الوطن أمٌّ... ؟.. بقلم: سامر يحيى

الوطن أمٌّ... ؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١٦ أغسطس ٢٠١٥

الوطن ليس فندقاً نغادره عندما تسوء الخدمة، ونعود إليه عندما تتحسن، نمدحه عندما يلبّي رغباتنا، ونشتمه وندمّره عندما يقصّر أحد أبنائه بحقنا تحت حجج قد تكون مبررة أو غير مبررة.
 الوطن هو الأم التي لم نخترها بملء إرادتنا، إنّما هي الانتماء الذي جاء بنا لهذه الدنيا، وشرّفنا بحمل لقب اسمها "مواطن عربي سوري" ولأجل هذا التكريم والرعاية والاحتضان خلال أمس الفترات التي كنا بحاجة للرعاية والحنان، كانت سوريتنا ترعانا وتدافع عنا، وواجبنا الآن الدفاع عنها والذود عن حياضها في وجه من سوّلت وما زالت تسوّل نفسه أن يستنزف خيراتها ويدمّر مواردها ويقتل خيرة شبابها، هذا التراب المقدّس يحتاج أن نتحملّ مسؤولياتنا كل من موقعه ومكانته، لا أن نرميها على الآخر... فدائماً اعتبر نفسي الآخر..
نعم تذرف دموع العين لرؤية مشهد مغادرة مواطنٍ عربي سوري تراب وطنه المقدّس وبكامل إرادته يسعى للحصول على لقب "لاجئ" وهو واثقٌ أنه لاجئ، والمزعج أيضاً أن هذا مشروع اللاجئ يريد أن يحافظ على مكانته في سوريته، ولا سيّما الوظيفة الحكومية، وبنفس الوقت يشتم الأم التي ترعاه، وينسى كل الإيجابيات والتطوّرات والرعاية، لكي يلهث وراء ما ذكرته بضع قنوات صهيوـ أمريكية، وبعض عقبات فردية صادفت حياته، ساعياً وراء مستنزفي خيرات الوطن ليمنحوه لقب لاجئ سوري ويستغلوه ويقتلوا مهاراته ومهارات أولاده، ويحمّلوه لقب لاجئ سوري، متناسياً أن كرامة السوري دائماً محفوظة في سورية وفي أي مكان... بينما دفع تكلفة ماديّة لكي يهين كرامته ويسبب الأذى لبلده وأبناء بلده تكاد تكفيه ليعيش عاماً كاملاً في بلده وهو في بحبوحة جيدة جداً..... تمكنه من تحقيق كامل متطلّباته الأساسية...ومع تقديرنا لظروف البعض واضطرارهم لبعض القرارات الخاطئة، ومع الإدراك بأن الحجة هي التأثر بالعمليات الإرهابية التي تجري في البلد من دعاة ما يسمّون أنفسهم الحرية ويريدون تأمين الحياة السعيدة للمواطن العربي السوري، كالكهرباء والماء، وأصوات الرصاص، متجاهلاً أن دور كل منا هو الدفاع عن عرضه وبلده لا الهروب والتنظير على الآخرين، وليس بالضرورة أن أحمل السلاح لكي أدافع عن عرضي ومالي ووطني، فكل منا من مكانه قادر على العطاء، فالجندي العربي السوري الذي هو يدافع ويقاتل للدفاع عنا والحفاظ على كرامتنا واستقرار بلدنا، صحيح أنه واجبه ودوره، ولكن هل نحن قمنا بدورنا في مؤسساتنا سواء العامة والخاصة، هل قمنا بدورنا؟ أم إننا رمينا كل الثقل على هذا الجندي الذي هو بالنهاية أخي وأخوك صديقي وصديقك قريبي وقريبك.
لن أتكلم هنا عن الشهادة والدم والحر والقر الذي يعايشه هذا الجندي، فلربما تصرّف إيجابي من موظفٍ حكومي بدائرة حكومية يساهم بعودة ابن ضال لحضن أمّه ويوفّر على الجيش العربي السوري مشروع إرهابي يتأثر بالأفكار، ووفّر على الوطن روح ابنٍ من أبنائه ودلّه على الطريق القويم، وقطع الطريق على تجار الأزمة وأذناب المستعمر وانتهازيي الفرص.. بتكاتف الجميع المواطن المسؤول بدءاً من المسؤولية الحكومية، وصولاً للمسؤولية العائلية المجتمعية. كل ضمن اختصاصه ومكانته ووضعه وإمكاناته، بدءاً من الدفاع بالسلاح وليس انتهاء بالعلم والمعرفة والأفكار مروراً بمحبة بعضنا وتلبية متطلباتنا ورغباتنا المحقة، حتى ليكون البلد آمناً نظيفاً خالياً من إرهابي أفغاني أو شيشاني ليقودنا ويفرض علينا ديناً بعيداً عن الدين الحنيف، متجاهلين قول الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم (ص) " فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر ".. وكون حصل الذي حصل، ولم يكن الجميع على نفس القدر من الصبر على الحصار شبه الدولي المفروض على سوريتنا، ورغم صمودها وثبات أغلبية أبناء الشعب العربي السوري، ارتأت هذه الأم أن تحافظ على كرامة أبنائها ولو أن البعض منهم باع نفسه، ومنحتهم جوازات سفر من دون أي إجراءات، فعندما يعودون لوطنهم الأم يتم محاسبتهم وعلاج وضعهم، بينما خارج سورية يجب ألا يكونوا عرضة للابتزاز، عدا الكثير من التسهيلات التي منحت للمغتربين، حديثهم وقديمهم... ولكن ما زلنا بحاجة ليقوم كل منا بدوره ولاسيما عبر:
ـ تفعيل دور الجاليات السورية بشكل عام، وضمن اختصاصات محدّدة، ولو عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل خاصة من أجل نقل خبرتهم ورؤيتهم لما يحصل بالبلد.
 ـ استقطاب كبار رجال الأعمال الوطنيين ليكونوا اليد الفاعلة والسفراء الحقيقيين لنشر الحقائق السورية وفضح أكاذيب أعداء الوطن.
ـ قيام السفارات بدورها الحقيقي الفاعل في إطار التوجيهات التي تردها والتي لو فعّلت بشكلٍ حقيقي لكانت السفارات البيت الحقيقي لكل مواطن عربي سوري مهما كانت الضغوطات والعقبات... فالسفارة هي البيت الذي يؤوي السوريين ليتبادلوا المعارف والأخبار واللقاءات وليس فقط مقر بلدية أو نافذة لتسيير معاملاتهم وفق المنطق الشخصي لهذا الشخص أو ذاك...
ـ تشكيل فريق عمل حقيقي وجدي من الجاليات السورية في كل بلدان الاغتراب، لاستقبال ومتابعة أمور السوريين المهاجرين حديثاً، لمنعهم من الوقوع ببراثن الانتهازيين والمستغلين.
ـ تفعيل دور الجالية وعدم تحميل المسؤولية للسفارة، ولاسيّما في ظل الازدحام الكثيف على أبواب السفارات لتلبية الورقيات الثبوتية الضرورية.
فأيا كان موقعي أو مكانتي داخل سورية أو خارجها، مادمت أعمل لسوريتي فأنا أستحق حمل هذا الشرف، وواجبي أن أبذل كل ما أستطيع، فسوريتنا تحتاجنا معاً من دون استثناء أحد............ فهي الأم التي تلم، ولكن تلمُّنا وتجمعنا لترشدنا إلى الطريق القويم وتضعنا أمام الحقيقة.