الطريق إلى الأخلاق..بقلم: ميساء نعامة

الطريق إلى الأخلاق..بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٢٥ يوليو ٢٠١٥

 يبدأ بخطوة جريئة وحاسمة، وهي إنجاز مادة تربوية تحت اسم "مبادئ الأخلاق" لجميع المراحل الدراسية، وأن تكون مادة مرسبة ومنجحة، وبذلك نضمن ألا تكون الحصة الدرسية الخاصة بمادة الأخلاق، مجرد حصة للترفيه والتسلية والنوم والاسترخاء، بحسب استفتاء تم نشره في إحدى الصفحات الفيسبوكية الوطنية.
الأخلاق عماد الأمم والسبب الرئيسي في استمرارها، أو انحلالها وعدمية وجودها، وتدريس مادة الأخلاق لا يمكن أن يتم بشكل شفهي وجاف بل لابد من ترجمة الأخلاق إلى حالة سلوكية لها انعكاساتها الإيجابية على المجتمع بكامله.
بنظرة فاحصة للدول التي انتزعت عوامل تطورها من قلب الهزائم ومن ويلات الحروب والحصار ومحاولات العزل، ندرك أهمية الإنجازات التي تحققت، ولعلنا نكتفي بمثالين اثنين اليابان والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن خلال المثالين يمكننا تلمس الطريق إلى الأخلاق.
اليابان البلد الذي نُكب بفاجعة القنبلتين النوويتين وعانى ما عاناه من آثارهما حيث استمرت تداعيات هذه الفاجعة على الشعب الياباني سنوات طويلة من تشوهات الأجنة والهزيمة النفسية للشعب الياباني لسنوات تلت الضربات الأمريكية على هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين.
لعل المشهد الأكثر تعبيراً عن الأخلاق ذلك الذي يبدو فيه طلاب المدارس في اليابان جاثمين على الأرض باحترام أمام أقدام أساتذتهم وهم يبدلون أحذيتهم بأخرى يرتديها الأساتذة داخل المدارس.
 ومادة الأخلاق هناك لا تدرس تنظيراً وبشكل ببغائي يحفظه الطلاب ويتقدمون بعدها إلى امتحانات لينجحوا بالمادة وكفى الدارسين تطبيق ما درسوه، الأخلاق هناك تبدأ من تنظيف الطلاب لصفوف الدراسة وتبدأ مع تعامل الطلاب باحترام وتقدير مع أساتذتهم، وتبدأ مع التحصيل الدراسي المشرف، وتبدأ مع انعدام الواسطة.
 خطوات الطريق إلى الأخلاق في اليابان تبدأ من الشارع النظيف ومن تقديس الوقت ومن قداسة العمل الجاد والدؤوب ومن احترام المديرين للموظيفن وتبجيل الموظفين لمديريهم، وقد تكون أهم خطوات الطريق إلى الأخلاق هناك في بلاد اليابان صدق الانتماء إلى وطنهم وحب وطنهم بالعمل والفعل على تنميته وليس بالتنظير والاكتفاء بالقول على حساب الفعل!.
أما انتصار مفاوضات النووي الإيراني فهي تختصر سنوات طويلة من الصبر وتحمل مصاعب الحياة وتضييق سبل الحياة والحصار على لقمة المواطن الإيراني ومحاولة عزل إيران عن العالم، هذه السنوات بدأت مع انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية وخروج إيران من عباءة السطوة الأمريكية.
النهضة التي شهدتها إيران الثورة في ظل الحصار عليها، إنما يعكس حالة صمود الشعب الإيراني وإصراره على تحقيق المعجزات العلمية، وبفضل صبر الإيرانيين وجهادهم الأخلاقي وجهادهم في العمل الدؤوب والمثمر تمكنت إيران من تحقيق التطور المتكامل في جميع مجالات الحياة وتوجت بتكنولوجيا الطاقة النووية للاستعمالات السلمية.
 الطريق إلى الأخلاق في سورية والوطن العربي تبدأ بخطوة بنّاءة وصادقة تجاه أوطاننا وهي خطوة الخلاص من الإرهاب الأسود، فقد وجد الاستعمار الجديد في بلادنا التربة الخصبة التي هيأت دخوله واستمراء نهب وجودنا، فاستغل الجهل والفساد وانعدام الأخلاق والاسترخاء المرضي عند الشعوب العربية بشكل عام وسورية بشكل خاص وتغلغل محدثاً الخلل المفجع.
المشاهد الصادمة التي حدثت في سورية من عمليات ذبح وتقطيع وتنكيل بالجثث وحرق، والتفنن بعمليات الإعدامات التي تمارسها المجموعات الإرهابية التي وجدت ببعض البيئات المتخلفة مرتعاً لها، أساسها أن الوزارات المعنية تخلت عن مهمة التربية واقتصرت على مهمة التعليم ولا نستغرب إذا شاهدنا طبيباً يعتنق المذهب القاعدي، لأن الدولة تقاعست في مجال التربية والأخلاق وتركت المهمة لقنوات الفتنة الدينية تغسل أدمغة شبابنا كيفما شاءت رياح مموليها.
 الحديث يطول لكن الخطوة الأولى تبدأ بتكريس الأخلاق العربية الأصيلة، وزرعها في نفوس الأجيال التي تفتّح وعيها على مشاهد الدمار والخراب والقتل والذبح والموت بقذائف الغدر.
فهل نبدأ بالخطوة الأولى؟