لن يخبو نورها...؟؟.. بقلم: سامر يحيى

لن يخبو نورها...؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢ أغسطس ٢٠١٥

الحاجة أم الاختراع، ووطننا الآن بحاجة للكثير من الابتكارات والأفكار التي تساهم في نقله إلى بر الأمان وتحقيق أهداف جميع أبنائه بالوصول إلى ما يستحقونه.
 ومما يثلج الصدر أن الروح الوطنية متجذّرة لدى السوريين، ويبعث على التفاؤل عندما تسمع عن تعاون بين جهات حكومية والجامعات الوطنية، لابتكار حلول لإعادة بناء سوريتنا تقديراً وعرفاناً لأبنائها الذين تعرّضوا لكل أشكال المعاناة، والأخطر منها رؤية أشقائهم في الوطن يستغلون هذه الحرب لتحقيق مصالحهم الشخصانية على حساب الوطن وتحت اسم الوطن، فمن استطاع تحدي الظروف واخترع عداد أجرة تكسي ــ بالتعاون بين السورية للشبكات وطلاب جامعة حلب ـ قادر على إبداع الحلول للكثير من المشاكل التي يعاني منها أبناء وطنهم، وتجعلهم يتحدّون ابتزاز العدو ويرفضون أن يكونوا موضع استغلال الصديق...فهذا الشعب لديه من الحيوية والعطاء والإبداع الكثير رغم كل التحدّيات والمعوقات، وأنّه بالحوار والتعاون قادرٌ على فعل المنجزات، صحيح أن هذا الاختراع ليس الوحيد، فهناك الكثير من الاختراعات والابتكارات ومنها ما حصل على جائزة الباسل للإبداع والاختراع، لكنها بقيت حبيسة الأدراج تحت حجج لا منطقية، ما يؤكد ضرورة إعادة إحياء الأفكار من جديد لكي نتمكن من التخلّص مما نمرّ به لإعطاء الدروس للآخر والوصول إلى مصاف الدول المتقدّمة... فسورية التي أثبتت قدرتها على الصمود والعطاء رغم كل المؤامرات الدولية والتي شارك الكثير منا بصناعتها وتسهيل دخولها بقصدٍ أو غير قصد.. قادرة بالحوار بين أبنائها على صنع المعجزات، نعم سورية الحضارة التي قدّمت للإنسانية قبل آلاف الأعوام أول رسالة تنادي بالعمل والتسامح والمحبة، وقدمت أول أبجدية في التاريخ ومنجزات عديدة، صحيح أننا نفتخر بها لكننا لم نستثمرها بالشكل الصحيح، بل الكثير من أبنائها وتحت ستار شعارات خلابة جذابة، بعيداً عن التفكير المنطقي الذي يجمع ما بين العقل والقلب، بين المنطق والتفكير وبين الرغبة والطموح، بين المحاكاة العقلانية للموضوعات وبين تحقيق الأهداف بغض النظر عن حجم الضرر الذي يصيب الآخر، وبالتالي سيصيب المجتمع كله...فكل منا قادر على العطاء والإبداع ضمن إمكاناته والمجال المحيط به، لأنه ليس محصوراً بشخص أو مؤسسة أو فئة أو مكان، والحوار البيني هو الطريق الأسلم والأسهل لتطبيق هذه الإبداعات على أرض الواقع.
 كما أن الحوار يساهم في تخلّص كل منا من أفكاره المغلقة، ليكتشف الآخر، ويتأكّد أن كلاً منا له رأي قد يختلف أو يتفق مع الآخر، ويجعلنا نبتعد عن رمي الاتهام جزافاً، لأن الفاسد دائماً يستفيد من الاتهامات ضده ولو كانت صحيحة، ليستثمرها لمصلحته وتطوير أساليبه في تعميق فساده، فنحن لا نحتاج الهجوم السلبي، ولا الإطراء الزائد، بل التفكير الوطني العقلاني للوصول لإيجاد الآليات لتطبيق الأفكار على أرض الواقع..
 بالتأكيد كلما طرحت فكرة الحوار يخرج الكثير الذي ينتقد ذلك ويتساءل مع من ستتحاور؟ متجاهلاً أن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي لابتكار أفضل السبل لتحقيق مصلحة المجتمع وأبنائه كافة، وإيجاد الآليات القابلة للتطبيق على أرض الواقع لتشمل كافّة أبناء المجتمع.. فمن غير المنطقي الحوار مع الشيشاني والأفغاني......... إلخ أو الإرهابي الذي يحمل السلاح، فالحوار هو بين أبناء الوطن، بهدف بنائه وإعادة إعماره عبر التفكير السليم كل ضمن اختصاصه للوصول لإيجاد الآليات الفعالة القابلة للتطبيق، ويساعد الجيش العربي السوري في دفاعه عن قدسية تراب هذا الوطن، وتطهيره من رجس الإرهاب، فهذا الشعب قادر على العطاء والإبداع واجتراع الحلول، وقادر على التخلّص من الفردية والانتهازية عبر الحوار والنقاش مع الآخر في الوطن، لنستطيع شكر أبناء هذا الوطن الذي صمد وقاوم كل مخططات الأعداء وتحمّل كل الظروف، عدا الألم النفسي الذي أصابه من غدر ابن البلد قبل الغدر ممن يدّعي أنه شقيق أو صديق، وبالتأكيد لم يكن العدو يوماً يريد لنا العيش بكرامة، مهما تبجّح بها تحت شعارات حقوق الإنسان وما شابه...
 نعم نحتاج إلى الحوار الذي ينقذنا من الخروج بقرارات محدودة التطبيق، أو لا تلقى أذاناً مصغية، أو تطبّق بعكس الهدف المرجو منها، وهذا ما نلاحظه بالتناقض بين القرار أو المرسوم والتعليمات التنفيذية له، والكثير من القرارات التي تخرج وللأسف رغم إيجابياتها لا يسمع بها الكثير، فكل منا يعتبر نفسه يتصرّف بالشكل الصائب، ودورنا أن يضع كل منا أفكاره للخروج بالفكرة الحقيقية الواقعية القابلة للتطبيق على أرض الواقع وتصب بمصلحة الأغلبية العظمى من أبناء المجتمع.
 نعم نحتاج للحوار ضمن جامعاتنا ومدارسنا، نحتاج للحوار في كل مؤسساتنا صغيرة كانت أم كبيرة، قطاعاً عاماً أو خاصاً أو مشتركاً، نحتاج للحوار ضمن كل منظمة أو فئة أو مجموعة أو حزب تحت أي مسمى أو شعار أو فكرة، أو نطاق العمل، للتقليل من أخطاء التقصير، والذي بالتأكيد لا تتحمّله المناهج الدراسية وحدها ولا تصرّف بعض الأشخاص منفردين، بل نتحمّله جميعاً، لأننا تجاهلنا الظروف والبيئة المحيطة والآليات الحقيقية لتفادي هذا التقصير، فعلينا ألا ندين أنفسنا بل الانطلاق للحوار والانتقال من مرحلة التلقين والتوصيف إلى مرحلة النقاش والحوار للوصول للقرار الصائب، ومن الخطأ الفادح إدانة مرحلة من تاريخنا أو منطقة، متجاهلين أننا نحن أنفسنا أبناء هذه المنطقة والمدينة والمرحلة الزمنية وتعلمنا بنفس المناهج الدراسية والجامعية..... فلنتخلص من الإدانة وننتقل للحوار الذي يساهم بتطوير المجتمع وابتكار الحلول التي تساهم بالتخلص من السلبيات وإعادة النهوض بالمجتمع لما يستحق.. والانتقال من مرحلة النقد إلى مرحلة الحوار الذي يقوم بالتشخيص السليم للتوصل لوضع آليات لتطبيق الحلول واستثمار موارد البلد وخيراته المادية والبشرية والتاريخية.
 سورية النور المتدفّق من أعماق التاريخ لن يخبو نورها ولو تكالبت عليها كل حثالات الأرض، فلديها من الكفاءات والقدرات والإمكانات ما يؤهلها لإعادة بنائها أقوى مما كانت، وترسيخ ثوابت المحبة والأخوة والوئام بين كافة أبنائها، بكل انتماءاتهم واختصاصاتهم ووجودهم داخل وخارج سورية، فالتنوّع السوري هو سر النجاح وهو سر الوصول لقرارات أكثر قابلية للتطبيق على أرض الواقع وانعكاسها على جميع أبناء المجتمع... هذه سورية التي تستحق الشكر، باستنهاض الهمم، وتحقيق الحوار الحقيقي البنّاء لإبداع الحلول للوصول إلى ما نصبو إليه جميعاً.