إشكالية الأنا والآخر.. بقلم: هنادة الحصري

إشكالية الأنا والآخر.. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الأحد، ٦ مارس ٢٠١٦

ما زال الآخر يشكل هاجساً إشكالياً متبايناً، يتساوق هذا الهاجس بردّات فعل وسجالات ونفور يتعلق بالجانب السيكولوجي من هذا الإنسان من دون مراعاة البعد الإنساني.
هذه الجدلية القائمة تكشف بوضوح ثقافة الآخر، وانتصاره لذاته بوصف الذات معادلاً للأنا الحاضرة المحتقنة دوماً، والتي من المفروض أن تعي بعقلانية مبدأ الأنسنة وغاية الإنسان في هذا الوجود.
إن هويتنا الثقافية المهددة هي التي تجعلنا لا نقبل الآخر بل نتصارع على أشياء تافهة، ولهذا يركز علم النفس بنظرياته على اختيار معاركنا choose your battles اختاروا صراعاتكم ولتكن ذات قيمة.
إن العيش باستمرار بصحبة هواجس سلبية ورغبة بإلغاء الاّخر يؤكد فكرة الغرب الحاجة لتبني مبدأ support الدعم، دعم الآخر.
فهناك فريق خاص لدعم مرضى السرطان وهناك فريق لدعم مدمني الكحول، وهناك فريق لدعم المحبطين ومساعدتهم على تجاوز أزماتهم... الخ.
أما نحن فأكثرنا لا يفضل فكرة دعم الآخر بل سلاحنا الغيبة لأن أكثرنا يمتلك الشعور بالنقص والحسد والغيرة وضعف الشخصية وعدم الجرأة على مواجهة المواقف عادة فتقوم بتشويه صورة الآخر الذي نغتابه.
لقد فقدت مجتمعاتنا العربية مفهوم الرحمة لأن كل دافع لا يدخل في منظومة الوعي يتحول إلى قوة مدمرة، ونحن أمة لا نفكر بل نصدر القرارات والأحكام جزافاً مع أن نهجنا الإسلامي يحض على مبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي.
هذا يدفعنا إلى ضرورة تنمية روح الجماعة في الأسرة وإشراك الأطفال في العمل الجماعي وهذا حتماً سيساعدنا في المستقبل على إيجاد دورنا في الحياة بمصاحبة شبكة علاقات اجتماعية.
إن محاولة إلغاء الآخر هي أصل الأزمات.... فكيف يقال هناك أزمة فساد؟!..
أنا أرى أن لدينا أزمة أخلاق فإن صلحت الأخلاق انتهَ الفساد، إن وعينا العربي يمر بمرحلة تحول ومن منظور نقدي يجدر بنا تصحيح مسار هذا الانحراف وفق منهجية واعية تسود فيها ثقافة التلاقي واحترام الرأي والرأي الآخر وكما قال براتراند راسل: الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي ارتكبها غيرنا في حقنا وفي تغذية روح العداء بين الناس.