إيران والاتفاق النووي: ما يُغضب أميركا هو الصواب!

إيران والاتفاق النووي: ما يُغضب أميركا هو الصواب!

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٤ يوليو ٢٠١٥

قبل عامين أبدى قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي موافقته على إجراء محادثات نووية على مستوى وزراء الخارجية، لكن هذه الموافقة ظلت مقرونة بسقف منخفض للتوقعات.
يومها، قال خامنئي: «أنا لست متفائلا بالنتائج لأنّ الطرف المقابل صاحب حيلة ومكر ولا يمكن الاعتماد عليه».
تلك حقيقة وصل إليها المفاوضون النوويون في فيينا خصوصاً حين صارت الامور المرتبطة بالمفاوضات كافة تجري وفق ما تم الاتفاق عليه في جنيف أوّلاً، واعلان سويسرا تالياً، وأخيراً في جولة فيينا الماراثونية، حين وصلت المفاوضات الى نقاط حساسة شملت قضية العقوبات بشقها العسكري، وتفتيش المنشآت العسكرية، ومدة الاتفاق، والابحاث العلمية، ومنشأة «فردو» لتخصيب اليورانيوم، التي تراجع الاميركيون، بحسب المعلومات، عن القبول بوجود الف جهاز طرد مركزي في داخلها مع انها غير فعالة.
تم الاتفاق على اعداد صيغة للتفاهم، وكتب مشروع القانون من الناحية التقنية، وأضيفت اليه الملاحق الخمسة، ليصل عدد الصفحات الى ثمانين صفحة او أكثر بقليل.
الرئيس الاميركي باراك اوباما عقد لقاءً عبر شاشة الدائرة المغلقة مع جون كيري، ليخرج بعدها الوفد الاميركي بلهجة مختلفة ومطالب جديدة غيّرت مجرى المباحثات وأوصدت الابواب امام الحوار.
المفاوض النووي العارف بأن القرار سياسي والخطوط الحمراء تمّ رسمها في طهران، أدرك أن العودة بأي اتفاق غير الذي أقرّه مجلس الشورى الاسلامي سيعني عدم الموافقة عليه، و لن يساوي قيمة الحبر الذي كتب به، وكان مدركاً ان بعض المطالب الغربية وبخاصة الاميركية و الفرنسية تمثل خرقاً للخطوط الحمراء التي رسمها المرشد الأعلى، وبأن البحث فيها قد يؤدي الى تقديم بعض التنازلات ما يعني تجاوز الخطوط الحمر باتجاه اتفاق لن تعترف به طهران الرسمية.
الموقف الاميركي الذي يشير الى تشدّد في المطالب يفتح الباب امام معارضي تفاصيل الاتفاق النووي داخليا، فوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف يحاول تدوير الزوايا لانه واقع بين فكي كماشة المطالب الاميركية المبالغ فيها من جهة والمطالب البرلمانية الايرانية التي رفعت السقف في الخطوط الحمر من جهة أخرى، ما يدفع بظريف للعب دور الباحث عن الحلول الوسطية لاقناع الطرف الغربي وإرضاء البرلمان.
هنا ظلت تكمن عقد التأويل والتفسير للبنود، ومن بينها، على سبيل المثال المدة الزمنية المطروحة ايرانيا لعدم انتاح الوقود النووي، وخفض مستوى التخصيب الى نسبة 3.6 في المئة هي ثماني سنوات فيما يطالب الغرب بفترة تتراوح بين 12 الى 15 عاما كحد أدنى.
واما الاصرار الايراني على السنوات الثماني فيبرره العقد الموقّع مع الجانب الروسي لتأمين وقود مفاعل بوشهر حيث انقضى من تاريخ العقد عامان وبقيت ثمانية اعوام، تريد ايران بعدها انتاج الوقود بنفسها والاستغناء عن تمديد العقد، ما قد يسمح لها باستخدام اجهزة طرد مركزي جديدة والحصول على كميات كبيرة من اليورانيوم بعد عامين.
هذا الطرح يرفضه الغرب، وذلك لكي يبقى مشرفاً على عمليات التخصيب وكميات اليورانيوم، ما سيخفف من نمو البرنامج النووي و يجعل اجهزته بالية بعد 15 عاماً، الامر الذي يستلزم اجراء تعديل جذري في بنية المشروع النووي ليتناسب مع علوم العصر حينها.
ولعل السبب في التعنت الايراني يعود الى الرغبة في عدم خسارة التكنولوجيا ودخول المشروع في سبات علمي سيؤدي الى تجميده، لذا يصر المفاوضون الايرانيون على ابقاء عمليات الابحاث من دون قيد او شرط، وهذا الامر يشمل اجهزة الطرد المركزي من الجيل الحديث «IR 8 »، حيث يمكن لثمانية آلاف جهاز ان تسد حاجة البرنامج النووي بسبب قدرتها على انتاج مئة و تسعين الف «سو»، وهو الرقم المعلن عن الحاجة الايرانية للطاقة النووية.
الضغط الداخلي على المفاوض الايراني تقابله ايضا ضغوط من الكونغرس على الوفد الاميركي، فوزير الخارجية الاميركي جون كيري يحاول بدوره ان يسجل اسمه في تاريخ المفاوضات النووية، الا ان الادارة الاميركية تخضع في الوقت ذاته لضغوط عدم توقيع اتفاق «سيء»، وهو تعبير اسرائيلي عن مجريات الاحداث، ويشير الى مدى فعالية اللوبي الصهيوني في افشال الاتفاق النووي مع تحركات موازية لدول اقليمية.
الكل يبحث عن مصالحه واضعاً ميزان الربح امام عينه.
وفي لعبة التفاوض يكون الرابح من يقدم تنازلات أقلّ ويحصد مكتسبات اكبر.
خلاصة القول تكمن في عبارة شهيرة في ايران تقول: «اذا قمنا بعمل وفرحت به اميركا فهذا يعني أنه خطأ... واذا قمنا بعمل اغضبها فهذا يعني اننا على صواب».

16 جولة تفاوض
- الجولة الأولى (17-18 شباط 2014): عقدت الجولة الاولى من المباحثات في العاصمة النمساوية فيينا بحضور وزراء خارجية إيران والدول الست الكبار.
- الجولة الثانية (18- 19 آذار 2014): عقد الجولة الثانية من المباحثات في العاصمة النمساوية فيينا بحضور جميع مساعدي وزراء خارجية جميع الأطراف ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ومسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون، ولم تسفر عن أي نتائج.
- الجولة الثالثة (7-9 نيسان 2014): عقدت في العاصمة النمساوية فيينا بين وزراء الخارجية، ولم يتم تدوين أي اتفاق نهائي.
- الجولة الرابعة (13-16 أيار 2014): عقدت في العاصمة النمساوية فيينا لكنها لم تسفر عن أي نتيجة بحيث أعلنت إيران عن وجود خلافات في شأن مسائل أساسية.
- الجولة الخامسة (16-20 حزيران 2014): عقدت في العاصمة النمساوية فيينا بين وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، أعلن عقبها ظريف أن بلاده لا تطلب الكثير، محذراً من أن الفشل في إبرام اتفاق نهائي سيجــعل طهران تستــعيد سياســات كانت تنتهجها.
- الجولة السادسة (2-20 تموز 2014): عقدت في فيينا وتم الاتفاق فيها على رفع بعض العقوبات الاقتصادية من على إيران وتسديد قيمة مليارين ونصف مليار دولار.
- الجولة السابعة (18 أيلول 2014): عقدت في نيويورك على مستوى وزيري الخارجية الإيراني والأميركي، من أجل تقريب وجهات النظر بين الجانبين.
- الجولة الثامنة: (16 تشرين الأول 2014): عقدت في فيينا بين وزراء خارجية الدول المشاركة، وأعلن المشاركون بها أنها كانت صعبة. لكن نوقشت خلالها حلول محتملة تتيح إبرام اتفاق يطوي الملف النووي الإيراني.
- الجولة التاسعة (9 تشرين الثاني 2014): عقدت في العاصمة العُمانية مسقط بين وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، ونظيره الأميركي، جون كيري، بحضور منسقة المباحثات، كاثرين آشتون، وباستضافة السلطان قابوس بن سعيد.
- الجولة العاشرة (19 تشرين الثاني 2014): عقدت في فيينا بعقد بعض اللقاءات الثنائية على المستوى الوزاري.
- الجولة الحادية عشرة (17 كانون الأول 2014) عقدت هذه الجولة على مستوى المساعدين في جنيف للتوصل إلى اتفاق نهائي.
- الجولة الثانية عشرة (18 كانون الثاني 2015): عقدت في مدينة «جنيف» السويسرية، على مستوى مساعدي وزراء الخارجية سبقتها مباحثات ثنائية بين طهران وموسكو وواشنطن من أجل التوصل الى إطار توافقي حول الملف النووي الإيراني.
- الجولة الثالثة عشرة (20 شباط 2015): عقدت في جنيف على مستوى مساعدي وزراء الخارجية.
- الجولة الرابعة عشرة (5 آذار 2015): عقدت في مدينة مونترو السويسرية على مستوى مساعدي الخارجية بين إيران ودول 5+1 للبحث بشأن الحل الشامل للقضية النووية الإيرانية.
- الجولة الخامسة عشرة (15 آذار 2015): عقدت في مدينة لوزان السويسرية بين وزراء خارجية الدول المشاركة.
- الجولة السادسة عشرة (17 حزيران ـ 13 تموز 2015): الجولة الاخيرة، وقد عقدت في فيينا، وتم خلالها تمديد المهلة النهائية لتوقيع الاتفاق أكثر من مرة.