بعد توقف الأعمال القتالية .. هل هي فرصة للمصالحة؟.. بقلم: سامر ضاحي

بعد توقف الأعمال القتالية .. هل هي فرصة للمصالحة؟.. بقلم: سامر ضاحي

تحليل وآراء

الخميس، ٣ مارس ٢٠١٦

هذا السؤال هو هاجس السوريين اليومي مع استمرار صمود قرار إيقاف الأعمال القتالية بين الجيش والجماعات المسلحة غير المحسوبة على التنظيمات الإرهابية وهم يجربون الحياة من دون أزيز الرصاص ودوي الانفجارات وتكبيرات الموت، وإن لم تكن بعض المناطق لم تخلُ من واحدة هنا وأخرى هناك ما زالت تحت السيطرة، وبالتالي هي فرصة للوقوف مطولاً مع الذات ومقارنة حياة المواطنين المدنية مع حياة الحرب وتعود للسطح مسألة المصالحات التي نسمع عنها بين الفينة والأخرى كفرصة لتوفير عناء الحرب وعودة المسلحين إلى جادة الصواب خاصة إذا ارتبطت بشروط موضوعية كافية.
مبدأ المصالحة بحد ذاته يشكل قيمة إنسانية عليا قبل أن تكون سياسية، وبعد مرور خمسة أعوام عاش خلالها السوريون ما عاشوه من معاناة وشظف للعيش سببتها مفرزات الأزمة حتى لمن يقطنون وسط المناطق التي تعتبر الأشد أمناً وأماناً، ولا يغيب عن أحد أن للمصالحة ارتداداتها الإيجابية في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية فما بالك في مجتمع متشرذم كسته الحرب غصباً أو طواعية رداء السواد.
في المصالحة وقف للعنف، وقف للقتل، وقف للتشرد، وفي المصالحة عودة للمغيبين وعفو حتى عن المجرمين وللمصالحة أيضاً دلالاتها السياسية.
فمن المعلوم أن من يضطلع بالمصالحات التي جرى العديد منها في سورية بالدرجة الأولى بعد من يسميهم الإعلام «جهات مختصة» هم وجهاء المناطق الذين يقومون بدور حقيقي ومسؤول بعيداً عن آخرين ينتهي دورهم بصور تعلق على الجدران تدعونا لانتخاب هذا أو ذاك بزعم أنه مرشح مستقل وصوت للشعب وللفقراء ومتراس ضد الفساد والظلم لإنتاج مجلس شعب يكاد يجمع السوريون قبل غيرهم أنه هرم وبحاجة لتجديد شبابه ليس بأعضائه الحاليين أو الجدد بل بآليات عمل وصلاحيات ترقى إلى تسميته، قبيل الانتخابات في الثالث عشر من الشهر القادم.
إن وقف الأعمال القتالية وما يجري من استعدادات لإجراء انتخابات نيابية يدفعنا لدعوة أصحاب ربطات العنق إلى خلعها والانخراط بالعمل الميداني الجاد ولا يخفى أن لدى الكثيرين من هؤلاء علاقات اجتماعية وأسرية كافية لعقد مصالحات على امتداد الجغرافيا السياسية لسورية تؤدي إلى تعرية الإرهابيين عن المناطق التي يغتصبونها، ما يعطي مصداقية لهؤلاء المرشحين ويدفعهم لإيجاد حواضن شعبية بعيداً عن شاشات التلفزة وأوراق الصحف، ويتيح الإسراع بحل الأزمة.
نعم نستطيع نحن السوريين الانطلاق من المصالحة لإحداث تغييرات جذرية في بنية المجتمع والنظام السياسي القائم لطالما كان التغيير في المجتمعات المتطورة قاعدياً، تزامناً مع انتخابات تشريعية ومباحثات جنيف 3 بين الحكومة والمعارضة ومقررات مؤتمر ميونيخ لمجموعة الدعم الدولية بشأن سورية التي أفرزت وقف القتال ما يمنح الجميع من مواطنين وفاعلين من المجتمع الأهلي قبل أعضاء مجلس الشعب فرصة للعمل السياسي الصحيح ويخلق بذرة للمشاركة السياسية التي لا تزال ضعيفة للغاية، إن لم تكن مفقودة في مجتمعنا بصورتها الحقيقية، ولا سيما مع تصاعد الحديث الإعلامي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وتسريبات من هنا وهناك عن شكل جديد للحكم في سورية، ودعوات إلى المسلحين لتسليم سلاحهم وتشجيع المصالحات ووصل الأمر إلى رسائل عبر الهواتف المحمولة تصل يومياً إلى المواطنين تحثهم على ذلك.