صلاح الدين المنجد حياً وميتاً!.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي

صلاح الدين المنجد حياً وميتاً!.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي

تحليل وآراء

الاثنين، ٧ مارس ٢٠١٦

الأديب والناقد والقاضي وعضو المجمع العلمي العربي عارف النكدي يكتب عن صلاح الدين المنجد سنة 1973 وهو في الحياة الباحث والأستاذ الجامعي وعضو مجمع اللغة العربية الدكتور مازن المبارك يكتب عن صلاح الدين المنجد سنة 2015.
في هذه المدة الزمنية الفاصلة بين الأستاذين عارف ومازن استطاع صلاح المنجد جمع ركنيها حول شخصه وعطائه؛ ففي المجلد 48 لعام 1973 يجالس النكدي كتاب المنجد الموسوم بـ "معجم بني أمية" الصادر عن دار الكتاب الجديد في بيروت سنة 1970. وقد رأى القاضي النكدي أن الدكتور صلاح الدين المنجد استل معجمه من تاريخ دمشق لابن عساكر، أمام من أرخوا لدمشق أو كتبوا عنها. وليس الرجوع لهذا التاريخ ولا النقل عنه بالأمر السهل، ذلك أن أكثره لا يزال مخطوطاً، والأخذ عن تهذيب ابن بدران لتاريخ ابن عساكر المطبوع منه بعض أجزاء لا يغني عن الرجوع إلى الأصل، ولا إلى سائر أجزائه المخطوطة وأنت في هذا ضائع في أسانيد وروايات أمثال: أنبأنا وحدثنا وأخبرنا.. ينفد معها صبر الناقل ويضيق بها صدره، إلا أن يكون أوتي ما أوتيه الأستاذ المنجد من طول أناة وسعة بال وإيمان بمثل هذه الأعمال ومرانة عليها. ولم يقف المؤلف عند ابن عساكر ينقل عنه بل استدرك عليه ما أهمله، ولاسيما من أمويي الأندلس (رجال ونساء) فكان هذا المعجم كافياً وافياً في موضوعه، وزاد في قيمته هذه الفهارس التي ألحقها به: فهرس للأعلام بأسمائهم وآخر بكناهم (أبو) و(أم) وثالث بمن عرف بـ (ابن..) وفهرس (للبلاد والأقاليم والطوائف والأمم) وفهرس للأيام بحيث لا يعجزك موضوع من الموضوعات أن تجد موضعه من الكتاب في سهولة ويسر. وحبذا لو أضاف إلى ذلك شجرة لبني أمية الذين ترجم لهم.
ولا يقف بك هذا المعجم عند سرد أسماء أموي وأموية، بل يتجاوز ذلك إلى ذكر حوادث ووقائع ونكت ونوادر وشعر وحكم، تلذذك مطالعتها، وتفيدك عظة وعبرة وحكمة وأدباً وتاريخاً ولغة وتعظم في عينك هذه الأموية العربية الصراخ، وهو يعيد عليك ذكرى بعض فتوحاتها في الشرق والغرب: آسيا، وأفريقيا، وأوروبا. وكتاب مثل هذا، على العرب عامة، والشام خاصة، ومجمع اللغة العربية بخاصة، أن يتلقوه بأحسن ما يُتلقى كتاب في موضوعه، رغبة في اتساع انتشاره، وتحديد طبعه.
أما الدكتور مازن المبارك فلم يكتم - منذ البدء- أنه وقع في حيرة حين أراد الكتاب عن آثار الدكتور المنجد، إذ رأى أنه يصعب حصرها لكثرة عددها وتنوع موضوعاتها، فقد كان المنجد "عالماً مشاركاً" لم يترك ضرباً من ضروب العلم أو الثقافة إلا خاض عبابه وشارك فيه! وكانت آثاره مرآة تعكس الثقافة الواسعة العريضة التي اتصف بها وكانت كما قال عنها –رحمه الله-: "إن مؤلفاتي هي انعكاس لثقافتي؛ أنشأت نفسي أن أكون عالماً مشاركاً في جميع النواحي الثقافية العربية والإسلامية، لذلك تجدون في مؤلفاتي ألواناً من هذه الثقافة." وقد اطلع د. المبارك على غير قائمة من القوائم التي عدد فيها الدارسون والباحثون آثار الدكتور المنجد، فما رأى اتفاقاً بين اثنتين منها! وكثيراً ما ذكرت إحداها ما لم تذكره الأخرى، وأنقصت ما ذكرته! وزادت حيرة المبارك حين أراد إيراد آثار المنجد على وفق ترتيب معين؛ أيتبع ترتيب الآثار بحسب موضوعاتها؛ فتكون عنده المؤلفات التاريخية والأدبية والآثارية والجغرافية والاجتماعية والفقهية والسياسية وغيرها... أم يجعلها مرتبة بحسب تسلسل حروف أسمائها هجائية، ليقف القارئ على الكتاب الذي يريده بحسب الحرف الأول من اسمه أم يرتبها بحسب تسلسل صدورها وتتابعها الزمني التاريخي؟ إنّ الترتيب الأول أسهل على القارئ إذا أراد البحث عن أثر من آثاره، فهو يبحث عن الكتاب تحت عنوان موضوعه، أو بحسب الحرف الأول من عنوانه، وأما الترتيب الثاني فهو أجدى لمن يريد دراسة آثار الدكتور المنجد ومعرفة ثقافته وعقليته في اتساعها، ومعرفة مراحل تطورها وتطوره الفكري. وأخيراً صنف آثاره بحسب التسلسل الهجائي، مقدماً ما كان عنوانه بادئاً بالهمزة ثم ما كان منها بالباء ثم التاء وهكذا.