الثائر.... الغني بعمره القصير.. بقلم: ميساء نعامة

الثائر.... الغني بعمره القصير.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ١ أغسطس ٢٠١٥

لحظة غيابك الموجع حد الصدمة، لم يأت صباح حبيبتك ككل الصباحات الجميلة، لقد كان قاسياً موحشاً، شمسه حارقة مرهقة متعبة.
صباح الاثنين الماضي لم تصل الرسالة منك يا ثائر، الرسالة هذه المرة وصلت الى صفحات قلوبنا من حبيبتك دمشق أخبرتنا أن دماءك الزكية ورفاق دربك أبطال الجيش العربي السوري روت ترابها الطاهر.
نادي المراسلين الشباب كان الفكرة التي أخذت طريقها الى التطبيق العملي وفي الاجتماع التحضيري لانتقاء مجموعة شبابية لتدريبهم على الفنون الصحفية والإعلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقف شاب آخر القاعة وبدأ يلوح بكلتا يديه ليقول رأيه والطموح الذي يتمنى أن يصل إليه الإعلام الوطني، المشهد الطفولي أضحكني لحظتها، لكن ما تحدث به ثائر جعلني أشعر بالافتخار وأنا أقف أمام جيل يمثله ثائر.
غادرنا دمشق إلى طهران جلس جانبي في الطائرة ولم تبارح الكاميرا يده يوثق الضحكات والفرح وقفشات الشباب، شهامته اندفاعه حيويته كانت أمام ناظري، أينما اتجهت وكيفما أدرت وجهي أجد ثائراً يحمل كاميرته ويوثق الأماكن التي زرناها في طهران.
وأثناء المحاضرات، كان أول الواصلين الجالسين على  المقاعد الدرسية، وكان الأمين على تسجيل جميع المحاضرات، وعندما كان يتعب جميع الطلاب ويتململون من طول ساعات المحاضرات، كان ثائر الشاب اليقظ المتحفز لغرف المعرفة والعلم.
 في مكالمة هاتفية مع والدته السيدة هدى الحمصي قالت لي: "ديري بالك ع ثائر" قلت لها لا تخافي، ثائر ابني الغالي الذي يضيف على الرحلة أجواء من الطاقة الإيجابية  لجميع فريق العمل.
ولتميزه  وجديته في الاستفادة من الدورة التدريبية في طهران، رافقنا وبعض الشباب في دورة تدريبية الى بيروت للاستفادة من الخبرات الإعلامية اللبنانية، برع ثائر في التوثيق وتميز في الاستجابة للتدريب وكان من القلة الجاهزة للانخراط في العملية الإعلامية حسب تقييم الأساتذه.
من أجمل اللحظات المؤثرة كانت زيارتنا الى "مليتا" ومتحفها الكبير الذي يلخص العدوان الاسرائيلي على الجنوب اللبناني، والصورة الأحب الى ثائر والتي وضعها على صفحته الخاصة على الفيس بوك كانت من "مليتا" وخلفه ركام الميركافا والخوزات الفارغة للجنود الإسرائيليين.
ولأننا في نادي المراسلين الشباب نسير بخطا متأنية وهادئة، كان ثائر يريد أن يسير مسرعاً، وكأنه يدرك بأن عمره القصير لا يحتمل البطء والهدوء، بل يجب أن يمضي بسرعة الرمح الواصل الى الهدف.
ثائر العجلاني، يكاد يكون الوحيد الذي استفاد من الدورات التدريبية وصقل موهبته في التوثيق الإعلامي من أرض الميدان، فلمع اسمه وازداد بريقاً مع تطور لغته التقريرية لينتزع نجومية المراسل الحربي الأول على مستوى سورية والوطن العربي.
ثائر العجلاني...
اقتحم عالم الإعلام ، يحمل إرث والديه في الثقافة والمعرفة والتوثيق، تدرب وثابر، واظب وتميز وتألق.
بسرعة الرمح الواصل الى الهدف انتزع ثائر العجلاني نجومية المراسل الحربي والميداني.
ثائر العجلاني الشاب المندفع والحماسي، المقبل على الحياة بطاقة شبابية مهولة.
 ثائر ملأت الدنيا وشغلت الناس، تنقلت بين المحطات الإخبارية ونقلت الحقائق من الميادين، وستبقى شاغل الناس لسنوات طويلة، رحلتك لم تنتهِ ولن تنتهي.
كنت صديقاً للمقاتل والعالم والمفكر، صديقاً لعامل النظافة وبائع الفول وصديقاً حنوناً للأطفال المهجرة.
صدمة فقدانك جعلت الدموع تهجر المقل، لأن حبيبتك لا تريد إلا أن تكون بسمتك مستمرة على وجوه الجميع.
حبيبتك ياثائر بحاجة الى نجمك المضيء في السماء..
ثائر العجلاني وداعاً وللحديث عنك بقية لاتنتهي.