اكتمال الرؤية.. بقلم: د. إسماعيل مروة

اكتمال الرؤية.. بقلم: د. إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الأحد، ٩ أغسطس ٢٠١٥

أن تكون أنت هو الأكثر أهمية في الحياة، أن تكون بصدقك مع ذاتك، بصدقك مع الآخر، أي أن تكون متصالحاً مع كل ما يدور داخلك وحولك، أن ترى ذاتك كما ترى محيطك، وما من عبث تحدث العلماء عن الرؤية البصرية والرؤية القلبية، لكن جنوح الإنسان أراد للرؤية القلبية معنى متعلقاً بالداخل والجوارح، فاقتربت من التصوف في الكشف والرؤية، وهذا حق، ولكن الرؤية القلبية يمكن أن تأخذ بعداً آخر، أن يرى الإنسان ببصيرته دواخله التي لا يراها سواه رؤية بصرية تستعين بالقلب، وأن تتماثل هذه الرؤية مع رؤية البصر لمن يريد أن يرى، عندها تكون الأمور قابلة للنقاش والقياس على كل صعيد.
لماذا يكتشف أحدنا داخله قلبياً؟
لماذا يحكم على ذاته بالنقاء المطلق؟
لماذا يفعل هذا ولا يفعله مع ذات الآخر؟
هل الرؤية القلبية لارتباطها بالقلب والذات تتمتع بالطهر والطهرية، والرؤية البصرية لارتباطها بالآخر وحاسة مكشوفة تتمتع بالقدرة على الاحتفاظ بالكم الأكبر من التلوث؟!
ألا يمكن للرؤية البصرية أن تكشف ذات الإنسان لتريه ما يراه في الآخر؟
إن الرؤية كشف، إن كانت بصرية أو قلبية، والكشف قيمة الرؤية الكبرى، وليست الرؤية بمعنى الكشف حاملة للسلب، فقد يكون الكشف للجوهر، وقد يكون الكشف للقراءة، وقد يكون الكشف للإنصاف، وقد يكون نشوة الصوفي حين يدور على ذاته فيغيب عن الوعي لتصبح الأفلاك تدور في الملكوت، ولا تخفي عن بصيرته شيئاً. وقد يكون خمرة الروح والجسد لتظهر للمرء عهره وطهره، اللذين لا يملك القدرة على الوقوف أمامهما دون استعانة برشفة لا تفعل شيئاً، اللهم إلا الكشف عن مكان لم يكن ليبدو لتضخم الذات المتورمة بالحب الفردي!
أن تكون أنت يعني أن تكون الآخر
تمسح دمك عن جسدك إن رأيت دمه مسفوحاً لأنه دمك
يغمرك الأسى وأنت ترى داره مهدمة، وتلتفت لتنظر دارك، لأن حجارة دارك من داره
أن تهتز ألماً عندما تسمع صوته صارخاً من السياط، لأن جلدك جلده
أن تراه مستحقاً للعطر والحب اللذين تتمتع بهما في حياتك
لست يا هذا نقياً والآخر حشرة بالكامل
وإن كنت مقتنعاً بنقائك ودونيته، فأنت أحوج ما تكون للحشرة والهوام لتصبح نقياً
فهو من زرع النقاء فيك إن كنت نقياً!
ازرع رؤيتك القلبية داخله، وارقب ما يراك
ستجد نفسك في المكان الذي تراه
ويبدأ تبادل الأدوار، ويبقى الجوهر فينا يدور على ذاته، ومن ذاته، وفي ذاته
والدم على الطريق ما دامت الرؤية لم تكتمل.