ما هو البعد الاستراتيجي لتحرير الزبداني ؟

ما هو البعد الاستراتيجي لتحرير الزبداني ؟

تحليل وآراء

الاثنين، ٣١ أغسطس ٢٠١٥

حسن سلامة
بعد تمكن الجيش السوري والمقاومة من تطهير منطقة القلمون حصل نقاش ودراسة اخذا وقتاً كبيراً بين المعنيين بادارة المعركة ضد الارهاب من جانب الدولة السورية والمقاومة، هل الاولوية باتت الان لتطهير مدينة الزبداني ومحيطها، ام ان هناك مناطق ذات بعد استراتيجي اهم وافعل من هذه المنطقة، سواء في منطقة الجنوب السوري او لتدعيم الجبهات الاخرى خاصة ان التنظيمات الارهابية كانت تسعى للقيام باكثر من اختراق في اتجاه درعا او السويداء او من ريف اللاذقية.
وفي خلاصة القراءات والدراسات العسكرية كان الرأي بضرورة اعطاء منطقة الزبداني الاولوية قبل العمل لحسم المعركة في هذه المنطقة او تلك، مع اتخاذ كل الاجراءات اللازمة والممكنة ليس فقط لتدعيم بعض الجبهات، وبالاخص حيث تسعى المجموعات الارهابية للقيام بعمليات اختراق، بل ايضاً من اجل استعادة بعض المواقع التي كانت دخلت اليها المجموعات التكفيرية في تدمر وسهل الغاب ومناطق اخرى.
وتعيد مصادر موثوقة قرار اعطاء الاولوية لتحرير الزبداني الى مجموعة اعتبارات واسباب اهمها الآتي:
ـ الاول: ان الزبداني على مسافة قصيرة من اوتوستراد بيروت ـ دمشق بحيث ان وجود اعداد كبيرة من المسلحين في هذه المنطقة من شأنه ان يهدد بقطع هذا الشريان الحيوي للتواصل بين لبنان وسوريا. ويشكل هذا الطريق متنفساً اساسياً بين البلدين، خصوصاً بعد سيطرة المسلحين على معابر التواصل بين سوريا وكل من تركيا والاردن والعراق. وتقول المصادر انه انطلاقاً من اهمية هذا الشريان الحيوي كان الرأي بأنه من غير الممكن ترك خط التواصل بين لبنان وسوريا مهدداً من جانب المجموعات الارهابية.
ـ الثاني: قطع الطريق على اي محاولة من جانب الجماعات التكفيرية لتهديد دمشق لان سعي المسلحين للقيام بهجوم من الزبداني عبر بردى وآخر من جهة القنيطرة يمكن ان يؤدي الى تطويق دمشق، ولذلك كان القرار ايضاً القيام بخطوة استباقية لكسر اي محاولة لاقامة طوق من قبل المسلحين حول دمشق.
ـ الثالث: ضرورة تحرير دمشق من ابتزاز المسلحين لتزويدهم بالمياه عبر منطقة بردى، فالجماعات الارهابية تعمل باستمرار لقطع المياه عن العاصمة السورية بحيث تسيطر على مراكز توزيع المياه باتجاه دمشق. ولذلك زاد هذا الامر القناعة بتطهير الزبداني ومحيطها من المسلحين.
- رابعاً: كان هناك رأيان الاول يقول ان استعادة هذه المنطقة قد لا يحتاج الى فترة كبيرة لانها غير محصنة واعداد المسلحين فيها ليست كبيرة كما هو الحال مثلا في الغوطة الغربية، بينما كان هناك رأي اخر يقول انها محصنة وتحتاج الى وقت واثمان كبيرة نظرا للتحصينات الكبيرة ومساحة المنطقة الواسعة، لكن اقر الرأي بأن قرار تطهير الزبداني لا بد منه، بغض النظر عن طبيعة التحصينات واعداد المسلحين ورغم انتقال مجموعات كبيرة من المسلحين بعد تطهير القلمون الى هناك خاصة ما يسمى «احرار الشام»، ولكن في ضوء دراسة كل الابعاد السياسية العسكرية الاستراتيجية اقر الرأي على تحرير هذه المنطقة، بغض النظر عن الفترة التي تحتاجها لاخراج المسلحين منها، وعن الثمن مقابل هذا القرار.
ولذلك فالسؤال الاخر، ما هو القرار الذي سيتخذ بعد تطهير الزبداني، واي من المناطق سيعمل الجيش السوري والمقاومة على اخراج المسلحين منها؟
وفي معلومات المصادر الموثوقة ان الخطوة الثانية ستكون على الارجح بين قرار من اثنين: اما التوجه نحو تطهير الجنوب السوري والقنيطرة ومحيطها، واما التوجه نحو تحرير الغوطة وتشير المعطيات الى ان القرار لم يتخذ نهائياً حتى اليوم. لكن توقعات المصادر تتحدث عن ان القرار سيكون لتطهير الجنوب السوري للاتي:
1- ان معركة الغوطة الغربية تفترض امكانيات كبيرة نظراً للتحصينات الضخمة فيها ولاعداد المسلحين الكبيرة.
2- لا حاجة لدفع ثمن كبير اليوم، طالما ان صراعاً مدمراً يدور بين مجموعات المسلحين، حيث تدور معارك يومية بين هذه المجموعات، كما ان هناك تظاهرات يومية من ابناء المنطقة تحصل ضد المسلحين وما يقومون به من اجراءات تعسفية ضد الاهالي.
3- ان تحرير الجنوب السوري له بعد استراتيجي اكبر واهم من الغوطة، من ناحيتين، الاولى اسقاط اي محاولة للمسلحين لاقامة طوق حول دمشق من هذه المنطقة والثانية الحؤول دون اي تمدد للمسلحين باتجاه البقاع الغربي وراشيا، في حال سمحت سلطات العدو لهذه المجموعات بالدخول عبر الجولان المحتل باتجاه الحدود اللبنانية. وترى المصادر انه رغم قلق قادة العدو من تمدد حزب الله الى منطقة القنيطرة الا انه لن يدخل المعركة مباشرة مع المسلحين، وان كان قدم ويقدم التسهيلات للمجموعات الارهابية.
الديار