بين السالب والموجب .. بقلم: محمد خالد الحضر

بين السالب والموجب .. بقلم: محمد خالد الحضر

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ أغسطس ٢٠١٥

لا يمكن للإعلام الحر أن يغفل ظاهرة إيجابية كانت أم سلبية، هكذا اعتدنا أن نعد البنية التركيبية للمادة الاستقصائية وما تترتب عليه، وغالباً ما نذهب بأقلامنا إلى الثقافة وتحولاتها وتداعياتها.. أما الآن فالتربية ليست بعيدة أبداً عن مضمار الثقافة بل هي الرافد البنيوي والتأصيلي الذي يهيئ للثقافة كافة إيجابياتها لنصل في النتيجة إلى شخصية وطنية تمتلك الرأي والقول والحضور والوجود.
هذه المرة وجها لوجه أنا والمراجعون في مبنى وزارة التربية كلهم أبناء محافظات مختلفة فتكت بمصيرهم بنات آوى التي قدمت من بلاد الشر يترادفون زمراً على باب علي عبود فوجدت هذه المرة شخصية انتمائية مختلفة وبدوري كنت مراجعاً في ما يخص أخي.. هذا الرجل الذي يسمى معاوناً للزير للشؤون الإدارية.. أصابني ذهول وفرح وطني عندما وجدت القادمين من إدلب ومن دير الزور ومن المحافظات الأخرى يخرجون وعلى وجههم بشارات الفرح لم تتعثر أمورهم ولم يصب أحدهم بالخيبة منهم من كنت أعرفهم مثل غفران زيداني التي جاءت تبحث عن ملاذ وخرجت سعيدة وغيرها قلت له أنت رجل غريب فقال هذه تعليمات الوزير وهو يطالبنا بذلك ولو كان عملك عنده لتصرف بنفس الأسلوب وهذه سورية إذا خذلناها تركنا ميادينها للآخرين.. ولا تختلف عنه أبداً معاونته نادية وعامر أبو عصا وغيرهم هكذا خرجت وأنا بكامل فرحي لأحلم أن أرى مثل هذه الحالة متكررة وقد تكون بعد أن فوجئت بمعاملة انتهت بتوقيع الوزير بسرعة نظامية قصوى حتى لا يقع صاحبها بإشكال.
وثمة استقصاء آخر لم يكن مشابها للأول عندما ذهبت مدعواً للمشاركة في مهرجان حمص الشعري بين ثلاثين شاعراً يتباينون بين رجال ونساء.. كنت أتوقع أن المهرجان يشبه تلك المهرجانات التي كنت أعدها عندما كنت رئيسا لاتحاد الكتاب العرب في إدلب، لأول مرة أرى مهرجانا يغيب عنه مدير الثقافة ورئيس فرع اتحاد الكتاب العرب والمحافظ وأمين الفرع ولاسيما أن المهرجان هو مهرجان يتضامن مع الجيش العربي السوري ويشارك به ثقافياً ضابط عسكري.. لم يقدم فنجان قهوة ولا كأس ماء.. هكذا كانت فاتحة الطريق الذاهب إلى المنصة.. كثر المشاركون وضجت القاعة بالحركة ثم بدا الاستقرار الاجتماعي يفرض حالته في القاعة.. كانت التسميات وافرة وكان الشعر بعيداً فقل وجوده إلى أكثر الدرجات فتخيلوا خرج نزار الحماد يتمايل على شيء من التصفيق وقال مما قال :
أنا القلم.. سيد والكلمات عندي خدم.. جف دمعي وصبري انعدم.. أنا القلم.. أنا القلم.. كيف أحاكي مجد امرأة.. باعت رجلها وقبضت ثمنه ورداً وعلم.
المشكلة أن هذا يدعى شاعراً ومثله عدد ليس قليلاً في المهرجان وفي مهرجانات أخرى ليذهب هؤلاء مطالبين بحقوقهم دون خجل أو ملل لأنهم وقفوا وراء المنابر.
وفي مديرية ثقافة ريف دمشق بينما تبذل قصارى جهدها ليلى الصعب مديرة الثقافة لتنجح منظومتها ولترفع راية جديدة في سماء الثقافة تفرض على منتداها تلك المقاصف والمطاعم في دمشق القديمة بعض من جهابذته الذين يغنون في الحمام رغم بشاعة أصواتهم فيصبحون مطربين ولا تحل الأمور معهم إلا إذا لمعهم الإعلام وجعل منهم رايات خفاقة أو قد يتصرفون كما يحلو لهم وهذا محمد عصام أديب قدور يقول:
وتسرح كالبحار نجوى همسة.. في شفتيك تغازلها بحار
ويقول :
أنت شمس والجميلات أقمار.. منك إليهن تسري أنوار.
ولكن أشد من ذلك جمالاً في الجانب الآخر على ضفة النهر استطاع وزير الثقافة عصام خليل أن يؤمم الكتاب ويغير تاريخياً لاتجاه واحد فتصبح الهيئة العامة ميداناً سورياً واسعاً لكل كتابها الحقيقيين تشعل نار الكرم داعية كما كان يفعل حاتم الطائي أو كما كان يفعل النابغة الذبياني في سوق عكاظ عندما يؤمه كل شعراء العربية فقبل فترة ليست طويلة كانت وزارة الثقافة لا تصدر على صعيد الشعر إلا نثراً وقس على ذلك أما الآن فتنوعت الأجناس والأنواع والأصناف.
وهكذا نكون قد بدأنا مشوارنا بين السالب والموجب لنصل إلى يقين يخدم هذا الوطن الذي يحاول أن يقتله الغرباء.