الشباب عنفوان ... وحكمة..؟!.. بقلم: سامر يحيى

الشباب عنفوان ... وحكمة..؟!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٦ مارس ٢٠١٦

الكائن الحي يحتاج إلى طاقة ليسير، وكذلك الماديات تحتاج إلى الطاقة للتحرّك، والمجتمعات تحتاج إلى القوة التي تجعلها قويّة قادرة على إثبات وجودها في هذا العالم المملوء بالغش والخداع لتحقيق مصالح الدول الاستعمارية على حساب الشعوب ومن حسابها بآنٍ معاً، وطاقة المجتمع من دون شكٍ والمسيّر الأساس لها هي عنفوان الشباب وحكمة الشيوخ، فالشباب هم طاقة المجتمع وعماده وأساس بنائه، والمفترض أن يستمّدوا طاقاتهم من الشيوخ.
بالتأكيد الشباب هم العنصر الوحيد القادر على إنقاذ المجتمعات من بطالتها وتخلّفها، والذي يحافظ على بقاء الدول المتقدّمة، ما زال قادراً على التجدّد والتطوير والإبداع، وتحدي العوائق والعقبات، والاستفادة من المحيط لتنمية المجتمع، مستفيداً من حكمة الشيوخ وخبراتهم، في تطبيق أفكاره وقدراته وطاقاته الكبيرة، وهنا تأتي حساسية المرحلة الجامعية في حياة المجتمعات، لأنّها تؤهل الشباب للدخول في معترك الحياة وربط العلم بالعمل، وتضخ دماً جديداً لسوق العمل، سواءً الخاص أو الحكومي، إضافة لأن زواج الشاب وإنجابه الأطفال سوف يكون له تأثير أيضاً في بنية هذا المجتمع؟ 
إن ما سميّ زوراً وبهتاناً "الربيع العربي" كان الهدف الأساس له هو استثمار عاطفة الشباب وتحويلها من العمل والعطاء والإبداع لتطوير مجتمعاتهم، إلى الصراع فيما بينهم لتدمير مجتمعاتهم بأيديهم تحت شعارات جذّابة وأوهام خادعة، وتحويل التفكير من البناء والإعمار والتطوير العلمي والعملي إلى التفكير في كيفية الانتقام أو تأمين المأكل والمشرب والملبس وتوفير الأمن الذاتي بعيداً عن التفكير المستقبلي الذي بات بحكم المنتهي بالنسبة لهؤلاء الشباب أو مقتصراً على حاجات الإنسان الضرورية الأساسية التي من المفترض أن تؤمنها الحكومة التي تعمل على إدارة موارد الدولة بما يساهم بتأمين حياة كريمة لأبنائها، والحفاظ على سيادتها وتقدّمها، وأهم موارد لأي دولة هي الموارد البشرية، فالشباب هم أفضل استثمار بالنسبة لأي حكومة، وحسن استثمارها هو معيار نجاح الحكومة في بناء الوطن أو فشلها، ما يتطلّب منها دراسة السبل الأفضل من أجل تهيئة جيل الشباب وتوعيته وإشراكه في مناحي الحياة المختلفة، ولا حاجة لمؤسسات جديدة لدمج الشباب بالمجتمع، فتفعيل جدي وحقيقي للمؤسسات القائمة كافٍ لتطوير المجتمع، مستذكرين أن ليس المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة التي تحتاج عنصر الشباب لمكافحة الإرهاب، بل كل المؤسسات الحكومية بحاجة ماسة لجيل الشباب من أجل مكافحة الإرهاب والفساد بآنٍ معاً وتطوير عملية الإنتاج لتكون عوناً لهذا الجيش الذي يقف بوجه أعتى أعداء الإنسانية وداعمي الإرهاب في العالم، وسنداً في نجاحاته التي باتت درساً لكل جيوش العالم، ولذلك نرى أن العديد من الشباب انضمامهم لمؤسسة إدارية أو انتاجية يؤتي ثماره أضعاف وجوده في القطاع العسكري بل قد يكون عبئاً كبيراً على المقاتلين هناك... فليس الجميع بنفس القدرة والإمكانية للقتال في ميدان المعارك الحربية.
إن تأهيل الشباب وتفعيل دورهم هو الأساس والأهم لاستكمال بناء المجتمع، وتقوية دعائمه، وجمعه ما بين الحكمة والمنطق والعنفوان، وما بين النظري والعملي، ما بين الواقع الراهن والأفكار المرسومة في ذهنه، ليتمكن من تحويل التحديات إلى وقائع بناءة، وتحويل الأخطاء إلى نجاحات إيجابية، وبالتالي نكون قد أعددنا جيل قادة قادراً على الحفاظ على المستقبل، واستمرار ضخ دم جديد في مؤسسات الوطن بكافة اختصاصاتها.
نعم إن سوريتنا في هذا الوقت أحوج ما تكون للجمع بين حكمة الشباب وحنكة الشيوخ للتمكن من الخروج سريعاً من الحرب الإرهابية المفروضة عليها، بمحاربة الإرهاب والفساد بأسرع وقتٍ، فالنصر حليف سوريتنا، ودور باقي مؤسسات الحكومة العمل على تسريع هذا النصر، ونسير في ميدان العمل الخدمي والإنتاجي والإداري بخطوة واثقة وسريعة ووطنية، على خطا جيشنا الباسل في ميدان القتال.
قد يتساءل البعض بأنّ من يتمسك بالمناصب من تجاوز سن الشباب، متجاهلاً أن عنصر الشباب موجود في كل مؤسساتنا الحكومية، فعندما يقوم كل منا بدوره، وبالتأكيد هؤلاء الشيوخ كانوا شباباً عندما دخلوا لهذه المؤسسة بل كان عملهم أكثر صعوبة لأنه الكثير منهم كان  له يد في وضع الأسس لبناء هذه المؤسسة، ما يتطلب منا أن نستفيد من آرائهم وخبراتهم لتطويرها بما يتناسب مع طاقاتنا وقدراتنا لإنجاح المؤسسة وتطوير أدائها، والجمع بين حكمة الشيوخ وعنفوان الشباب ولاسيّما:
قيام الحكومة متمثلة بوزاراتها ومؤسساتها كافة من دون استثناء بتفعيل دور الشباب والاستماع لآرائهم ونقاشاتهم في تطوير عمل المؤسسة وما الإمكانية الأفضل من أجل تحقيق إيرادات لهذه المؤسسة سواءً كان خدمية أو إنتاجية بما يصب بمصلحة الوطن.
تفعيل دور المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والاتحادات بتعميق التواصل مع الشباب وإشراكهم في إبداء الآراء تقديم مشاريع عمل حقيقية وتبنيها وإيجاد الوسائل والآليات الفعالة لتحقيق ذلك.
تنشيط عملية دمج الجامعات بسوق العمل وتحويل الأبحاث والدراسات ومشاريع التخرّج لتساهم في عملية التطوير والبناء والإنتاج ودعمها كل مؤسسة ضمن اختصاص المعهد أو الكلية، لتحقيق العائد الأمثل والأنجع لتلك المؤسسة وبالتالي للموازنة العامة للدولة، بما يمكّن المواطن من لمس آثار عملية الإنتاج والعمل الوطني على أرض الواقع بشكلٍ إيجابي وسريع، ولدينا أمثلة كثيرة على نجاح التعاون بين الجامعات وقطاعات العمل، وطلاب كلية طب الأسنان أكبر دليل على ذلك.
بالتأكيد سوف يقول البعض إن بعض الشباب كسول وخانع وغيره من الصفات، وإن بعض الشيوخ أكثر قدرةً ونشاطاً من الشباب، هذا صحيح، ولكن لولا اهتمام هؤلاء الشيوخ بشبابهم وبذلوا الجهد لتطوير نفسهم وذاتهم ووطنهم لما تمكّنوا من الاستمرار والعطاء والإبداع، فمسيرة الشباب لا تتوقّف عند عمرٍ معيّن بل بالقدرة على العطاء والإبداع وتحقيق فائدة للمجتمع.. وهذا هو واجب جيل الشباب السير على خطا الحكماء من الشيوخ بما يساهم ويصب في تطوير العمل الوطني الجاد والبناء، وليكن كل منا جندياً سورياً من موقعه ومن مكانه وضمن إمكانياته وقدراته، معتمداً على المبادئ والثوابت التي نشأ عليها، باذلاً جهده لتطوير أدوات استكمال بناء المجتمع، بما لا يخالف عاداته وتقاليده، ولا يستسلم لها، بل يبذل الجهد بهدوء وحكمة وحنكة، لتغيير السلبي وتطوير الإيجابي لنتمكّن من بناء الوطن، ونرد جزءاً بسيطاً من تضحيات الشهداء ونرد جزءاً من الاحترام والتقدير لهذا الجندي الذي يدافع عن كرامة الوطن وقدسية ترابه.