عمى الألوان في دبلوماسية الموت!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

عمى الألوان في دبلوماسية الموت!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٤ فبراير ٢٠١٦

ليس مفاجئاً في عالم غير مثالي، يتحرك بحسب معايير الداروينية الاجتماعية كبيئة فوضوية حاضنة، أن تسير منظمات ومجموعات دولية، حقوقية وإنسانية باتجاه الخصخصة، لتصبح أذرعة تحت التصرف، وهو ما يعرفه جيداً الأمين العام للأمم المتحدة، وتعاني من آثاره شعوب في العالم تضعها تلك المعايير في أسفل القائمة!؟
أليست أميركا هي من أطلق، بذريعة أحداث أيلول الملتبسة، شعارات استخدام القوة الوقائي، والتدخل في شؤون داخلية لدول مستقلة ذات سيادة، وتقسيم العالم الى أخبار وأشرار، وإرهاب جيد وإرهاب سيئ، لغزو أفغانستان والعراق، ودعم ما يعرف بالثورات الملونة في أوكرانيا ودول عربية، وتدير الحرب على سورية عملياً منذ خمس سنوات!!
وهل من أحد يمتلك الحدود الدنيا من العقل وبراءة التفكير لا يدرك كيف تمت فبركة مشكلة اللاجئين السوريين ولماذا يجري التداول بها وفق دبلوماسية الموت في سوق نخاسة لكسر إرادة السوريين والنيل من مقومات صمودهم ومصادر انتصاراتهم بعد فشل الحصار وتبعثر الإجراءات العقابية القسرية!؟
لعله من حق المواطن السوري، وهو يواجه عصف خمس سنوات من الإرهاب الدولي المنظم والمبرمج، أن يستعيد في ذهنه شعارات دبلوماسية الموت للحرب الباردة مثل "ميت أفضل من أحمر، وادفع دولاراً تقتل عربياً، وشعب بلا أرض لأرض بلا شعب، ثم يسمع جبير بني سعود، الوكيل الدولي للإرهابيين، وهو يحدث عن الإرهاب بالطريقة الأميركية، ويضع السفاح العثماني أردوغان الأراضي السورية والأكراد السوريين ذريعة لإخفاء أجندته العثمانية، في دعم الإرهابيين وشعاراً لتغطية عمى الألوان السياسي الذي أصاب البعض.
منطقياً، فإنه ليس أشد سوءاً من فرضية حسن الظن بالآخر، في حال كهذه، لأنها ساذجة ومغلوطة، ومقدمة تسفر عن نتائج كارثية.
تقول الوثائق، إنه في 8 كانون أول 1941 استدعت الخارجية البريطانية السفير الياباني في لندن، ليلتقي ونيستون تشرشل الذي أبلغه أن بريطانيا أعلنت الحرب على اليابان وسلمه رسالة بهذا الصدد تنتهي بعبارة تقول "وإنه ليشرفني مع أكيد تقديري سيدي أن أكون خادمك المطيع".
وحينما نوقش تشرشل حول هذه الصياغة قال: "لا يكلف شيئاً أن تكون مهذباً مع شخص تريد قتله"!؟
كم هو كارثي ومن دون حساب حين تأتي اعترافات أصحاب دبلوماسية الموت في نهاية مهماتهم وخارج وظائفهم ولعل المثال الأقرب وزير خارجية أميركا الأسبق كولن باول حين أعلن أنه كان يكذب فيما يتعلق بأسلحة العراق النووية.
لكن الكذبة وقعت والكارثة حصلت ودبلوماسية الموت مستمرة حتى الآن، مع بعض التعديل بالشعارات المعلنة والأدوات المستخدمة، ولو تفحصنا دور الصهيوني الفرنسي هنري ليفي في شعار "الربيع العربي" الملغوم، وديمقراطية بني سعود في اليمن للقضاء على آخر يمني وطني، وشعار "هيئة الحكم الانتقالي" الذي أراده أعداء سورية بمن فيهم من عملاء ومرتزقة، من أجل أن يقتل السوريون بعضهم، لأدرك العاقل والجاهل أن دبلوماسية الموت منهج عمل واستراتيجية تبدل أدواتها كما تبدل الأفعى جلدها، ولن تفقد من ينام في غرفتها، فليس هناك أشجع من الحصان الأعمى.
إنه في زمن ضجيج الأعلام وتزوير الحقائق، تصبح الأخلاق ترفاً لا يحتمل مثلما تصبح الاتفاقات الدولية إعلانية، ما يعني أن الوعي المبكر ضرورة، وأن المصالح والأهداف الوطنية مسؤولية والدفاع عنها حق دونه الشهادة، ولقد جاء في الآية الكريمة: "وإما تخافن من قوم خيانة، فانبذ إليهم على سواء، إنَّ الله لا يحب الخائنين".