بدعة أردوغان الجديدة .. منطقة خالية من داعش

بدعة أردوغان الجديدة .. منطقة خالية من داعش

تحليل وآراء

الأحد، ٢٦ يوليو ٢٠١٥

في الوقت الذي بدأت العديد من الدول تغيير سياساتها و مواقفها من الدولة السورية و الحرب عليها, و مع ازدياد تصاعد أصوات العقلاء حول العالم بضرورة وقف هذه الحرب اللعينة, و أنه لا بديل عن الحل السياسي , بما فيها مواقف و تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة – و التي لا يثق السوريون بها مطلقا ً – و مواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين , و المواقف " المعلنة " للحكومة الألمانية و الفرنسية و البريطانية و غيرها ....
نرى حكومات تركيا و السعودية و اسرائيل , تنفرد في المضي قدما ً في استمرار دعم الإرهاب و التنظيمات الإرهابية , و بالدفع لإستمرار الحرب على سورية .. دون أي تغيير في سياستها منذ اليوم الأول للحرب على سورية و المنطقة.
لقد اختزلت دول الهيمنة و أصحاب المشروع الإرهابي .. ظهورها العلني عبر التعلق خلف الخدع السياسية, و النفاق السياسي, بأضلاع مثلث الشرّ التركي – السعودي – الإسرائيلي.. والتي بقيت وحدها تغرد خارج السرب الدولي , و بدأت تتلمّس أخطائها – بعد فوات الأوان – و غرقها في المستنقعات المميتة , يبدو أنها لم تعد تستطيع التراجع , و تجد في الهروب إلى الأمام , و متابعة المخطط سبيلا ً وحيدا ً للنجاة , و البقاء على قيد الحياة .. و أنها لم تتعلم بعد معنى اللعب بالنار...!!
إن انفجار العنف الإرهابي في بعض المدن التركية , و سقوط الضحايا من المدنيين و رجال الشرطة و العسكريين .. تحت أنظار الشارع و الشعب التركي , الذي يرى بالعين المجردة امتلاء المدن التركية بالإرهابيين المزودين ببطاقات حماية تتيح لهم حرية التنقل و الحركة , و يحظون بعناية و رعاية  الحكومة التركية و الرئيس أردوغان وأجهزة الإستخبارات التركية .. قد وضع أردوغان تحت ضغط ٍ رهيب , و إحراج ٍ كبير , فكان لا بد له من احتواء الشارع التركي , و إعلان الحرب على داعش , و في الوقت نفسه متابعة الهروب نحو الأمام في المسار العام .. فكان " الإبداع السياسي " في إطلاق مشروع المنطقة الخالية من داعش , و التي تمتد على طول 90 كم , و بعمق 40 كم داخل الأراضي السورية , وتقع بين مدينتي مارع و جرابلس السوريتين .. كما يسعى أردوغان لإقامة جدار عازل على الحدود المشتركة بطول 110 كم , داخل الأراضي السورية .. بحسب تصريح رئيس الوزراء التركي بولنت اّرنج - .
إذ يسعى أردوغان من خلالها يتابع خداع العالم و الشعب التركي, بعدم تسامحه مع من يعتدي على الشعب التركي , في الوقت نفسه يعمل على فرض منطقته العازلة أو الاّمنة التي طالما حلم بها .. و التي تسمح له بإستمرار اللعب على من حرضوهم للوقوف في وجه دولتهم , إذ تفيد البدعة بمنع عناصر حزب العمال الكردستاني و عناصر داعش من التواجد فيها , و تأمين تقدم عناصر ما يسمى بالجيش الحر .. و منع الجيش السوري من دخولها و حظر طائراته في أجوائها .. تحت ذريعة مساعدة الشعب السوري و منع إقامة كيان خاص للأكراد في الشمال السوري , و تأمين حماية الحدود والأمن القومي التركي .
بالإضافة إلى إعادة فتح قاعدة أنجرليك أمام القوات الأمريكية , لتقوم بمحاربة داعش عبر الجبهة الشمالية السورية .
هذا المسلسل التركي الأمريكي الجديد يعتبر بغاية الخطورة .. إذ يخفي نوايا الإدارتين , و يكشف النقاب حول طبيعة اللقاءات الأخيرة بينهما .. و أن أردوغان حصل على موافقة أمريكية لإقامة هذه المنطقة , وسط أكاذيب و إشاعات حول اقتناع القيادة الروسية بها .
هل يفكر أردوغان بمذبحة جديدة تطال أكراد سورية في الشمال ..؟؟ بعد انتهاء شهر العسل مع بعض المكون الكردي .. يبدو أن بطاقة جلوسه على طاولة الكبار ستكلفه الكثير, و لن تكون بمتناوله.
في حين تجد الإدارة الأمريكية في فتح هذه الجبهة أمامها , وسيلة ً لزيادة الضغط على القيادة السورية , من خلال سعيها لإمتلاك  المزيد من أوراق الضغط في الجولة السياسية القادمة , و التي يرفض السوريون الخوض في أي جولة محادثات أو لقاءات ما لم تكن محاربة الإرهاب و تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتصلة هي قاعدة الإنطلاق الأساسية , و التي بقيت حيرا ً على ورق و لم يثبت العالم جديته في محاربة الإرهاب حتى الاّن .
يبدو أن الرئيس أردوغان لن يتوقف عن ممارساته و عدوانه على سورية إلاّ بإقصائه عن الحكم , نعول على الشعب التركي , و الجيش التركي , و عقلاء تركيا .. بإنقاذ تركيا و العالم من هذا المجرم ..
عليه أن يتذكر جيدا ً مصير الطائرات التركية التي اخترقت السيادة الجوية السورية , و كم من الثواني التي احتاجتها الصواريخ السورية لتحويلها إلى كتل حديدية متفحمة .. و أن يعلم أن الدولة السورية لن تتوانى في الدفاع عن كل شبر من أراضيها , و كل مواطنيها .. سواء كانوا كردا ً أم عربا ً أم سريان أم اّشوريين .... فالكل في سورية مواطنون سوريون .. متساوون في الحقوق و الواجبات .. و أن الدولة السورية بشعبها و جيشها و قيادتها الحكيمة لن تتوانى في استرجاع كل ذرة تراب ٍ سورية, و لن يمنعها جدار ٌ هنا أو إرهابيين هناك.. و أعتقد أن كلام سيادة الرئيس بشار الأسد اليوم رسالة واضحة لكافة أردوغانات العالم .. أن الأرض لمن يدافع عنها , و ليس لمن يسكنها .. في رسالة يحتاج الكثيرون حول العالم إلى قرائتها و تحليلها مرات و مرات .. ومن له اّذان فليسمع .

المهندس : ميشيل كلاغاصي