من اعتقد أن بإمكانه حسمها.. خاب أمله

من اعتقد أن بإمكانه حسمها.. خاب أمله

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣٠ يونيو ٢٠١٥

بعد الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش السوري وحزب الله في السلسلة الشرقية، وكذلك التقدم الذي أحرزته وحدات حماية الشعب الكردي في منطقتي "تل أبيض" والحسكة في الشمال السوري، بعدما انسحب مسلحو تنظيم "داعش" في اتجاه الغرب، أي نحو ريفي أدلب وحلب، ليكونوا على تماس مع "عدوهم اللدود جيش الفتح"، عندها  قرر الرعاة الاقليميون لمتفرعات تنظيم "القاعدة" في سورية، شن هجومٍ منسق ومثلث الأضلاع على مدينتي عين العرب "كوباني" والحسكة  بدعمٍ تركي، وعلى مدينة درعا بدعم أردنيٍ، في محاولةٍ لقلب موازين القوى على الأرض، ولاستنهاض معنويات المسلحين المنهارة، لاسيما جراء الضربات التي تلقاها "تنظيم الدولة" أخيراً، بحسب مصادر ميدانية.
وفي التفاصيل، تلفت المصادر إلى أن الأتراك تحركوا من بعدما تقدمت "حماية الشعب" في "تل أبيض"، مؤكدةً أن أنقرة لن تسمح بنشوء حزام كردي على حدودها، الأمر الذي يتعارض مع الرغبة الأميركية  بنشوء "كونتونات" مذهبية وإتنية في المنطقة.
وفي هذا الصدد، يعتبر مرجع استراتيجي أن نشوء الحزام الكردي في الشمال السوري، قد يعيد طرح قيام "دولة كردستان" قبل 1923، تاريخ توقيع "معاهدة لوزان الثانية"، وكانت تمتد بين تركيا وايران والعراق وجزء صغير في أقصى شمال شرق سورية، ما لن تسمح به أنقرة أياً تكن الأثمان، لاسيما بعد فوز الأكراد بثمانين مقعداً في الإنتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، برأي المرجع. ويلفت الى أن "الحزام الداعشي" الذي كان قائماً على الحدود السورية- التركية، أسهم في انعاش الاقتصاد التركي، من خلال استيلاء "داعش" على النفط السوري وبيعه لتركية باسعارٍ زهيدة، إضافة الى غزو البضائع التركية للشمال السوري بدون رسمٍ  جمركية، فبالتالي "إن سيطرة الأكراد على الحدود المذكورة، سترتد سلباً على الوضع الاقتصادي لأنقرة ايضا، التي ترزح تحت دينٍ بلغ 350 مليار دولار " يختم المرجع.

بالعودة الى تفاصيل الوضع الميداني، فقد باغت تنظيم «داعش» كوباني بهجوم عند ساعات الفجر الأولى، رداً وانتقاماً لهزيمة في تل أبيض وعين عيسى، لضرب هيبة قوات الحماية الكردية،  ولإظهار "التنظيم أنه قادر على ضرب الأكراد في معقلهم، برأي المصادر الميدانية. 

كذلك يهدف الهجوم الى إعاقة أي تقدم كردي مفترض نحو الرقة ومعبر جرابلس مع تركية في ريف حلب، لأنه في حال فقد «داعش» سيطرته على جرابلس ومعابر حدودية أخرى فإنه بذلك يفقد طرق الإمداد الرئيسية له عبر الأراضي التركية.

وفي الجنوب، يحاول السعوديون فرض أمر واقع جديد، من خلال الهجوم على مدينة درعا، بمساندة مباشرة من الاردن "دولة  الترانزيت السياسي" وبادارة غرفة عمليات "موك"، تحت أسم "عاصفة الجنوب"، غير أن الجيش السوري والقوات الريفة أفشلوا هذا الهجوم، وأجبروا المهاجمين على التراجع، بعدما كبدوهم خسائر كبيرة في الارواح والمعدات، تختم المصادر.

لا شك أن ما حصل في الأيام الماضية في سورية، قد أعاد خلط الأوراق بقوة، وأظهر ان المحور المعادي للدولة السورية تحكمه خلافات عميقة وعامودية قد تكون أعمق بكثير من العداء مع النظام السوري، كما إن قدرة الجيش السوري على امتصاص الهجوم والتعامل معه بما يناسب ويؤشر أن المعركة ليس قصيرة ولا سهلة، ومن اعتقد أن بامكانه حسمها بسرعة، خاب أمله  .