كيف تجاوزت المسيحية واليهودية عقدة العهد القديم والتوراة.. بقلم: كميل العيد

كيف تجاوزت المسيحية واليهودية عقدة العهد القديم والتوراة.. بقلم: كميل العيد

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢ ديسمبر ٢٠١٥

العهد القديم هو الجزء الأكبر من الكتاب المقدس عند المسيحيين بمختلف طوائفهم ويحتوي على جميع كتب اليهود بما فيها التوراة. والهدف من هذه المقالة ليس النبش في الاختلافات بين الطوائف في ترتيب أو قانونية بعض الأجزاء، ولا في مناقشة التفسيرات المختلفة للكثير من الآيات والتعاليم الواردة في العهد القديم والتوراة، وإنما الغاية محاولة فهم كيف تمكنت المسيحية واليهودية من تجاوز عقدة تلك التعاليم التي لم تعد تتماشى مع روح العصر رغم محاولات كبار الكهنة واللاهوتيين إيجاد تفسيرات عصرية للكثير من الآيات تتماشى مع ما وصلت إليه البشرية من السمو بالإنسان وتحريم قتله وإعطائه كافة حقوقه التي شرعتها مبادئ حقوق الإنسان.
العهد القديم والتوراة تؤكد أن في اليهودية قتلاً، وهناك نصوص تزعم أن الله يأمر بقتل الرجال والنساء والأطفال، كقول الرب لموسى:
 ((.. 17 فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأطفال، وَاقْتُلُوا أيضاً كُلَّ امْرَأَةٍ ضَاجَعَتْ رَجُلاً،... 18 وَلَكِنِ اسْتَحْيَوْا لَكُمْ كُلَّ عَذْرَاءَ لَمْ تُضَاجِعْ رَجُلاً.”))

كل تفسيرات كبار اللاهوتيين والكهنة لم تفلح في قطع الشك باليقين عند الكثير من البشر بسمو مثل هذه التعاليم، وأنا لا أريد أن أناقش كتباً دينية أخرى تحمل معاني مشابهة لما ورد في العهد القديم من الكتاب المقدس. ولكن ما تتناساه أغلبية العوام ولا سيما المسلمين منهم أن العهد القديم أصبح اليوم كتاباً تراثياً عند المسيحيين واليهود وهو موضوع على الرفوف لا قوة تشريعية له ولا أي تأثير لما ورد في نصوصه من قتل وما شابه. بل إن التشريع المدني هو الأساس الذي يناسب الإنسان العصري وعلاقة الشعوب مع بعضها من مختلف المعتقدات والأجناس والألوان، لا أفضلية لمسيحي أو يهودي في القوانين والدساتير على أي كائن مهما كان. فكتاب العهد القديم لا يلزم ما ورد فيه من خمسة آلاف سنة شعباً عصرياً يسن قوانينه حسب حاجات شعبه وحسب حاجات الشعوب الأخرى المتعاملة معه بالتوافق، وحتى في الكيان الصهيوني والذي يسعى للحصول على اعتراف العالم بيهودية دولته نجد أن كافة القوانين مدنية وغير مستوحاة من تعاليم التوراة.
 لقد آن الأوان لبعث الدولة العصرية في العالم العربي ولسن القوانين المدنية واعتبار المختلف عليه إسلامياً وعالمياً من الأحاديث وغيرها جزءاً من التراث التاريخي له مكانته على الرفوف نتناوله للاستفادة من تجاربه لا أكثر. وإذا ما استمر العالم الإسلامي في نبش الماضي وإسقاطه على الحاضر فستكون مهلكته، وأستسمح المفكر الدكتور نبيل طعمة بأن أستعير من مقالته الحوارية والتي كانت بعنوان فصل الدين عن الدولة ما جاء فيها على لسان أستاذ ألماني:
 >>.. أنتم المسلمون بما تقومون به من أعمال إرهابية بحق أنفسكم أولاً، وبحق العالم أجمع ثانياً، تستنهضون الإرث الديني النائم في أحضان علمانيتنا، وتحت إشراف مؤسساتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى الأمنية. تابع معي فستجد أن البركان الديني الأوروبي، بدأت تتحرك أبخرته، وأخذت الصيحات تعلو، وصحيح أنها بطيئة، إلا أنها إذا انفلتت، فلن تقدروا على الوقوف أمامها، وخاصة أن زمن الخيل والسيف ولى، وحل مكانه تكنولوجيا مذهلة <<
 إن تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا والعالم تحت راية الإسلام سيتسبب بأكبر ضرر للإسلام والمسلمين ولاسيما المقيمين في دول الغرب والذين اكتسبوا جنسيته، فحروب هذا العصر ذات خلفية اقتصادية همها الأساسي نهب الشعوب وخيراتها وليس لها أي أهداف دينية وإن كانت في بعض الأحيان تستخدم الدين لدى السذج لتمرير مخططاتها، فمئات آلاف المسلمين الذين هاجروا إلى أوروبا لم يجدوا من يدعوهم لاعتناق المسيحية، وهم هناك يعيشون سواسية مع أبناء البلاد الأصليين من ديانات مختلفة. أما لجهة المواجهة والتصدي لإرهاب الغرب وتدميره لبلادنا فلا يمكن أن يتم من خلال نصوص عمرها أكثر من ألف وأربعمئة عام، لأننا بذلك نعطي الحجة للأعداء ونبرئ من دمر العراق وقتل شعبه، نبرئ بوش الأب الذي قال بعد حرب الكويت مقولته الشهيرة: >> سنعيد العراق إلى القرون الوسطى<< ونبرئ بوش الابن وأعوانه الذين حققوا ما أراده بوش الأب.