الصمود هو الثابت الوحيد وسط فوضى المفاهيم.. بقلم: ميساء نعامة

الصمود هو الثابت الوحيد وسط فوضى المفاهيم.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ١٢ مارس ٢٠١٦

تتعدد المفاهيم والمصطلحات  المشبوهة التي تُمرر كل ثانية على مدار اليوم الواحد، لكن أخطرها على الإطلاق هو تعويم مصطلح الصراع العربي العربي، لأنه المسعى الحقيقي الذي ما برحت مراكز الأبحاث الصهيونية الاشتغال عليه لإحلاله مكان مصطلح الصراع العربي الاسرائيلي.
الهدف واضح عند أرباب الصهيونية العالمية والوسائل الملتوية التي تصلهم بغاياتهم الهدامة واضحة، بينما الشعوب العربية دخلوا في حالة السبات الربيعي الذي حرفهم عن القضية الأساسية والعدو الأساسي ليصبح الصراع عربياً عربياً بين الدول العربية فيما بينها وبين شعب الدولة الواحدة .
ويبقى السؤال الى أي حد نجحت الصهيونية العالمية في إحداث فوضى المصطلحات وقلب الحقائق؟
نقول: نجحت نعم نجحت في اختراق تلافيف الثغرات والثقوب الاجتماعية الهشة، وأشعلت نار الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية، واتكأت بقوة على نقاط الضعف في كل بلد عربي اجتاحته لتنشر رمدها الربيعي القاتل.
 إلا أن حالة الضياع التي سقط فيها الشباب العربي  وانتشار الفوضى المدمرة في بعض البلدان العربية، عندما نقول البعض لا يعني أن الدول الأخرى بمنأى عن تسونامي الفوضى القاتلة، كان نتاج سنوات طويلة من الاشتغال الدائم في مراكز الأبحاث الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من مراكز الغرب المتصهين لنشر السموم في عقول الشباب العربي عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
 فكان الفكر الداعشي نتاج نشر التعصب الديني، ونتاج انتشار قنوات الانفلات الأخلاقي والمعياري، وعندما يتزامن التعصب الديني مع الانفلات الأخلاقي تغرق البلدان في أتون الفوضى المدمرة، وبهذا تصل الصهيونية العالمية الى غايتها في تدمير الحضارات والثقافات الأصيلة والاستعاضة عنها ببدائل غريبة عن مجتمعاتنا العربية كحالة توحد الشباب العربي مع العالم الافتراضي مثلاً.
أثناء الحروب والأزمات لا يمكن أن ننتظر الرياح كي تمر ومن ثم نبدأ، بل لابد من التفكير والتفكر في رسم الملامح القادمة لسورية بعد الحرب لكي تصبح الانموذج الذي يقتدي به جميع الدول العربية.
البداية من الطفولة وإعداد جيل سوري جديد منفتح على العالم منخرط في عالم الميديا الجديد لكنه مؤثر بها وليس أسيراً لها.
ولعل الشباب السوري هو المحطة الأهم في سلم الأولويات للدولة السورية المتجددة بعد الحرب، فلنبدأ في إيجاد فرص عمل حقيقية تجعل من الشباب طاقة منتجة وبنّاءة في المجتمع السوري بدل التسكع في المقاهي وتعاطى الأرجيلة كحالة هروب من واقع الفراغ الأليم الى سعادة وهمية عبر مواقع العالم الافتراضي.
مما لاشك فيه أن شباب الوطن العربي ومنهم الشباب السوري حكماً دخلوا في متاهة التوحد مع العالم الافتراضي وهو الاختراع الأقوى للصهيونية العالمية لكي تعزل الشباب عن مجتمعهم وتفكك الأسر ومن ثم تفكك المجتمعات.
والمطلوب تحقيق مشاريع تنموية للشباب والسخاء على هذه المشاريع لكي يصبحوا فاعلين ومنتجين ويصبح العالم الافتراضي بالنسبة لهم مضيعة للوقت أو في أحسن حالته استخدام إيجابي للعمل الفاعل.
سورية بصمود شعبها وقوة جيشها وحكمة قيادتها ومبادرات شبابها ووعي أغلبيتهم العظمى بما يحاك بالغرف السوداء لتدمير سورية، كانت ومازالت الصخرة القوية والمتينة التي كسرت ظهر العدو.
 لكن يجب أن تكون سورية بعد الحرب مختلفة عما قبلها من حيث التفعيل الحقيقي لجميع الطاقات السورية وخاصة شريحة الشباب، وإلا فسنغرق جميعاً في فوضى المصطلحات التي ستستمر في تكريس فوضى الواقع العربي وقلب كيانه رأساً على عقب لا قدر الله.