الدور على دول مجلس التعاون الخليجي.. «بلوه وشربوا ميتو»!.. بقلم: زينب عقيل

الدور على دول مجلس التعاون الخليجي.. «بلوه وشربوا ميتو»!.. بقلم: زينب عقيل

تحليل وآراء

الجمعة، ٤ مارس ٢٠١٦

على هامش اخفاقاتهم في اليمن، عقد الناطق باسم قوات التحالف العربي أحمد العسيري مؤخرًا، مؤتمرأ صحفيًا ليعلق فيه فشل العدوان على شماعة تدخل حزب الله وايران في المنطقة. وليعلن "أن المملكة العربية السعودية ملتزمة بملاحقة وقتل عناصر حزب الله "المخربين" في اليمن والسعودية". وقد ورد في القاموس اللغوي السياسي الأمني الاسرائيلي، مصطلح "مخرب". والترجمة الحرفية له حسب القاموس العبري قوجمان "مدمر، مفسد٬ شيطان٬ وروح شريرة". أما اصطلاحًا فيعني "اباحة دماء هؤلاء دون محاكمة، وهو الحي الميت٬ التافه٬ واللاانسان"٬ كما وصفته صحيفة "اسرائيل اليوم". ومنذ انطلاقة عام 1982، كانت "اسرائيل" ولا زالت تطلق مصطلح "المخربين" على عناصر المقاومة في لبنان وثم فلسطين. وعليه يبدو واضحًا كم تتقاطع المصطلحات بين السعودية و"اسرائيل" وتتطابق، ويمكننا الاستنتاج ايضًا، أن مصطلح "المخرب" الذي اضيف اليه مصطلح "الارهابي" لاحقًا، هدفه طمس كل معاني المقاومة لشخصية المقاومين، وهو البذرة الأولى لاتهام حزب الله بالارهاب.

 كلمةٌ لم يفلح العدو الصهيوني من خلال ممارستها لغةً واصطلاحًا، بإخضاع الروح الثورية لدى المقاومين، فاستعان عليهم بالولايات المتحدة الأميركية.

في العام 1995 أدرجت أمريكا حزب الله على لائحة المنظمات “الإرهابية” متهمةً اياه بالهجوم على السفارة الأمريكية ومقر قيادة مشاة البحرية الأمريكية في لبنان عام 1983 .

فكيف تأثر أداء المقاومة بهذا القرار:

عام 1996 اسرائيل تبدأ عملية "عناقيد الغضب" بهدف معلن وهو نزع سلاح المقاومة، فيخرج الامين العام لحزب الله مساء اليوم الأول من العدوان ليعلن أن معادلة "بيروت مقابل كريات شمونة" مرفوضة. وبعد 16 يومًا أُمطرت فيه المستعمرات بالآلاف من صواريخ الكاتيوشا، انتهت العملية باعتراف دولي بشرعية المقاومة كرّسها "تفاهم نيسان" الدولي.

عام 2000 اسرائيل تنسحب من جنوب لبنان.

عام 2006 اسرائيل تشن حربًا على لبنان والامين العام لحزب الله يعلن معادلة "حيفا وما بعد حيفا" ليتبعها معادلة "بيروت مقابل تل أبيب"، ثم تنتهي الحرب بعد 33 يومًا بفشل الأهداف الاسرائيلية بالقضاء على حزب الله، ومن خلفها الأهداف الأميركية بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عنه وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاميركية حينها كونداليزا رايس، وبتشجيع من المملكة العربية السعودية كما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مؤخرًا.

عام 2009 السيد نصرالله يهدد بمعادلة جديدة "الضاحية الجنوبية مقابل تل أبيب" في حال سولت للعدو نفسه أن يشنّ اي حرب على لبنان.

عام 2013 السيد نصرالله يعلن شعار المرحلة "سنكون حيث يجب أن نكون" مؤكدًا ان "ما بعد عملية القصير ليست كما قبلها".

وبعد ضغوطات مارستها واشنطن و"اسرائيل" على الاتحاد الأوروبي لسنين طويلة بوضع حزب الله على اللائحة السوداء، ورَفَضَها الاتحاد باعتبار " ان القرار قد يثير عدم استقرار في لبنان حيث يشكل حزب الله جزءا من الحكومة ويزيد من التوترات في الشرق الأوسط"، وافق اخيرًا عام 2013 على وضع الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الارهاب، بعد اتهام الحزب بتفجير حافلة في بلغاريا عام 2012. فكيف تأثر حزب الله بهذا القرار:

حزب الله يستبدل شعار "قوة لبنان في ضعفه" الى شعار "قوة لبنان من قوة المقاومة"، ويملأ لبنان بالمقاومة المناسبة قبل أن يملأ التكفيريون الفراغ بالإرهاب.

تتراكم الانجازات الميدانية ما يؤدى الى تراكم القوة ويغدو الحزب لاعبًا اقليميًا قادرًا على تغيير المعادلات. ويكفي مراقبة تصريحات المحللين العسكريين الصهاينة لنرى تقدير العدو لقوة المقاومة، وملاحظة القلق "من تنامي قدرات المقاومة وقدرتها على التصدي على جبهتين والمواجهة على جبهتين".

 

 وفي ظلّ هذا التأثر السلبي نسبيًا –اي نسبة للولايات المتحدة-  نشرت صحيفة "تايمز أوف اسرائيل" العام الماضي التقرير الذي قدمه مدير الاستخبارات جيمس كلابر إلى مجلس الشيوخ الأميركي، حيث رفعت واشنطن طهران وحزب الله من قائمة التحديات الإرهابية التى تواجه الولايات المتحدة الأمريكية. الصحيفة أشارت أن سبب حذف ايران من القائمة سببه "جهودها فى محاربة تنظيم الدولة المعروف إعلاميا باسم تنظيم داعش".

ووفقا للتقارير المماثلة فقد كانت إيران مدرجة فى قسم الإرهاب فى نسخ الأعوام الثلاثة الماضية. خطوة ذهب فيها المحللون الى القول أن "الولايات المتحدة الامريكية غيرت اولوياتها في سوريا من اسقاط النظام الى اسقاط "الدولة الاسلامية".وعلق عليها الاعلامي في قناة الجزيرة فيصل القاسم بالتساؤل " هل ازالت امريكا اسم حزب الله من قائمة الارهاب دون العودة الى اسرائيل؟"

الى ذلك كانت ردات الفعل "الهستيرية" السعودية قد بدأت بالظهور بسبب تحول السياسة الامريكية في المنطقة، وتراكم قوة العدو "اللدود" ايران وحزب الله على حدودها. فبادرت الى فرض عقوبات اقتصادية على افراد من حزب الله و"شركات مرتبطة به"، تميزت اللائحة الاولى أن معظم من شملتهم سبق ووضعتهم الولايات المتحدة على لوائحها بعد خطوة الرفع عن قائمة الارهاب. وقد ورد في الثانية أسماء جديدة،علّقت عليها صحيفة هآرتس بالقول أنه "من المشكوك فيه أن تُلحق هذه العقوبات ضررًا حقيقيًا بشبكة تسلّح حزب الله التي تنتشر في أنحاء العالم، لكنها تعتبر رسالة سياسية مهمة تضاف الى قرار السعودية غير المسبوق منذ عشرة أيام وقف المساعدة الاقتصادية لحكومة لبنان".

أما في آخر التصنيفات ، فقد جاء على شكل إعلان قدمه السعودي مكرمة لـ"اسرائيل"، حين قرر مجلس التعاون الخليجي "اعتبار حزب الله بكافة قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه منظمة إرهابية". والجدير ذكره ان "العاشقان" لم يكترثا يومًا للنميمة. حيث أتت خطوة الدول الخليجية بعدما كشف عن زيارات لوفود اسرائيلية مفضوحة للسعودية، أعلن عنها عبر القناة العاشرة العبرية، التي وضعتها "ضمن سلسلة زيارات مماثلة للمملكة في الفترة الأخيرة".

 أما خلاصة المقال، أن الامين العام لحزب الله  كان قد أكد للاوروبيين عقب تصنيف الحزب ارهابيًا على لائحتهم السوداء "انكم لن تحصلوا من هذا القرار الا على الفشل والخيبة" وكان قد أوعز الى أولئك المكرّسون بأنهم "قوى عالمية" أن "هذا القرار بلّوه واشربو ميتو". فشربوا مياهه انتصارات وانجازات كما أسلفنا في المعطيات، فماذا سيشرب مجلس التعاون الخليجي "العاجز" من مياه هذا القرارالذي أثبت بالتجربة أنه سحر ينقلب على الساحر بعد أن يشربه؟