وقفة لابدَّ منها.. بقلم: هنادة الحصري

وقفة لابدَّ منها.. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الأحد، ٥ يوليو ٢٠١٥

على الرغم من أن مصطلح "الدولة اليهودية " ليس بجديد إذ إنه ظهر في أدبيات المؤتمر الصهيوني الأول في اّب عام 1897 ولكنه أخذ يبرز في السنوات الأخيرة بوتيرة متسارعة، فالخطاب الإسرائيلي أخذ يتمحور وينتشر بسرعة حول "يهودية الدولة " والإلحاح على مضامين الخطاب في الداخل الإسرائيلي والمؤتمرات الدولية، ونؤكد التوجه عبر محاولة استصدار وثيقة إسرائيلية فلسطينية مشتركة تتضمن موافقة فلسطينية على فكرة يهودية الدولة، ولعمري هذا ليس فقط لإحلال مشروعية التطهير العرقي الذي مارسته إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني فقط بل الذهاب إلى أبعد من ذلك عبر وضع مخططات لتنفيذ "ترانسفير" إضافي بحق ما بقي منهم داخل الخط الأخضر..
ولعل نظرة ثاقبة في كل هذا توضح النفحات العنصرية داخل الخط الأخضر واللاجئين الفلسطينيين في أماكن لجوئهم المختلفة سواء في الداخل الفلسطيني أم في المنافي القريبة والبعيدة...
وانطلاقاً من أن الحركة الصهيونية تعتبر كل اليهود هم "المادة البشرية " لتحقيق أهداف إسرائيل. فقد حاولت جذب مزيد من يهود العالم إليها ولكن رغم مرور ستة عقود على إنشائها فإن الحكومات الإسرائيلية لم تستطع جذب سوى 40% من يهود العالم إلى فلسطين المحتلة.
ولكن من الملاحظ في السنوات الأخيرة تركيز الخطاب الإعلامي الإسرائيلي على المطالبة باعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية بل ذهب "ليبرمان" إلى أبعد من ذلك. إلى المطالبة بالاعتراف بها " دولة يهودية وصهيونية ".
إن التعمق في هذا التوجه في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي يوضح بشكل كبير رفضاً غير مباشر لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم إلى الدولة إذ بذلك ينبغي أن يعودوا إلى الدولة الفلسطينية لا إلى الدولة اليهودية، الأمر الثاني يركز الخطاب على توجيه رسالة إلى فلسطينيي الداخل بالتوقف عن فضح المزاعم الديمقراطية على الرغم من أن تصريح أكثر الحكام الإسرائيليين يركز على ضرورة الاعتراف بالدولة اليهودية كشرط للتفاوض إذ هذا يعتبر إملاء واضحاً.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يطرح الإسرائيليون هذا الشرط إلا الآن ؟..
تشير الوقائع التاريخية إلى أن الطبقة الحاكمة الإسرائيلية كانت وما زالت تعتبر أن الدولة التي أقامتها بقوة السلاح على أرض فلسطين عام 1948 هي "دولة يهودية" لكن هذه الهوية الدينية بقيت اقتناعاً إسرائيلياً داخلياً، ولم تطرح من قبل في الخطاب الإسرائيلي للعالم، أو في المفاوضات مع العرب..
وهو ما يعني أن الإسرائيليين انتظروا أكثر من أربعين سنة تقريباً ليعلنوا هذا الشرط. نلاحظ هنا أن " دولة الاحتلال " انتقلت أو هو اقتناع قيادتها السياسية من مرحلة المطالبة بشرعية وجودها كدولة إلى مرحلة أصبحت فيها تضع شروطاً صارمة للعرب الذين يريدون الاعتراف بهذه الدولة... وهنا يتوضح السبب في التوقيت، حيث لم يطرح الإسرائيليون شرط الاعتراف العربي المكتوب بيهودية الدولة الإسرائيلية إلا الآن ! علما بأنه حتى شهور وسنوات قليلة كان المطلب هو مجرد الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وبعد أن اطمأنوا إلى أن العرب تجاوزوا هذه العقبة، حيث منهم من اعترف وطبّع، ومنهم من أعلن استعداده لفعل ذلك حان وقت الاشتراط بأن اعترافهم "بإسرائيل" هو اعتراف ناقص، وبالتالي لن يكون مكتملاً من دون الاعتراف بالهوية الدينية لها.
إن الحكام العرب الذين طبّعوا أو أعلنوا استعدادهم لذلك لم ينتبهوا إلى أنهم شطبوا حق العودة وهذا يحمل في طياته نتائج منها توجه إسرائيلي لطرد أبناء فلسطين من وطنهم بزعم الحفاظ على نقاء الدولة اليهودية أو إقصائهم أو تهميشهم لأنهم أقلية تبلغ حوالي 1،4 مليون عربي فلسطيني.
السؤال الآن ما تعريف اليهودي؟ إن معنى الشعب اليهودي هو الشعب الذي ينتمي إلى القومية اليهودية واللغة العبرية والدين اليهودي هو مجرد عنصر ثقافي من مكونات الهوية القومية وحسب هذا المعنى يجب أن تكون إسرائيل دولة وطنية علمانية وليست دينية، وبما أن الإسرائيليين يقولون بأن دولتهم هي دولة ديمقراطية، فإنها يجب أن تلغي " حق العودة" الذي يعطي الحق لليهودي في أي مكان من العالم بالحصول على الجنسية الإسرائيلية بمجرد عودته إلى هذه الدولة..السؤال الآن ما تصور مستقبل الفلسطينيين في دولة دينية عنصرية حيث تم الاعتراف العربي والدولي بهويتها الدينية والعنصرية أليس موقفهم أسوأ وأصعب مما هم فيه حاليا ؟...