الهيكل المزعوم .. بقلم:علي قباجه

الهيكل المزعوم .. بقلم:علي قباجه

تحليل وآراء

الجمعة، ٣١ يوليو ٢٠١٥

لم يتوان الاحتلال «الإسرائيلي» وقطعان مستوطنيه عن تدنيس المسجد الأقصى وانتهاك حرماته وفرض الأمر الواقع عليه منذ احتلاله عام 1967. وما الهجمة الشرسة التي قام بها الصهاينة في ذكرى ما يسمى «خراب الهيكل» المزعوم إلا حلقة في سلسلة طويلة من الصلف الصهيوني الموجه ضد المقدسات الإسلامية في القدس.
لقد حُذر في السابق من وصول الصهاينة إلى مرحلة فرض رؤيتهم تجاه الاقصى، من خلال تقسيمه زمانياً ومكانياً، بيد أن التحذير لم يجد نفعاً ولم يؤخذ في الحسبان، ولم تتخذ خطوات جدية لمواجهة هذا الإسفاف المتعمد، الذي تحدى الصهاينة به العرب والمسلمين على رؤوس الأشهاد.
الاحتلال اليوم استطاع الحصول على ما يريد بتمكين قطعان مستوطنيه وحاخاماته المجرمين من اقتحام الأقصى يومياً وأداء طقوسهم التلمودية فيه، وسط حماية شرطية مشددة، كما وصل تبجحهم إلى شتم الرسول الكريم على أبواب المسجد المبارك.
لكن السؤال المهم والملح.. ماذا سيفعل المسلمون تجاه ما يحصل؟ وإجابة على هذا السؤال فإنه لا بد من خطوات جادة، وعدم الاكتفاء بإدانات واحتجاجات تقدم في المنظمات الدولية، حيث أثبت التاريخ الحديث أن المجتمع الدولي لم يقدم حلولاً لقضية ما إلا إذا استند صاحب الحق على قوة، وقوة المسلمين تكمن في التوحد لمواجهة الشرور الصهيونية المحدقة بمسرى الرسول الكريم، فلا بد من مقاطعة فعالة للكيان سياسياً واقتصادياً، وعدم التفاعل معه إطلاقاً مهما كلف الأمر ومحاصرته على الصعد كافة، كما لا بد من الضغط على الدول الداعمة له، والوقوف في وجهها، وتفعيل سلاح الضغط الاقتصادي عليها، وهذا أقل ما يمكن أن يتخذ.
إن اقتحام عشرات المستوطنين المتطرفين المسجد الأقصى المبارك بمشاركة وزير الزراعة المتطرف أوري ارئيل وتحت حماية قوات الاحتلال، يعد نهجاً خطيراً، كونه يأتي بمباركة رسمية صهيونية، ليؤكد أن الكيان بمجمله متطرف، وهذا ما يجعل طرح السلطة الفلسطينية البدء بمفاوضات مشروطة غير مجد مع حكومة يمينية تتقن العنصرية. فالدور المنوط بالسلطة اليوم، هو تدعيم صمود خط الدفاع الأول عن الأقصى، وذلك برفد المقدسيين بكل الوسائل اللازمة للمواجهة، كما لا بد من وقف التنسيق الأمني، وعدم التقاطع مع الاحتلال بأي شيء، أو التعامل مع عمليات التهويد «الإسرائيلية» بشكل اعتيادي ومألوف.
إن استمرار اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على مدينة القدس والتي كان آخرها اقتحام المسجد الأقصى، هو شرارة الانفجار المقبل الذي سيحرق لهيبه الاحتلال، حيث إن الشعب الفلسطيني ليس لديه ما يخسره وأنه لطالما وما زال يتصدى لإفشال المخططات الصهيونية الهادفة لتهويد أرضه ومقدساته.
يراهن الاحتلال على التردي الأمني في بعض البلدان العربية، فيحاول التعجيل بمخططاته التهويدية، سواء كانت بزيادة وتيرة الاستيطان، أو من خلال سفك دماء الفلسطينيين، وتدنيس مقدساتهم، لكن الكيان الصهيوني يتجاهل أن أفعاله السوداء ستسرع من التئام الجرح العربي، وأن السهام التي يوجهها العرب لصدور بعضهم بعضاً، ستوجه في يوم ما إلى الكيان الغاصب.. فالقدس ستوحد الجميع عاجلاً أم آجلاً.