حلم وأمل.. وأشياء أخرى!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

حلم وأمل.. وأشياء أخرى!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٩ يناير ٢٠١٦

لا تلوموا عاشقاً يندب حظه العاثر بفقد الحبيبة في لحظة عاصفة، فأصبح الدمع يسكن قلبه وعينيه، ثم يمضي بقية أيامه بلياليها، يبحث في حلم يتخبط داخل فكره وخيالاته عن أمل يعيد الحبيبة، والطريق مسدود.
و:لا عاشقة ضاع منها الحبيب وبقي الحلم يغزو حياتها بعودة الماء المسفوح، والأمل يتطاول في داخلها ويتراءى أمام عينيها، فلا تترك فنجان قهوة إلا "طبّته" ولا قارئ كف إلا قصدته ولا بصارة إلا لجأت إليها، لتسبح في مغازات الحلم ورموزه مع إشارة الأمل وأشياء أخرى غائبة أو مفقودة وليس من سبيل إليها.
ثم هل يمكن لأحد أن يلوم أماً أو أباً أو ابناً وأختاً وزوجة، انهمرت الدموع من عينيه حتى جفت المآقي، وحفرت عميقاً في الخدين، من حرقة على فقد من أحبوا، وبنوا على الحب أحلاماً سكنت القلوب، غلفتها آمال، تبعثرت فأضحت سراباً بعد حين!؟
لعل هذا التاريخ يميز شخصية كل منا، عن شخصيات الآخرين، وإذا أردنا أن نحبب أنفسنا إلى شخص آخر، أطلعناه على تاريخ حياتنا، أو طلبنا منه أن يروي لنا قصة حياته، وإذا استجاب وفعل فإنه يؤلف شخصية تنوب في أحيان كثيرة عن تلك الشخصية العدمية التي عزلها الألم واعتزلت الحياة المنفتحة إلى المستقبل، أليس صحيحاً أن غداً يحمل في ثناياه الحاضر والماضي، سواء أكنا أفراداً أم مجتمعاً نشكل الغيرية فيه عنواناً والأمل رصيد إرادة البناء.
والسؤال، هل يكون اليوم التالي، من دون حلم وأمل وأشياء أخرى تصنعها إرادتنا لتحقيق ما نصبو إليه!؟ المسألة ليست نصائح نطلقها من تحت ركام الأزمة التي عشنا سنواتها الصعبة، بقدر ما يعني البحث عن سبل تظهير إرادتنا الواعية بفعل إبداعي، لنفوس يعمرها حب متجدد وبإرادة محصنة بدماء من نحب وتضحيات من أعطى ووهب.
فالحلم وحده سراب سرعان ما يغيب، والأمل من دون مقومات ومقدمات له في دواخلنا يتحول إلى عجز يحاصرنا، ويظل شاشة بيضاء إن لم نكتب عليها ما نريد من أشياء تمنحنا الطمأنينة والثقة في مستقبل نريده.
وعليه، فإنه لا غرابة بأن الفاسد مهما كان محله في المجتمع، يظل يحلم بأن يكون يوم غد أشد فحشاً وأكثر ظلماً للآخر مهما كان قريباً أو بعيداً.
ثم من قال بأن المنافقين بالسياسة والأخلاق وبائعي الأوطان ليست لهم الأحلام والآمال التي يبنون تفاصيلها على وأد المحبة وتشتيت الأهل والأصحاب وتدمير المجتمع وقتل الآخر من دون رادع من ضمير أو قيم دنيوية ودينية!؟
فلنحتفل كل يوم بقيمة الرموز التي ترسلها دموعنا وآلامنا، ولنوطد الآمال على قواعد شجاعة الاقتحام، ولنعزز الثقة بأشياء أخرى كثيرة جوهرها حب الوطن وتعظيم فعل الاستشهاد في سبيله، فهي الطريق الناجعة التي يرفع بيارق انتصارها رجال الحق في الميدان.