أسطورة مطار كويرس.. بقلم: عبد السلام حجاب

أسطورة مطار كويرس.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥

أعجبني، كما المواطنين السوريين، عنوان "الأسطورة" الذي وضعته قناة سما الفضائية، في صدر شاشتها الوطنية بعد ظهر يوم الثلاثاء 10/11/2015 في حين كان المذيع المحبوب يتابع نقل وقائع تطورات اقتحام وحدات من جيشنا العربي السوري الباسل لأسوار مطار كويرس شرق مدينة حلب الصامدة، وقد اتخذ الإرهابيون الغزاة من محيط الأسوار مواقع تحصين لهم ما لبثت أن داستها أقدام رجال الحق في الميدان لملاقاة رفاقهم المدافعين عن المطار وفك حصار دام لأكثر من ثلاث سنوات، فتحقق الانتصار وتمت كتابة سطور أسطورة مطار كويرس.
ولأنه لا دخان من دون نار، ولا أسطورة من دون أحداث ووقائع، راح المواطن السوري يستقرئ في موروثه النضالي معاني ودلالات تلك الملحمة الخلاقة نابذاً من فكره وواقعه كل الخرافات والادعاءات السياسية والميدانية فاستيقظت في ذاكرتي بعض أشعار أبي الصلت الثقفي حيث قال:
حتى أتى ببني الأحرار يقدمهم        تخالهم فوق متن الأرض أجيـــــالا
لله درهم من فتيــــــــــة صبـــــــــــــــــروا        ما إن رأيت لهم في الناس أمثالا
لقد علمتنا لغتنا العربية ثنائيات مثل الحق والباطل والاحتلال، الانتصار والهزيمة، النور والظلام، ولا شك بأن غيرها كثير.
والثنائية تعريفاً هي حدان متقابلان حين يحضر أحدهما فإن حضور الحد الآخر يغيب، فالسلوك ترجمان المعرفة، وما يحققه صمود الشعب وتضحيات رجال قواتنا المسلحة الأبطال لتحرير الأرض وحماية العرض ليس إلا غيضاً من فيض يقين معرفة الطريق لدحر الغزاة والطامعين وإعلاء رايات وحقوق الوطن والشعب.
وعليه، فإن التاريخ الوطني للسوريين يؤكد لكل من راقب وتابع أسطورة مطار كويرس وآفاقها الميدانية للقضاء على الإرهاب، حقيقة أن تحرير بلدة كسب وسجن حلب المركزي ومشفى جسر الشغور الوطني، وطريق خناصر- أثريا، سلمية والبقية تأتي تباعاً، لا يشكل حتمية لهزيمة المؤامرة الكونية التي قادتها أميركا منذ نحو خمس سنوات ولأدواتها الإرهابية وحسب، بل أيضاً حقيقة أن السوريين أتقنوا فن صناعة الانتصار وانتزاعه من قلب الغزاة والطامعين والحاقدين.
ولعل التاريخ سيشهد للسوريين قدرتهم على قراءة الوقائع بلغة عربية فصيحة، واستنباط قيم الإيمان والشجاعة والاقتحام، وأنهم يصنعون من الأحداث والوقائع، بتضحياتهم ودماء شهدائهم، أساطير خالدات تعلم الأجيال معاني التمسك بالحقوق والذود عن حياض الوطن، وإخضاع الأعداء بدل الخضوع لهم والرضوخ لشروطهم، وأن اكتشاف الذات الوطنية مأثرة، حيث لا يخشون في الحق لومة لائم، وأن وحدة الموقف والسلوك حكمة ورجاحة عقل واطمئنان لمستقبل قادم.
وهل لأسطورة مطار كويرس أن تكون إلا صفحة مشرقة في كتاب أساطير يصنعها رجال الحق في الميدان.