أين الدرب؟.؟..بقلم: اسكندر لوقــا

أين الدرب؟.؟..بقلم: اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ أغسطس ٢٠١٥

عادة يبحث المرء عن وسيلة من الوسائل التي يمكن أن تساعده على معرفة ذاته، وذلك بغية تحقيق التوازن بينه وبين نفسه. وغالباً ما يكرر هذه المحاولة في حال لم يتوصل إلى نتيجة من المرة الأولى. وفي السياق المتصل، قد يحقق التوازن مع الآخر قبل أن يحقق التوازن مع ذاته، وذلك بسبب انفتاح هذا الآخر أو ذاك عليه، وبالتالي تقل الصعوبة أمامه، وخصوصاً عندما يمهد هذا الآخر أو ذاك درب الوصول إلى ما يريده منه.
ولتحقيق مثل هذه الغاية في ذات المرء لا بدَّ أن يدرك، بداية، من هو؟ وماذا يريد؟ وأين موقعه بالضبط؟ لأن مثل هذه المعرفة هي سبيله الذي لا غنى عنه وصولاً إلى ما يسعى إليه في نهاية المطاف، هذا فضلاً عن اختصار الوقت والمسافات. لهذا الاعتبار يندرج الوعي، بين جملة العناصر المساندة لإنجاح الحوار مع الذات على درب معرفة ماذا يراد معرفته في مجالات الحياة على اختلاف أنواعها ومستوياتها، وكذلك معرفة العوائق التي تحول بين الساعين إلى معرفة من هم أولاً قبل معرفة سواهم؟
إن معرفة الذات هي وحدها التي تتيح للمرء أن يحدد مساره على الدرب تجنباً للضياع بمعنى فقدان البوصلة التي يتحكم بها لمعرفة متى يبدأ وأين يتوقف؟ إنها معادلة صعبة بعض الشيء، أن يكتشف الإنسان نفسه وهو في خضم وجوده بين أناس لا تربطه معهم أحياناً أدنى صلة، وقد يكون ذلك سبباً في معاناة تسبب له قلقاً أو تراجعاً إلى نقطة البدء، نقطة السؤال من أكون وماذا أريد؟ إن معرفة الذات هي الطريقة الوحيدة للإجابة عن أسئلة كهذه، ومن دون ذلك لا يبدو وضوح الدرب جلياً أمام أحد، أياً كان هذا الأحد.
والأمثلة في الحياة لا تعد ولا تحصى عن أناس اعتقدوا أنهم اكتشفوا ذاتهم، ومع ذلك خسروا حتى أنفسهم في بعض الحالات، على غرار من امتلك أرضاً خصبة ولم يحسن استثمارها لإقناع نفسه، بأنه يعرف ما لا يحتاج إلى شرح أو توضيح حول طرق استثمار الأرض الخصبة من أصحاب الخبرة في مثل هذا المجال. وكانت النتيجة أنه ضاع وأضاع الدرب معه.
إنه الكبرياء المزيف الذي يحمل صاحبه على الادعاء بأنه الأقدر والأهم والأكثر فهماً لمتطلبات الحياة، ومعرفة الدرب، وصولاً إلى ما يرغب الوصول إليه، ولكنه مع ذلك ومهما طال زمن خداع نفسه، فسيبقى يسأل، بينه وبين نفسه، أين الدرب؟
iskandarlouka@yahoo.com