الخطاب الديني في زمن المؤامرة.. بقلم: فادي برهان

الخطاب الديني في زمن المؤامرة.. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الخميس، ٣٠ يوليو ٢٠١٥

في زمن الصمت والعجز والترهل، وفي زمنٍ تحاول فيه الدوائر الاستخباراتية الغربية تصدير نسخة ما يسمى زوراً وبهتاناً وافتراءً (إسلام) أضحى بديلاً من الإسلام المحمدي الأصيل وذاع صيته بالذبح، وانتشر جارفاً في طريقه الكثير من الشباب المسلم المتحمس الجاهل الذي لا يدرك إلى أين سيؤول مآله ومصيره.
 في هذا الزمن الذي تنصل فيه أغلب المسلمين وانصاعوا لما يُحاك لهم تاركين الإرهاب والتكفير يحتل ويحلُّ محل الإسلام السمح المعتدل الفاضل حتى ترسخ في عقول البعض أن الإرهاب والإسلام وجهان لعملةٍ واحدة، والمسلمون يستغرقون ويغطون في سبات عميق لا يهمهم أن يتعرض دينهم للتشويه والمسخ بفعل التآمر ويصبح إجراماً وقتلاً و..و..
في هذا الزمن الرديء الذي تجمّعت فيه كل عوامل المؤامرة على الإسلام قبل الأوطان بالتآمر الغربي والصمت والتعاون العربي حتى أضحى الإسلام كما أخبرنا عنه النبي (ص) بدأ غريباً وسيعود غريباً.. فطوبى للغرباء..
 وفعلاً طوبى للغرباء الذين أخذوا على عاتقهم مهمة الدفاع عن الإسلام الحقيقي وحمايته من العبث، ووقفوا بكل شجاعة ليعلنوا أن المؤامرة حيكت على الدين قبل أن تُحاك على الوطن.
وفي مجتمعاتنا التي يُحيّـد فيها المخلص ويُستبعد النزيه العامل الصادق وتوضع في دربه كل العراقيل لا بد أن ننطلق لنقف معاً صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، لنتمثل قوله تعالى : (وأما بنعمة ربك فحدث)، فسورية التي كانت وما زالت سباقة على الجبهات كافة، وفي زمن الحرب التي شُنت عليها أصرّت أن تبقى على نهجها المقاوم وأن تكون رائدة عصرها وزمانها بكل ما أوتيت الكلمة من معنى، لتصدع بما تؤمر وتُعرض عن المشركين لا تأخذها في الله لومة لائم، أكدت بكل صراحةٍ ووضوح بأن الدين يتعرض لهجمة شرسة تستهدفه بكله وتحاول نسفه من جذوره فلا بدَّ لنا أن نعضَّ عليه بنواجذنا لنحميه ونحفظه أمانة في أعناقنا عجزت الجبال عن حملها، وكما جاء النبي محمد (ص) بالإسلام ثم حفظه من بعده الأئمة والفقهاء، فإن الله سخر في هذه الأزمة لهذه الأمة حراساً على دينه يصونونه ويحرصون عليه بل لا يقفون فيه عند حدود الحرف وإنما يتجاوزون الخطاب التقليدي السائد إلى خطاب ديني يتناسب مع مآسي المرحلة ويجسد قوله (ص): إنما أُمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم.
وبناءً عليه أطلقت وزارة الأوقاف مشروعها التنويري الأصيل الهادف لكشف زيف الادعاء الذي ذهب بنا إلى حضيض الإجرام ونقلنا من حيث ندري أو لا ندري إلى إسلام مدعى لم يعهده التاريخ ولم نرَ له مثيلاً عبر العصور، مشروع تطوير الخطاب الديني المحرّم _عرفاً_ في أوقات السلم فكيف بنا ونحن في الفتنة والحرب؟ وكم نحن بحاجة إلى جرأة القول والمقال في زمن التكفير؟ وإلى وحدة الصف والكلمة والموقف لنواجه موجة الإرهاب التي إن لم نتعاون ستجرفنا جميعاً إلى أسفل سافلين؟
وعليه نتساءل:
في موقفٍ لوزارة الأوقاف يشبه موقف جاليليو مع المتعنتين.. تصرُّ الوزارة أن تكون جاليليو ويصرُّ المتعنتون أن يبقوا متعنتين وتطلق الصرخة في وجههم، فلا تلقى منهم سوى التآمر والتجاهل وعدم الدراية، فإذا كانت مؤسساتنا الإسلامية على امتداد الأمة من طنجة إلى جاكرتا تدّعي الإسلام؛ فأين هي من التعاضد والتعاون مع هذا المشروع الجوهري الأصيل؟
وإذا كانت المملكة العربية السعودية بملوكها القدامى والجدد لا تسمح للمرأة _ على سبيل المثال _ بقيادة السيارة؛ فكيف سيستوعب الحكام السعوديون وعلى رأسهم العلماء والفقهاء تطوير الخطاب الديني؟ وإذا كانوا مستغرقين في إجرامهم في سورية والعراق واليمن، فمتى سيستيقظون من سباتهم الخبيث ليلتفتوا إلى خطورة ما اقترفت أيديهم؟ وأخيراً أقول:
تبقى صرخة وزارة الأوقاف مدوية في آذان وأذهان الشعوب المسلمة ولا بد لها عاجلاً أم آجلاً من إدراك أهمية طرحنا لتطوير خطابنا لا يضرنا من كفر إذا اهتدينا.
وسنقف يوماً ما أمامهم، وقد أتوا إلينا صاغرين مستكينين معترفين بأن العالم بزمانه لا تهجم عليه النوائب.