القول العبرة.. بقلم: د. اسكندر لوقـــا

القول العبرة.. بقلم: د. اسكندر لوقـــا

تحليل وآراء

السبت، ٤ يوليو ٢٠١٥

بشكل عام يختلف معيار الظلم على مستوى العالم من حيث خصوصيته وشدته عند البعض من الناس، بحيث تراه فئة منهم وسيلة للإصلاح، بينما يرى آخرون أن الظلم كالخطأ الذي يقود إلى خطأ وقد يكون أشد وقعاً على الأرض من وقعه في المرة السابقة.
وفي إطار هذه المعادلة، حيث أحد أطرافها يناقض طرفها الآخر، يدفع الناس ثمناً إذا ما غلب الرأي إلى الإصلاح عبثاً الرأي الآخر المتعلق بأحقية لظلم في المجتمع، أي مجتمع.
ومن هنا تتخطى معادلة الظلم أبعادها المرئية لدى من يؤمن بها بشكل مطلق بعيداً عن حدود الفرد والجماعة والزمن الحاضر، لتغدو مسألة الدفاع عنها، في مواجهة الظلم تحديداً، حتى لا تتسع رقعته وتصير كما الأشواك الضارة في الحقول، وبالتالي حتى لا يفقد العالم توازنه بشكل أو بآخر.
إن مفهوم الظلم في مقابل مفهوم العدالة، لا يمكن أن يوضح كل منهما في حدود زمن له بداية وله نهاية. الظلم موقف آمن به منذ القديم فريق من الناس بينهم السياسي وعالم النفس والاقتصادي وسوى ذلك، كما العدالة لها أنصارها بين هؤلاء وأولئك. ولهذا الاعتبار يشكل هذان الطرفان خطين متوازيين لا يلتقيان، ويستمر الإنسان في دفع الثمن من ماله وحياته، في حال غُلب المؤمن بالعدالة وانتصر الآخر.
وفي سياق هذه المسألة الشائكة، يحار المرء بأي طريقة يمكن للراعي أن يجنب رعاياه الوقوع في تجربة الخطيئة التي تقوده إلى قوس المحكمة، وخصوصاً حين لا تكون القضية التي من أجلها ظلم أو كاد يظلم واضحة وضوح الشمس. وربما، بسبب من هذا التردد، ثمة العديد ممن فقدوا الأمل بتطبيق العدالة عليهم، وكانوا ضحية عدم معرفة أين الصواب من نبع الخطأ، وكان الثمن الحكم عليهم بارتكاب الفعل المستحق للعقاب أو بالبراءة.
وفي كل الأحوال، يبقى التقدير بين أن يحكم الإنسان بجرم أو يبرأ منه، يبقى رهن الضمير القادر على تفهّم دوافع مرتكب الجرم في حال ثبوت ارتكابه الجرم، وكذلك تفهّم سبيل ردعه عن العودة إليه في مرة قادمة، ويكون درساً لسواه. لهذا أجدني أتذكر قول الكاتب والناقد الفرنسي سانت بوف [ 1804 - 1869 ] : إن الظلم هو أمٌّ ليست عاقراً إذا لم يواجه خلف أولاداً جديرين به.
وللناس في هذا القول، كما أعتقد، عبرة.
iskandarlouka@yahoo.com