هل تمهّد واشنطن للتحالف مع موسكو؟!

هل تمهّد واشنطن للتحالف مع موسكو؟!

تحليل وآراء

الخميس، ٤ فبراير ٢٠١٦

 باسمة حامد

تزامناً مع انعقاد الاجتماع الوزاري الثالث لتحالف واشنطن في روما، أكد وزير الخارجية الأميركي في مؤتمر صحفي أن دحر تنظيم «داعش» مرهون بحل «الأزمة السورية»، وكان لافتاً أن تصريحاته تضمنت اعترافاً صريحاً بما يحققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الميدان.
فالمعركة مع التنظيم الإرهابي- حسب جون كيري-: «لا يمكن حسمها إلا من خلال القوات التي تقاتل على الأرض»، وهي مواجهة: «ستطول وتتطلب التزامات وجهوداً دائمة من كل دولة»، وبناءً على هذه الرؤية، باتت دول التحالف ملزمة «بعمل دؤوب» كي لا يُعطى أي فسحة «لداعش ليقوم بإعادة ترتيب صفوفه».
في هذا السياق، لا بد من التساؤل عمّا إذا كانت واشنطن تمهّد لنشوء تحالفات جديدة بالمنطقة هدفها التلاقي مع محور موسكو، وخصوصاً أن عملية جنيف 3 قد تستغرق أكثر من ستة أشهر وفق مسؤول روسي.
فبالنظر إلى واقع المعارك التي تخوضها الدولة السورية بخط تصاعدي متسارع منذ الثلاثين من شهر أيلول المنصرم.. من الممكن القول: إن ستة الأشهر القادمة هي مدة زمنية كافية للمحور الروسي لتوسيع رقعة الحسم العسكري وتحقيق المزيد من التقدم في جبهات مختلفة، ما يعني أن مشكلة «داعش» ستتحول عملياً إلى مشكلة فعلية للآخرين (البيان الختامي لاجتماع روما اعترف بفقدان داعش لنحو 40% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وأشار إلى خسارته الملموسة في سورية).
ومؤكد أن محاولة أردوغان لقاء الرئيس بوتين بحجة أن: «طائرة روسية انتهكت المجال الجوي التركي» هي انعكاس لهذا الواقع، فالكثير من الجماعات الإرهابية (بالذات في محافظتي حلب واللاذقية) إما تسلم نفسها للجيش العربي السوري أو تهرب مع عائلاتها إلى الأراضي التركية على خلفية نجاح القوات السورية بتقطيع أوصالها وإغلاق طرق إمدادها.
وفي الواقع، ليس من المستبعد أن تشهد المرحلة القادمة تغييرات في إستراتيجية تحالف واشنطن لملاقاة الجهود الروسية الجادة في هذا المجال. وربما لن يبقى هذا الاحتمال افتراضياً لوقت طويل في ضوء ما يلي:
1- الدعوات المتزايدة لمسؤولين غربيين (منهم وزير الدفاع اليوناني) الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب «العدو المشترك»، وإيجاد الحلول الضرورية لأزمة الهجرة التي تجتاح العالم.
2- تأكيد الغرب أن دحر «داعش» يرتبط بالإجراءات السياسية الجارية حول التسوية في سورية والدعم التام للحكومة العراقية وحكومة الوحدة الوطنية الليبية.
3- تناول الإعلام الغربي لمسألة استعداد الدول الأوروبية التحالف مع الرئيس الأسد ضد «داعش».
فالتنظيم يواجه صعوبات وجودية في سورية والعراق إلا أنه يتكيف سريعاً مع الظروف، وكجزء من هذا التكيف بدأ يصوّب أنظاره نحو أوروبا القلقة من تداعيات سيطرة «القتلة واللصوص والمهربين» على مصادر الثروة النفطية في ليبيا وتعاظم نفوذهم في إفريقيا. وثمة توقعات بتطور الوضع الأمني داخل ليبيا نحو الأسوأ (معبر رأس جدير على الحدود بين تونس وليبيا يشهد ارتفاعاً بعدد الوافدين من العائلات الليبية إلى الأراضي التونسية)..
وربطاً بما قاله وزير الخارجية الروسي لافروف قبل أيام عن ضرورة تنسيق الجهود وتوحيدها بين التحالفات القائمة للقضاء على الإرهاب، وحالة الإصرار الأميركي الأوروبي على إبقاء المسار السياسي حاضراً في الملف السوري رغم المحاولات المبذولة من (معارضة الرياض) ومشغليها لتقويضه.. قد لا يكون أمام تحالف واشنطن الدولي إلا التكيف مع هذه المستجدات في النصف الثاني من العام الجاري