طهاة من العالم القديم.. بقلم: وائل عبد الفتاح

طهاة من العالم القديم.. بقلم: وائل عبد الفتاح

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ يوليو ٢٠١٥

ـــ ١ ـــــ
.. وما زال هناك مَن يريد «تثبيت» المنطقة ليكمل لعبته.
الصيغ القديمة كلها تعلن استقالتها بالتدريج، كما نرى في عودة إيران إلى المجتمع الدولي، واستعادة السعودية لخيوط تحالفها مع الإخوان المسلمين عبر «حماس»،.. وبرغم هذا هناك تصور بأن اميركا ما زالت اميركا، وموازين القوى تسير بسيطرة كلية الإرادة، وكل شيء تحت السيطرة، حتى ان أبواق الدعاية من كل الأطراف ما زالت تشحن حناجرها لتقنع نفسها قبل جماهيرها بأنها انتصرت.
أما طهاة هذه الصيغ التي تجسدها أنظمة ملكية وجمهورية وبين بين، فإنهم أدمنوا الطبخات السريعة، فسترى على مائدة التحليل أطباقاً جاهزة عن الخلاف المصري ـ السعودي، وتبشير بتقارب «مصري ـ إماراتي» الى ما يشبه التحالف بعد زيارة مشعل للرياض.. وفي مقابلها طبخة حريفة عن «التحالف السني» الذي يخرجه الملك سلمان كساحر في مواجهة الاستعراض «الشيعي» المنتظر بعد الإفراج عن الأموال الإيرانية.
وكأن إيران بعد فيينا ستكون هي نفسها إيران قبل فيينا، وكأن السعودية والخليج والمنطقة كلها ستظل على وضع الثبات برغم الحراك الدموي الخارج عن السيطرة...
وكأن لا شيء يتغير...
ـــــ 2 ـــــ
«داعش» دخلت على خط الإرباك...
وهاجمت «بذرة» الفريق السني بين حماس والسعودية، أليس هذا تغييراً يوضع في الحسبان؟
وهل ستبقى إيران على وضعها في ترك «المد الشيعي» على رؤوس حركتها الجديدة في الإقليم؟
أسئلة يمكن أن نرى منها كل إضافة جديدة للتفاعل «الميت» في منطقة تنتقل من «الركود» الى «الانفجار» في زمن خاطف. انتقالات تفتت التكلسات وتجعل كل الأبنية السياسية (التحالفات والسيطرة) والاقتصادية (العمران والاستثمار ) زائلة ورهن نتيجة تفاعلات بعيدة عن سيطرة «القطب الواحد»... وتتم بانشطارات لا قانون معروفاً لها، فكيف ستتعامل السعودية مع الجسم الأصلي لجماعة الإخوان المسلمين بعد ان وصلت مظلوميته إلى حد «نحن او السيسي» لكي تستمر في الحياة؟
وإلى أي نقطة سيصل دعم حماس في ظل «طمأنينة» إسرائيل بأن لا خوف من الأنظمة ولا التنظيمات التي تسير في ركابها؟ وكيف ستمحو إيران تاريخها مع هذه التنظيمات في عهد ما بعد فيينا؟
هل سيقترب السيسي من إيران على أرضية طغيان معركته مع الإخوان، والتقارب في رؤية الموقف من سوريا؟
وهل ستفترق الإمارات مع السعودية في مواجهة إيران بعدما اختارت الرياض الحرب بالإخوان لا بخصومهم؟
.. أم أن كل هذا سيتفتت ويتحول إلى عجينة ما يصعب وصفه؟
ـــــ 3 ـــــ

الأسئلة تفتح مجال المعرفة الجديدة.
نحن أمام ركام عالم قديم لا يصلح مادة بناء جديد، والماضي لم يعد مؤثراً في المستقبل، لكنه يشكل عائقاً أمامه. وهذا سر دموية اللحظة الراهنة وطغيان عقلية تجارة الحروب والمقاولات. فالأسلحة تدمر والمقاول يجني الأرباح. هذه هي التحالفات النشطة في استثمار الموت العلني الذي نراه للماضي.
كل الصيغ المتحالفة/المتحاربة لم تعد صالحة، لا حروب الدول القومية، ولا حروب الطوائف، ولا حروب المذاهب، كلها أسباب للموت، فقط للموت، أما الحياة ففي مكان آخر.