اللغة العربية والعلوم.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي

اللغة العربية والعلوم.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي

تحليل وآراء

الجمعة، ٥ فبراير ٢٠١٦

   هذا العنوان "اللغة العربية والعلوم" مأخوذ من محاضرة قدمها الباحث د. موفق دعبول في مجمع اللغة العربية بمناسبة "يوم الاحتفال العالمي باللغة العربية"؛ فقد غدت هذه اللغة منذ الثامن عشر من شهر كانون الأول لعام 1975 ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة ولجانها الرسمية، وصار الثامن عشر من كانون الأول من كل عام عيداً لها. وفي هذا العام الشحيح بالبروق والرعود الفني بالقذائف والمقذوفات، تم الاحتفال بيوم اللغة هذا ظهر يوم الأربعاء الواقع بتاريخ 20/01/2016 في قاعة محاضرات المجمع، حيث أخبرنا د. دعبول أن الحديث عن علاقة اللغة العربية بالعلوم هو حديث قديم وتناولته بحوث كثيرة، وكُتبت عنه مقالات كثيرة، ومازال هناك من يدافع عن قدرة اللغة العربية على استيعاب العلوم وعن أهلية هذه اللغة في التدريس الجامعي، وفي التواصل مع منتجي الاكتشافات العلمية، وبالوقت ذاته مازال هناك من يؤكد أن طريقنا إلى اللحاق بموكب الحضارة هو اللجوء إلى لغة أجنبية حية كاللغة الإنكليزية مثلاً.
   وإذا قصرنا اهتمامنا على المدة الزمنية التي تبدأ منذ محمد علي باشا الكبير وإلى زمننا الحالي، وجدنا أن الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع ما زالت هي هي، لم يطرأ عليها سوى بعض التعديلات البسيطة، ولعل أهم هذه الأسئلة هو:
هل تستطيع اللغة العربية أن تتجاوب مع التطورات العلمية السريعة، وأن تستوعب المصطلحات الغزيرة التي تولد يومياً مع تطور العلوم؟
هل اللغة العربية صالحة للتدريس عموماً وللجامعي خصوصاً؟
هل اللغة العربية قادرة على أن تفرض نفسها لغة عالمية؟
هل نبقي الحروف العربية على ما هي عليه، أم نسلك سبيل تركيا ونستعمل الحروف اللاتينية بدلاً من الحروف العربية؟
هل ما نعانيه من تخلفنا المرتبط بهذا الموضوع هو علة في اللغة أم هو علة في أبناء الأمة العربية؟
سأستعرض في بحثي هذا بعض المعالم الرئيسية لهذا الموضوع مشيراً منذ البدء، إلى أنَّ جل ما كتب حول هذا الموضوع لم يفلح في معالجة الموضوع، ولم يعط الثمار المرجوة، ولعل ذلك يعود إلى معالجة المشكلة على أنها معزولة عن بقية مشاكلنا الأخرى المتعلقة باقتصادنا وطرائق تواصلنا ومشاركتنا في التطور العالمي.
سأبدأ موضوعي مذكراً بأقوال البعض: من يدافع، ومنهم من يهاجم.
1.    يصر عبد العزيز فهمي عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة على ضرورة العدول عن الحروف العربية، ولصعوبة كتابتها، وإلى حروف لاتينية لسهولتها ومرونتها، وإلى الاستغناء عن ضبط الحروف والكلمات بالشكل.
2.    يرى أمين الشميل أنَّ نترك اللغة جانباً، لأن إحياءها بعد موتها أمر معجز غير مأمون العواقب فضلاً عن كونه غير مجد من الناحيتين المادية والعلمية على السواء، وخاصة فيما يتعلق بتدريس العلوم الحديثة والتأليف فيها.. بل إن التعلق باللغة العربية كلام فارغ وليس من الوطنية في شيء، إذ الوطنية قائمة في المعاني لا في الألفاظ.
3.    يقول سلامة موسى: والواقع، إنَّ اقتراح الخط اللاتيني هو وثبة للمستقبل، وإنَّ الذين يتعلقون بالعربية الفصحى جهلة وحمقى.
ومن جهة أخرى، فإن هناك أصواتاً أخرى تنكر ما أفصح عنه المشككون، وتبرهن على حيوية اللغة العربية وعلى أنها لغة فكر كما هي لغة أدب، وأنها قادرة على استيعاب العلوم بفروعها المختلفة، وعلى الإفصاح عمَّا يخطر بالبال ويخالج الضمير بوضوح.
وأنا بدوري أضيف إلى أسئلة د. دعبول أسئلة متابعة هي: لم يتحدث في المحافل الدولية من في لغته القومية 50% من العربية، بلغة "الشيطان الأكبر" ولا يتحدث بالعربية، وهي لغة معتمدة في تلك المحافل؟.. ثمَّ ماذا نقول في نزوع أبنائها "الأبرار" للإساءة إليها في نزوعهم إلى التفرنج؟!.