"داعشي" رئيساً لوزراء بريطانيا!!.. بقلم: د. بسام الخالد

"داعشي" رئيساً لوزراء بريطانيا!!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ يوليو ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com
في خبر مثير للانتباه، نشرت صحيفة "تليغراف" البريطانية والعديد من مواقع التواصل الاجتماعي، خبراً مقتضباً تحت عنوان: (مقتل الداعشي المرشح لرئاسة وزراء بريطانيا)!!
يقول الخبر: قتل الداعشي رياض خان وكنيته "أبو دجانة" في الرقة بسورية، وهو أحد الشبان البريطانيين الثلاثة الذين ظهروا في تسجيل فيديو لــ"داعش"، وخان كان يحلم بأن يصبح رئيساً لوزراء بريطانيا، وتعود أصول الشاب خان البالغ من العمر 20 عاماً والمولود في بريطانيا، إلى باكستان.
مثل هذا الخبر لا يعدو أن يكون خبراً للصحف الصفراء على أكثر تقدير، وليس في صحيفة "تليغراف"، لكن بريق داعش في الغرب يجذب قراء الصحافة، ومثل هذا الخبر يحرك المبيعات الراكدة ويزيد من نسبة التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن هذا "الداعشي"، إن صح خبر مقتله أو لا، فقد كان يحلم "فقط" بأن يصبح رئيساً لوزراء بريطانيا، فكيف وُصف في الخبر على أنه مرشح لرئاسة الوزراء البريطانية؟!
لن أناقش هذا الموضوع هنا، فالخبر قادني إلى موضوع آخر، وهو أن بريطانيا هي سيدة المكائد في العالم، وتمرير مثل هذا الخبر لا يعدو أن يكون بالون اختبار مخابراتي لرصد قضايا كثيرة في مجتمع محافظ مثل المجتمع البريطاني غايته تحذيرية واستخباراتية، لأنه ببساطة، لا يمكن أن تسمح "بريطانيا العظمى بتلويث "نقائها العرقي" بجنسية أخرى وعلى الأخص جنسية إسلامية، وإلا كان دودي الفايد البريطاني المصري، العصري، المليونير، هو أول من اخترق هذه القاعدة!
وبالعودة إلى قضية "الفايد" نرى أن المخابرات البريطانية ضحت بالأميرة ديانا والدة ولي العرش المقبل حتى لا تتزوج من "الفايد" بعد طلاقها من الأمير تشارلز وهذا سببه معروف، فليس من المسموح بتاتاً أن يكون لولي عرش بريطانيا أخ عربي ومسلم أيضاً، فهل تحولت الصحافة من " صاحبة جلالة" إلى "صاحبة سوابق" ؟!
أسئلة كثيرة طُرحت – بعد مصرع الأميرة ديانا وصديقها العربي عماد الفايد في نفق "آلما" في باريس – حول دور الصحافة في مصرع أشهر أميرة معاصرة، كان للصحافة معها حكايات وحكايات، فهل حقاً كانت الأميرة تتضايق من الصحافة وتخشى عدسات المصورين؟
إن المتتبع لمسيرة هذه "السندريلا" يكتشف أن الأميرة هي التي كانت تسعى وراء الصحافة، ولو لم يطاردها المصورون لطاردتهم هي بنفسها، لأنها ببساطة لا تستطيع العيش بلا أضواء!
إننا - كصحفيين - جزء من هذه القضية، ولئن اختلفت المعايير المهنية والأخلاقية بين صحافتنا وصحافة الغرب، فسنبقى جزءاً من هذه الإمبراطورية التي اسمها "الصحافة"، ويمكن أن يشار إلينا بإصبع الاتهام.
من هنا نجد أنه من المفيد توضيح الدور الذي لعبته الصحافة في حياة الأميرة ديانا وفي مصرعها المأساوي، وقبل هذا التوضيح لا بدّ من إلقاء نظرة على حياة الأميرة قبل أن تجعل منها الصحافة نجمة الأغلفة وبطلة العناوين وسيدة قصص المغامرات.
لقد كانت « ديانا » تجسيداً لأسطورة " سندريلا"، فقد عانت من زوجة الأب القاسية.. ولم تكمل تعليمها ما بعد الجامعي، وغرقت في قراءة الروايات الرومانسية والشعبية، وعانت من إفلاس أبيها وضعف شخصيته وعملت معلمة في حضانة، حتى جاء الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا ليخطفها على حصان أبيض ويفتح لها، وهي من عامة الشعب، أبواب قصر باكنغهام على مصاريعها!
من هنا كانت المادة الصحفية التي استقتها وسائل الإعلام، ومن هنا أصبحت قصة الأميرة البائسة التي هجرها الزوج إلى أُخرى مثار الجدل في الصحافة الشعبية والرسمية على السواء في الغرب.
لقد أحست ديانا أنها امرأة غير مرغوبة، فشرعت في تقديم المادة الطازجة لتثبت العكس، وتحدثت علناً عن علاقاتها لتثبت أنها مرغوبة، وكانت تهوى مطاردة الصحافة لها، وكانت في قرارة نفسها لا تغضب من نشر صورها حتى الخاصة منها!
إن الـ "بابارتزي" يدركون الحقيقة ويقولون: (إن المشاهير يموتون غيظاً لو صورناهم ويموتون كمداً ورعباً لو لم نصورهم )!
وهكذا نجد أن المشاهير يدمنون الضوء، وفي حال احتجابه يفتعلون الأحداث لجذب الأضواء.. فلماذا تُحمَّل الصحافة ذنب مصرع الأميرة ديانا ومن المستفيد من هذا الاتهام؟!
تحليلات كثيرة نشرت وآراء متضاربة قيلت حول "مقتل" الأميرة وصديقها العربي، وليس "موتهما"، أما أن تكون الصحافة هي القاتلة فهذا اتهام مردود عليه، ولقد كشفت الصحافة الكثير من خفايا مصرع ديانا والفايد وكشفت بعض حقائقه الخفيّة ولاعبي الأدوار فيه!
في كتابه الشهير: "أشهر جرائم الهوى" يوضح الكاتب البريطاني المبدع "كولن ويلسون" منذ قرون، الأسلوب الذي تتعاطى فيه المملكة مع كل من يشذ عن القاعدة في الأسرة الحاكمة، ويكون مصيره الموت، ودائماً تُعزى هذه الجرائم إلى فعل جنائي، وتبقى سمعة الأسرة الحاكمة نظيفة.
وإذا كان تمرير خبر كخبر الداعشي "المرشح المزعوم" لرئاسة وزراء بريطانيا فرقعة "ديمقراطية" فبئس تلك الفرقعات!