العشق الأبدي... بين الشآم والمجد.. بقلم: ميساء نعامة

العشق الأبدي... بين الشآم والمجد.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٥

الشآم والمجد حليفان لا يمكن أن يفرق بينهما سواد الإرهاب وبشاعته....
منذ عشرات السنين صدحت حنجرة فيروز بقصيدة الشاعر الفيلسوف سعيد عقل "شام يا ذا السيف لم يغب"، ومرت الكلمات مقصودة غير عبثية
قبلك التاريخ في ظلمة بعدك استولى على الشهب، فمن الشام انطلق التاريخ مسجلاً للحياة البشرية لحظة الميلاد الأولى، وكانت الملتقى الأول للحضارات الإنسانية، والأرض الأولى التي حضنت الديانات السماوية ومنها انطلق الفكر الإنساني الراقي إلى جميع أنحاء العالم.
واستطاع الإنسان السوري أن يكون الأول دائماً كيف لا وهو يحمل في حنايا فكره حضارة الإنسان الأول الذي خط على جدران الكهوف أول معالم الحياة البشرية الآدمية، كما حمل في تلافيف وجدانه الأبجدية الأولى، والنوطة الموسيقية الأولى وجسد تمثال المغنية أورنينا انطلاقة للفن الأصيل.
هو الإنسان السوري الذي يحمل اليوم المجد مشعلاً ينير به ظلمات السواد الذي حاولت دول العالم أن تصبغ به سوريتنا، وفشلت لأنها لم تدرك أن الشآم هي الأم العظيمة التي ولدت من رحمها جميع الثقافات والحضارات الإنسانية الراقية.
مع اشتداد الحرب السورية وانتشار مقصود لبشاعة داعش المتجلببة بالإسلام ظاهراً والمغلفة بالفكر الصهيوني تطبيقاً، تنتشر سوداوية الحاضر ويستمر الكفر بالماضي بينما يبدو المستقبل ضبابياً بالمطلق.
سورية تحارب الإرهاب عن العالم بأسره... فللإرهاب ساحة واحدة لا يجوز النظر إليها كساحات منفصلة وإذا لم تتم محاربته على هذا الأساس فإن الإرهاب سيضرب في كل مكان، هي رؤية سورية بدأت مع إرهاب الإخوان المسلمين في سبعينيات وتسعينيات القرن العشرين، وهو ما دأبت سورية في حينه إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربته قبل أن يصل العالم إلى الحال الذي وصل إليه اليوم...كل ينتظر متوجساً كيف ومتى ومن سيضرب الإرهاب العابر للحدود والمتجاوز لكل الإجراءات الأمنية.
حالة الهلع من الإرهاب والانهزامية هذه تحاول الصهيونية العالمية بثها بطريقة غير مباشرة عبر قساوة الجرائم التي ترتكبها داعش وأخواتها ممن يتبعون الفكر الصهيوني.
لكن مع كل انتصار لأبطال الجيش العربي السوري يبقى للأمل فسحة مضيئة تشق طريقها من عيون الأطفال وهم ذاهبون إلى مدارسهم، وعقول الشباب المتوثبين إلى المعرفة والعلم عندما يخطون طريقهم باتجاه جامعاتهم، والعمال والعلماء الذين يصرون على بناء سورية.
ورغم صخب الأيام وحزن الناس على فراق الأحبة الذين أخذوا معهم رقادنا وارتقوا إلى مراتب الشرف والشهادة، احتفل معظم السوريين كل على طريقته بعيد ميلاد أيقونة الطرب العربي فيروز.
الجراح التي أثخنت وطناً عبث بجماله الإرهاب الأسود ما يزال هناك في غفلة الزمان متسع للاحتفال بصباحات دمشق الفيروزية، كيف لا فمن الشآم ينهمر الصباح، ويبدأ الحب المباح، وهي الدرب والطير المشرد والأقاح.
فمن الشآم بداية العالم ولن يسمح جميع السوريين إلا أن تُفرش عتباتها للفن والثقافة والحضارة الإنسانية أما الإرهاب البشع فهو زائل على يد أشرف الناس أبطال الجيش العربي السوري.
الأمل ينتشر في أرجاء سورية كما ينتشر عبق الياسمين الدمشقي في جميع أرجاء العالم.
إصرار جميع السوريين على الحياة في خضم الحرب العسكرية والفكرية والنفسية الممارسة عليهم لهو دليل واضح على أصالة الشعب السوري الذي أسس للحضارة الأولى وأهداها للعالم.