحتمالات اندلاعها، فأين حزب الله من كل ما سبق ؟

مصادر سياسية مقربة من الحزب، أكدت في حديث خاص مع "بيروت برس" أن الحزب "ليس بعيداً عن الجو العام السائد أبداً، خاصة لجهة ترجيحات عدوان إسرائيلي على لبنان وعلى الحزب تحديداً، إلا أنه غير معني بالرد على كل تقرير صحفي او شائعة تخرج من هنا وهناك، خاصة وانه سبق أن قدم للجمهور وللعدو الإسرائيلي جوابه على اي تهديدات أو فرضيات، لا سيما على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي لطالما أكد أن حزب الله لا يسعى لحرب مع إسرائيل في الوقت الحالي، لكنه على أتم الإستعداد لمواجهة أي عدوان قد ينطلق به العدو ضد لبنان او ضده، وأثبت بالفعل أنه حاضر للرد على أي خرق من الجانب الإسرائيلي طيلة الفترة الماضية."

وتشير المصادر إلى أن حزب الله "دائما ما يأخذ الإسرائيلي على محمل سوء الظن، وبالتالي فإنه يتعاطى مع فرضية الحرب مع العدو الإسرائيلي على أنها أمر قابل للحصول في أي لحظة، وعلى هذا الأساس تتم التحضيرات والإستعدادات الدائمة، وفي كل مرة ترتفع فيها إحتمالات الحرب، يتجه الحزب لعرض مزيد من معادلاته الرادعة وذلك لتجنب إندلاع تلك الحرب، عبر صد العدو وحثه على التريث والتفكير مراراً وتكراراً بتكاليف تلك الحرب وسيناريوهاتها التي ستكون باهظة الثمن إذا ما اندلعت، خاصة وانها اليوم باتت مصيرية أكثر من أي وقت مضى، لا سيما بالنسبة لإسرائيل التي لا تحتمل في هذه المرحلة تحديداً، أي هزيمة مشابهة لما جرى في حرب تموز، خاصة مع المعادلات الضخمة المطروحة، كمعادلة الدخول إلى الجليل، وقصف مخازن الأمونيا في حيفا، إضافة الى ما سبق من معادلات البنى التحتية والمدن التي وعد بها حزب الله."

حزب الله يستبعد حالياً إندلاع مواجهة قريبة، بحسب المصادر، وذلك وفقاً لمعطياته الخاصة التي يدرس عبرها ذهنية العدو وطريقة تفكيره. وترى المصادر، أن أسهم الحرب ترتفع بشكل مقلق إذا ما طرأ على المشهد السوري تبدل إستراتيجي يغير شكل الوقائع القائمة حالياً ميدانياً وسياسياً في سوريا، "حينها قد تجد إسرائيل في الجولان بوابة لشن حرب معلنة وموجهة تحديداً ضد حزب الله في لبنان وسوريا"، تقول المصادر، "خاصة وان العدو الإسرائيلي بات مقتنعاً بمعادلة ربط الجبهات بين الجنوب اللبناني والجولان السوري، ويعلم أيضا أن اي حرب على حزب الله لا يمكن خلالها تحييد الجغرافيا السورية، التي يحضر فيها الحزب بشكل أساسي وفاعل، ومن هنا فإن أي عدوان سيجد في الجولان بوابة مفتوحة على ميدان مشتعل أصلاً، كما أنه كجبهة (الجولان)، بات يمثل تهديداً واضحاً للعدو الإسرائيلي مع النشاط المتزايد والمقلق لمجموعات المقاومة التي لن تحيد تلك الجبهة في ردها على أي عدوان."

وتختم المصادر لافتة إلى ان "الحديث الدائر اليوم بوتيرة تصاعدية عن احتمالات عدوان إسرائيلي، هو ما عجل بإطلالة  السيد حسن نصرالله المقبلة نهار الإثنين عبر قناة الميادين، حيث ان ما تناقلته مصادر صحفية عن تطرق مقابلة السيد القادمة لفرضية الحرب التي يجري التسويق لها، صحيح بحسب المعلومات، التي تشير إلى أن إطلالة السيد نصرالله ستحمل خطاباً تصعيدياً من حيث تقديم معادلات ردع جديدة ومنظومات مواجهة، ستجعل الإسرائيلي يعيد تقييم حساباته لأي حرب مقبلة قريبة كانت أو حتى بعيدة، وستدفعه إلى إعادة تصحيح تقديراته إذا ما كانت مبنية على التطورات الأخيرة لاسيما موقف الجامعة العربية، وفكرة أن حزب الله يعاني استنزافاً في سوريا، وعلى أساس إطلالة السيد نصرالله، وما سيتبعها من ردود فعل في الكيان الإسرائيلي، سيتضح للجمهور والمراقبين إذا ما كانت هناك احتمالات حرب قريبة أم لا.