الهجرة إلى الوطن؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

الهجرة إلى الوطن؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الخميس، ١٧ سبتمبر ٢٠١٥

الغرب النَّهم ثقافته تعتقل الأوطان.. ولا تريد لأيّ وطن، إنه وطنٌ خارج طغيانها!!
لعل عينيَّ الحبيبة وطنٌ، لهذا نقول:
الهجرة إلى عيون الحبيبات، أثناء البرد، كي نتعلَّم الدفء، والسفر بعيداً وراء الأحلام والآمال، كي تتثقف الأرجاء بالرجاءَات.. النهمون لا يعتنقون هذه المفاهيم وهذه القناعات؟!
الوطن الكبير الذي يضمُّ كلَّ الكلام والعيون والنظرات والنساء اللواتي يختصرن في ملامحهن أجمل المحاسن والأحاديث.. هذا الوطن الذي يجود على الأفئدة بالمعلومات البكر والفطنة والعهود، له الحقُّ أن يحزن ويكبر بين الأحزان والأحزان، كما تكبر السماء بين البرق والبرق والظلمة والظلمة.. لا (يشحد) الوطن، ولا يتسكَّع، ولا يتشرد، ولا يشرب أنخاباً ذليلة، لأنه وطن.. فلماذا لا نتقدس بهذه الأحكام الصادقة، التي في طباعه!؟ ليس في سلوكه شهوات نشاز، أو أحقاد برسم الأحقاد: كلّ الذي عنده (بحبوحة) جراح وأزمات، و(بعدين) يأتي الخلاص مترافقاً ومتخاصراً مع الوفاء.. وعنده الكثير الكثير من حاله، وهل أجمل من الحال في جميع الحالات والأحوال؟!
هذه الـ (بعدين) ليست (ربطة) بيع أو شراء، أو توصيف عقاري.. إنها فِقْرة أساسية في سياق الحالة الوطن والحالة الإنسان!!
لا فلات من أن تكون أيها العنيد ككلِّ الصخور، ولا مفرَّ أنك الوطن الذي نهرب إليه، ونلوذ بنظراته كي نرقب بصيصَ الأمل!! وليسَ بوسعنا إلا نحملك عند آخر الألفة وعند مبتداها.. وهل الأشواق الحميمة والعزّة إلا أنت، وإلاَّ فقرك أيضاً الكريم؟!
الفقر فاقةٌ قاسية، لكنَّ الوجدان يُعالجها ويتفوق عليها بـ (بعض) وطن عظيم كـ وطننا، الذي يبكي من أجلنا، رغم أنه لا يؤمن بأيّ دموع، ويحمل على كاهليه الرياح والمطر والأشجار والعقول النبيلة والحقول والأخلاق، ليفتتح من أجل كلّ الأبناء مهرجانات البهاء المحاصر بالبكاء!!
وطنٌ هاجسهُ أن يتبقَّى لنا عنده مجالٌ واعدٌ للحقائق، لأن الحبَّ حقيقة تلزم الأعصاب المتعبة..
الأحبابُ رهانات الأحباب، والحبيبات رهانات، والأهلون رهانات الأهلين، والأمهات رهانات الأمومة، والأنهار رهانات الضفاف والجريان، والأرض رهان المحبين، والبيوت والشوارع ومحال الأمل والعمل.. والـ فوق كلِّ هذه والـ قربها والـ أمها وأبيها الـوطن رهان الرهانات..
هجرتنا أولاً وأخيراً، إلى عينيك أيها العزيز جداً، لأنَّ في عينيك كلَّ العيون، وفي قلبك كلّ النبض، وفي ملتقياتك وأزمنتك كلّ الأفئدة الزاهية، رغم القلَّة والقهر.. عندك فائض زمن إنساني، لكلِّ مستوحش وحزين!!