يوم سقطت الأقنعة..!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

يوم سقطت الأقنعة..!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥

لم يكن عادياً بوقائعه وآفاقه في حياة السوريين، يوم الثلاثين من أيلول عام 2015، لكونه سجل بأحرف اقتحام وانتصار، تاريخ بدء المعركة الكبرى للجيش العربي السوري بمختلف صنوف الأسلحة مع تعاون شرعي ونزيه للقوات الجوية الروسية، لاستعادة وتحرير كل بلدة وقرية وذرة تراب سورية من الإرهابيين، غزاة العصر الحديث.
كما سجل على مقلب تحالف أميركا الداعم لهذا الإرهاب المعولم والممنهج مفارقة تستدعي التندر والإشفاق بنظر شعوب العالم، عنوانها الأبرز والأكثر تعبيراً عن طبيعة مكوناتها وما تخفيه هو "يوم سقطت الأقنعة"!؟
ذات يوم، خرج شخص من بين الجمهور، وما لبث أن قفز على مقعد مرتفع ثم وضع قناعاً وصاح "أنا الإله"، ومنذ ذلك اليوم الذي حدده اليونانيون نحو عام 560 قبل الميلاد. جرى اعتباره كتاريخ لولادة المأساة، وأصبح القناع يلبي دعوة الغرائز التي يدركها جيداً كل من استسلم لإغراء القناع، حتى تحول القناع إلى "موضة عصر"، ووسيلة تخفي حقيقة الوجوه والأفعال، فرح الأغبياء بها وأحبوها لأن القناع يخفي عوراتهم السياسية والأخلاقية، وباقي مناحي الحياة الإنسانية.
وقرأت، أنه لاحقاً أبدى.. لويس جونييه سروره حين اكتشف تمثالاً صغيراً، ببطن كبيرة ورأس ضفدعة، وقيل له يومها "إنه إله الضحك"، ولعله ما من شيء مضحك مثل رؤية شخص تميز بالإزعاج المشنوع بالبلاهة، يتدحرج تحت سبل من لطمات سعى إليها جاهداً. كحال نفر من مسؤولي السياسة الساعين إلى شراء مواقف دول ذات شأن بتاريخها بواسطة مال النفط والغاز، فيتحول هذا النفر في لعبة درامية إلى ببغاء مدجن بصوت غراب ينعق.
وليس بعيداً يرى "جورج كورتلين" أن إخفاء الوجه تحت القناع يخضع لغريزة طاغية تنطلق إلى حدها الأعظمي تحت الوجوه المستعارة التي هي روح السخرية.
لكن المفارقة تكمن في أن مثل هذه لا تستدعي الضحك بالضرورة بل كثيراً ما تبعث على الأسف والإشفاق بسبب ما تثيره من مشاعر يحدثها الأغبياء حين يلعبون أدوار القادرين والحكماء. وارتداء الأقنعة هو ما يحبون الظهور بوساطته أمام الجمهور وإن كان قناعاً مسخاً ووقحاً.
لقد أسقط السوريون بصمودهم الأسطوري واقتحام جيشهم الباسل مواقع وأوكار الإرهابيين جميع أشكال الأقنعة، مؤكدين أن الأقنعة، وإن تبدلت بوظائفها، فإنها لن تبدل في حقيقة شخوصها، ولا من أدوار قذرة يؤدونها تحت قناع.
كما علموا العالم أن حب الوطن هو تضحية ووفاء ورجولة، ولم يعد التباكي ودموع التماسيح والصراخ مفيداً يوم سقطت الأقنعة.