شهوة التملك.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

شهوة التملك.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٣٠ أغسطس ٢٠١٥

من البديهيات القول: إن الإنسان كي يعيش حياة هادئة وآمنة لا بدَّ أن تتوافر له معطيات تؤمن له مثل هذه الحالة التي هي حق من حقوقه المشروعة. وبين هذه المعطيات ما يندرج عملياً تحت عنوان الغذاء والكساء والدواء والسكن والتعليم والعمل وما إلى ذلك.
بيد أن ثمة من لم ولا يرضى بما أتيح له من قبل، ويتاح له حالياً من تلك المعطيات، فيسعى جاهداً وبكل الوسائل المحرم منها وغير المحرم كي ينال المزيد والمزيد مما أتيح له من قبل تاريخ الأزمة التي تعيشها بلادنا راهناً وبعدها. وقد يكون ما ناله قبلاً وما يناله حالياً على حساب من كان ومن هو أحوج منه في هذه الأيام تحديداً إلى مساعدة، وذلك فقط لإشباع شهوة التملك لديه. وبذلك يكون قد قلب القواعد الأخلاقية والوطنية الواجب اتباعها، وخصوصاً في الأزمنة العصيبة، رأساً على عقب، سواء شاء ذلك أم لم يشأ.
في الزمن العصيب الذي يمر به بلدنا الحبيب سورية، هذه الظاهرة، ظاهرة نمو شهوة التملك لدى البعض من تجار المبادىء غدت ظاهرة حياتية يومية ملموسة باليد، ولا أعتقد أن أحداً قادر على لجمها بالتوعية التقليدية، وذلك بحكم خضوعها لمكونات جعلها غير قابلة للتفاعل أخلاقياً ووطنياً مع الظروف التي تواجه سورية في الراهن، ومن دون توقع. ومن هنا ثمة العديد من التعليقات التي تصدر في وسائل إعلامنا المختلفة، تنبه إلى خطورة استمرار ظاهرة شهوة التملك لدى البعض من تجار القيم، بحجة عدم معرفة ما سيأتي به الغد لجهة الخاص أم العام. وفي غضون ذلك، يكون المثل الشعبي القائل: "من ضرب ضرب ومن هرب هرب"، قد أخذ مجراه عملياً، وبالتالي يكون المواطن الذي لا يملك سوى الرضوخ للأمر الواقع مرغماً، قد دفع الثمن أو قارب دفعه وتحديداً على حساب حياة عائلته.
إن اتخاذ خطوات عمليّة للحد من جشع تجار المبادئ في مثل هذا الظرف الذي تعاني سورية من تداعياته على حياة المواطن العادي، وخصوصاً من لم يكن قد حسب حساب " قرشه الأبيض ليومه الأسود " وادخر شيئاً يعينه، ولو بالحد الأدنى على متابعة العيش بكرامة إلى حين انقشاع هذه الغيمة السوداء، غيمة الحقد الأعمى الذي سيّر وما زال يسيّر أعداء بلدنا، لإكمال برنامجهم في الإساءة إليه مهما كلفهم الثمن.
مع هذا، لم يذكر التاريخ أن قوةً، مهما عظم شأنها، استطاعت أن تقهر شعباً أراد الحياة، وأن ناراً اندلعت ولم تنطفئ. إن سورية اليوم، قيادة وشعباً، بمختلف أطيافه، تخوض الامتحان الصعب، وبيدها مفتاح الخروج من الباب الضيق آجلاً أم عاجلاً.
iskandarlouka@yahoo.com