من مصروفنا نتبرّع..!!؟؟.. بقلم: سامر يحيى

من مصروفنا نتبرّع..!!؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٥

لم تكن الشام إلا الحضن الدافئ الذي يضم الجميع تحت ظلاله الوارفة بالحب والأمل، بالعمل والجهد المبذول من كل أبنائها، تفتح أبوابها للجميع، وما أغلقت بابها بوجهِ أحد، وما زلت أذكر مذ كنّا صغاراً، أنّنا نتخلّى عن دفترٍ أو قلمٍ أو ليرة سورية مخصصة لشراء شيء بوقت الاستراحة، لكي نتبرّع به لأحدٍ من أشقائنا العرب، وقد قال لي أبي بأنّهم تبرّعوا لدولٍ الآن للأسف الشديد تضيّق الخناق على السوريين، ولم أتخيّل أننا كنا نجمع لهم التبرّعات رغم الحصار المفروض على سوريتنا، وبالتـأكيد لن يـأتي اليوم التي تغيّر فيه هذا النهج، لأنها قلب العروبة النابض المتجدد، والأم الرؤوم التي تشعر بكافة أبنائها، والقلب الذي يضخ الدماء لكافة أعضاء الجسد، ولو تعب كثيراً لكنّه يستمر بضخ الدماء، وسيستعيد نشاطه وقوّته ولن ينكسر أبداً، وهذا هو حال سورية دائماً، لكن المؤسف أيضاً ما حصل أن بعضاً من أبنائها تخلى عنها، وهي في أشدّ الحاجة إليه، ولهث وراء أعدائها ليساهم بتدميرها، تحت شعارات شتى، بعيدة عن المنطق والواقع، وشذّ عن الطريق القويم، وإن كان البعض القليل مضطراً بسبب الإرهاب رغم استخدام الكثير من المدارس والمؤسسات والمناطق دور إيواءٍ للمهجرين، لكن البعض فضّل الهروب طامعاً بجنسية دولةٍ أخرى، ومعوناتٍ منها، وقسم نقل صناعاته وثرواته ليساهم في عملية الإنتاج في تلك الدولة، وإن كان البعض ممن اضطرّ لسبب أو آخر وتحت تأثير دعايات وشائعات وقصص لا أساس لها في الكثير من الأحيان، لكن التساؤل المطروح والمشروع الآن، ماذا أعددنا من أجل مستقبل هؤلاء؟ وماذا عملنا من أجل تفعيل دور الشباب والكفاءات في الوطن، وعدم السماح باستنزافها، للسير قدماً بعملية البناء والإعمار بالتوازي مع عملية مكافحة الإرهاب، فالحرب على سورية ليست مجهولةً، بل هي حرب عسكرية وسياسية واقتصادية وفكرية وعلمية ولا تستثني جانباً إلا شملته، ما يستوجب علينا البدء الجدي بإيجاد الوسائل البناءة للجمع بين عدم تخلّي الأم عن أبنائها، وتوجيههم التوجيه السليم ليعودوا لرشدهم ولخدمة أسرتهم الكبيرة، وبنفس الوقت، عدم بخس حق ابنها البار بها والمحافظ على ودّها، وبقي قربها، فثلاثية الشعب والقائد والمقاومة هي التي ستؤتي أكلها، وهي التي أثبتت صحة مواقف القيادة السورية، لكن بإمكاننا فعل المزيد من أجل أن تؤتي هذه الثلاثية أكلها بشكلٍ أسرع، واستقطاب البعض مما يحاول المستعمر بشكله الجديد غسل دماغه وتفادي الكثير من الأخطاء التي يرتكبها البعض لسبب أو آخر، فكل سوري أياً كان له مسؤولية وطنية يتحمّلها كل منا لرفع الوعي الوطني وحب الوطن، والعودة لحضنه والعمل على بنائه وتطويره لا أن نكون أداةً نسهّل لأعدائه تدميرنا... حتى نتمكن من الانطلاق بقوةٍ للمستقبل المنشود..
وهذه هي مسؤولية الحكومة، فهي الجهة التنفيذية، وهي صلة الوصل بين الوطن والمواطن، وواجبها البحث عن السبل الأنجع والأسلم للقضاء على ظاهرة تهجير البشر، تحت أي شعارٍ كان، وأن تزجّ بأبناء سورية في كافّة ميادين الإنتاج، لتكون رديفاً للجيش والقوات المسلحة التي تقوم بدورها بمحاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار للوطن.
فقد يكون مناسباً عقد اجتماعات متتالية بين المؤسسات ذات الاختصاص، وإن اختلفت الوظيفة والدور والمهمة لتوسيع دائرة النقاش، فكل شخص ضمن إطار دائرته أو مؤسسته يصل لقناعةٍ محددة، ولكن عندما تتسع دائرة الشورى والنقاش والحوار، بالتأكيد تخلق فرصاً جديدةً وأفكاراً أكثر نجاعةً للتخلص من الكثير من المشاكل وتجاوز التحديّات.
تفعيل دور مراكز الأبحاث والدراسات، للانتقال من عملية نقل وتجميع للمعلومات والأخبار إلى مراكز لدراسة هذه المعلومات والأخبار والخروج بنتائج إيجابية يمكن البناء عليها على أرض الواقع.
ـ إعطاء دور فعّال وحقيقي للأبحاث والدراسات التي يقدّمها الطلبة خلال دراستهم، والاستفادة منها بما يحفّز دافع الوطنية والإبداع لديهم، وربط العلم بالعمل، وأن تتبنى المؤسسات الحكومية نتاج عملهم وتشجيعه.
ـ تفعيل دور السوريين في المغتربات، وإيجاد آلية لتنظيم عمل السوري في المغترب بولائه لوطنه الأم، وجعله جزءاً من عملية النهوض بالوطن.
بعد كل هذا يتم تشكيل لجان على مستوى مديري الإدارات ذات الاختصاص المشترك في كافّة المؤسسات، تناقش كل تلك الأمور للوصول لخلاصة للسادة معاوني الوزراء لصياغتها وتقديمها للسادة الوزراء لدراستها ووضع لمساتهم الأخيرة بما يتطابق مع القانون والواقع.... وتساهم بشكلٍ جديّ وفعال في عملية البناء والإعمار بما يشكّل رديفاً حيوياً ومهماً للعمل الحكومي المبذول، الذي للأسف غير ملموس على أرض الواقع..... بحيث نتمكن من الانطلاق بشكلٍ أسرع لوضع الحلول اعتماداً على الذات وانطلاقاً من الواقع السوري للوصول للهدف المنشود، ونسير بخطا متوازية بالقضاء على الإرهاب وإعادة الإعمار، فسوريتنا التي دائماً تبدع الحلول لكل المشكلات التي تعترضها، وتجابه التحدّيات بحنكة وحكمة قيادتها، تحتاج جهود الجميع لتسريع عملية الوصول للهدف المنشود، فلا أحد يملك عصاً سحرية، ولا سيما في ظل الموج الهائج، إنّما لدينا الوسائل والسبل الكفيلة للانطلاق بقوّة نحو المستقبل متحدّين كل العقبات والمعوقات، فسورية ستنهض بمشاركة جميع أبنائها المخلصين لها الأوفياء لترابها، وعلى كل منا البدء من نفسه والقيام بواجبه لا تحميل المسؤولية لغيره، فكلنا مسؤول أمام الوطن.