صداقة صدوقة!.. بقلم: سمير عربش

صداقة صدوقة!.. بقلم: سمير عربش

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٤ أغسطس ٢٠١٥

قرابة خمسين عاماً، وبيننا صداقة صادقة صدوقة، لا مصلحة ولا مصالح، فقد بنيت على ما نشأنا عليه من قيم ومبادئ وتربية صالحة.
لا أسوق ذلك من باب المديح بالنفس، ولا من باب الغرور أو التميز من الآخر، بل هو الواقع لما هو، حيث كنا في بدايات السنوات الأولى نلتقي يومياً بحكم عملنا المشترك في ميدان الصحافة.
بعد بضع سنوات، شاء القدر، أوشاء هو، الانتقال إلى لبنان للعمل، فكانت بيروت مقره الجديد.. ثم بضع سنوات أخرى، وإذ ينتقل إلى السعودية، وبين حين وآخر يصعب تحديد مواعيده يعود إلى دمشق، وما دمشق إلا معشوقته الغافية تحت قاسيون، وفي عين الوقت، المتأهبة لصون عزتها وكرامتها كلما داهمها خطب.
سنوات طويلة.. كنا نتبادل خلالها تهاني الأعياد عبر الهاتف الذي بات شبه وسيلة الاتصال الوحيدة، ومع ذلك بقيت صداقتنا الصدوقة كما هي وما زالت حتى الآن لا مصلحة ولا مصالح.
قبل أيام فاجأني أبو عاطف بهاتف لشدة ما أسعدني، فقد ضاعت أرقام هاتفي النقال وانقطعت عن صديقي حوالي السنتين إلى أن هاتفني، وفي اليوم الثاني كنت عنده، وهو العائد إلى دمشق.
كان اللقاء مشوقاً، طويلاً، ممتلئاً بالذكريات، والأهم أننا لم نشعر بمرارة الفراق الطويل، لأن ما بيننا من صداقة ينسينا الغربة.. فهو في قلبي وأنا في قلبه.
في حديثنا تطرقنا إلى الماضي البعيد، وتنبهنا أكثر ما تنبهنا إلى بعض الأصدقاء المشتركين، وربما إلى أكثرهم، لنكتشف أن صداقتهم قائمة على المصالح، ولأنها كذلك فهي حافلة بالرياء والنفاق والمجاملات... الخ.
آنذاك.. لن نكن نعي ذلك النوع من العلاقات المزيفة التي تسمى أيضاً الصداقة، ولئن تذكرنا تلك السنوات البعيدة، لم نندهش كثيراً، لأن صداقات هذا الزمن لا تختلف عن الماضي.. فالنفاق مستمر والمصالح الشخصية فوق أي اعتبار وما عليك إلا أن تبتعد.. أو تغمض عينيك لكأنك تصدّق.