تزاحم الأفكار وانعدام الاختيار.. بقلم: سامر يحيى

تزاحم الأفكار وانعدام الاختيار.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٥

فتىً لا يتجاوز عمره الخامسة عشر، يتكلّم عن محاربة الفساد، ويعطي حلولاً وأفكاراً للتخلّص منه.. كما أنّ حديث الشارع الفساد وإيجاد الحلول له كل حسب وجهة نظره، والكثير في سدّة المسؤولية، يناقش ويقرر وينتقد... ولكن لا أحّد ينفّذ.....؟؟؟!!!
هذه سمة التصقت بالمواطن العربي السوري، الذي بات معروفاً بكل مكان "حربوق" أو مسيّس أو يعرف كل شيء ..... وللأسف قيل بأنّه عندما تريد إنجاح عمل فوكّل عليه سوري، وإن أردت إفشاله فوكّل عليه عدّة سوريين، هذه التناقضات، وهذه الأفكار لدى المواطن العربي السوري يا ترى مسؤولية من، وواجب من تجميعها وترتيبها ودراستها للوصول لنتيجة تصب بمصلحة المجتمع والوطن..... بالتأكيد الجواب ليس صعباً ولا مستحيلاً، ففي الجمهورية العربية السورية كل اختصاص لديه مؤسسة أو أكثر مسؤولة عنه إدارياً وتنفيذياً وإلى ما هنالك بغض النظر عن تسمية هذه المؤسسة، والكل يشكو من انعدام التنفيذ، والبعض يسير في عمله، وكأنّما الأمور طبيعية دون أن يعير اهتماماً أن سوريتنا تمر بمرحلة استنزاف تتطلّب بذل الجهد، بدلاً من التسويف والتأخير أو السير بخطى روتينية رتيبة، بانتظار تطهير الجيش العربي السوري لربوع سوريتنا من رجس الإرهاب، وإعادة الأمن والاستقرار إليها، بدعمٍ وموقفٍ قوي من القيادة السياسية التي لم ولن تفرّط بالثوابت والمبادئ التي قامت عليها سوريتنا، والتي لن تقبل إلا أن تكون الند للند لجميع دول العالم، عدا الكيان الصهيوني الغاصب...
يا ترى هل عجزت كل تلك المؤسسات بموظّفيها وتوزّعها في كامل أصقاع سوريتنا عن القيام بدورها بانتظار جهود مؤسستين أو ثلاث.؟!؟؟ هل عجزنا عن تفعيل دور تلك المؤسسات الموجودة للسير على خطٍ متوازٍ مع جهود الجيش العربي السوري والقيادة السياسية للوصول بسوريتنا إلى برٍ الأمان وإعادة الإعمار والاستقرار بآنٍ معاً... وتكون عوناً للخط الأول لا عبئاً عليه...؟؟!!
هذه الظروف نحن أحوج ما نكون فيها لقيام كل منا لمحاسبة نفسه والقيام بدوره، وعدم تحميل الظروف المسؤولية، فالمؤامرة الخارجية لها من يقف بوجهها، ونحن يجب أن يقوم كل منا بدوره، لا سيّما أننا مؤطّرون بشكلٍ أو آخر ضمن منظمات ونقابات وهيئات وأحزاب، ولدينا مراكز وهيئات مختلفة الاختصاصات المفترض أنّها تساعد صانع القرار، عدا عن مراكز ومديريات للأبحاث والدراسات والتخطيط بغض النظر عن التسمية التي تطلقها كل مؤسسة.. لكن غالباً ما يكون دورها تنظيري ثانوي، وبعضها مجرّد ناقل للخبر، أو بانتظار أوامر للقيام بدوره، غير مستعدٍ لبذل الجهد وإيجاد مقترحات وابتكار خطوات تساهم بالتغلّب على التحديّات والصعوبات، فسوريتنا لا تقارن بغيرها، ولا بأي ناحية كانت، فقط تستفيد من خبرات الآخرين بما يتناسب مع مكانتها وإمكاناتها..
ـ أليس جديراً بتلك المؤسسات الاستماع للرأي العام وعدم تجاهل الأفكار التي يتناقش بها ويقدّمها، بل العمل على إعادة صياغتها وبلورتها في ضوء المعلومات والمدخلات المتوفّرة لدى كل مؤسسة، ليلمس هذا المواطن نتائج ذلك على أرض الواقع على المدى الآني وكذلك الاستراتيجي بعيد المدى بآنٍ معاً..
ـ هل توجد صعوبةً في إيجاد شخصية تتكلّم باسمها بشكلٍ مستمر تكون صلة الوصل بينها وبين المواطن، تنقل له المعلومة وتقييم آراء الشارع بهذه المعلومة...بعيداً عن الكلام التنظيري الذي يوسّع الفجوة بين المواطن والإعلام، وبين المواطن والحكومة، وإن دغدغ البعض مشاعر الناس لفترةٍ مؤقتة، ويولّد ردّة فعل سلبية حتى من مؤيديه على المدى الطويل..
ـ هل عجزت مؤسساتنا بكافة اختصاصاتها عن إيجاد آلية عملٍ حقيقية لجسر الهوة بين المواطن وهذه المؤسسة ووضعه بالمعطيات والظروف الحقيقية.
ـ في ظلّ نجاح السياسة الخارجية السورية، هل عجزت عن تحقيق نجاحٍ بناءٍ في وصل المواطن بوطنه، عبر تفعيل دور السفارات، وإحصائهم ضمن اختصاصاتهم وعملهم، لا سيّما بعد انتشار ظاهرة اللجوء.. لا حصر دورها على تسيير المعاملات القنصلية الروتينية..
ـ ألا يمكن إيجاد آلية وطنية لرفع التوصيات وخلاصة الأفكار التي تقوم بها المؤسسات صاحبة الاختصاص وتوسيع إطار النقاش والحوار مستندةً لمعطيات حقيقية ومنطقية وإيجابية، بعيدةً عن التنظير والربح الوهمي، ويسهل على صاحب القرار بكل مؤسسة، وبالتالي مجلس الوزراء اتخاذ القرار المناسب والقابل للتطبيق على أرض الواقع..
ـ وبالرغم من وجود السلطة التشريعية الممثلة لكافّة فئات الشعب، لكنّها الآن باتت بحاجة ماسة لإطار عملٍ يساعدها ويقدّم لها المعلومات والأفكار، التي يجب أن تدرسها وتحيلها للجهات صاحبة الاختصاص، ولدينا تجربة رغم قصرها، لكنهّا أثبتت إيجابيتها، وهي "هيئة الحوار الوطني2011" التي من خلال مؤتمرها التشاوري للتحضير للمؤتمر الوطني الشامل، كانت جامعةً لكافة أوردة الشعب العربي السوري وانتماءاته واختصاصاته، وقدمت الأفكار والاقتراحات ومشروعات قرارات وقوانين وآليات عملٍ قابلةً للتطبيق على أرض الواقع، لكنّها لقيت رفضاً من مدّعي الحرية وطالبي الكرامة للشعب السوري، مستغلين أخطاءً هنا وهناك، وضعاف نفوسٍ، ومطالب محقّة، وقامت تلك الجهات بدعم الإرهاب بكافّة أشكاله العسكري والاقتصادي والفكري ... إلى ما هنالك من أشكالٍ للإرهاب .. مترافقٍ مع تضليل إعلامي متقن وواسع الانتشار..
إننا أحوج ما نكون بهذه الأيام ونحن في عام جديد مبشرٍ بنصر على الإرهاب وعودة الأمن والأمان لسوريتنا، أن نكون قد تعلّمنا الدرس جيداً، بأ نعمل معاً كل ضمن إمكانياته وجهده ودوره، لصناعة الفكرة وتطويرها وإيجاد الأرضية المناسبة للوصول إلى الهدف المنشود.... وباعتبار أن كافة المؤسسات قائمةً على أرض الواقع، وأن السوريين قادرون على قيادة مستقبلهم بأيديهم، ولا يمكن لأي كان فرض أرائه عليه، فالآخر دوره تقديم المساعدة في إطارٍ وطني وضمن المبادئ والثوابت السورية، بالمساعدة بالتخلّص من الإرهاب، وتجفيف منابعه، وأما نحن فعلينا العمل يداً واحدةً لتفادي المزيد من الاستنزاف لوطننا، وقطع الطريق على الإرهاب وداعميه، عبر تضييق فجوة تسلّله، ونسير بخطىً متوازية بين تطهير أرض سوريتنا من رجس الإرهاب، وتحقيق متطلبات أبناء سوريتنا، والعمل على الخروج بمستقبل سوري مزدهر كما نأمل ونتمنى، لنعطي الدرس للآخر... بصمود سوريتنا ووصولها لبرّ الأمان....