النفير العام.. بقلم: سامر يحيى

النفير العام.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ٦ يونيو ٢٠١٥

النفير العام وحمل السلاح، وارتداء البدلة العسكرية، وصول جيش جرار من محور المقاومة، تبريرات وهجوم على فريق حكومي أو عسكري، اتهام بالخيانة والتقصير، تلميع صفحة شخص وتشويه آخر، نقل عن شخص من أرض المعركة(قد يكون وراء حاسبه من خارج القطر)، إبادة مناطق بأكملها لأنها بيئة حاضنة، كلّها تساؤلات ونداءات مطروحة على وسائل التواصل الاجتماعي، جميعها بغض النظر عن موقفنا منها تساهم بشكلٍ فعال في تشتيت الانتباه والتفكير الوطني السليم لدى المواطن، بل إثارة الحقد والضغائن والفتنة، وحتى التشويش على صاحب القرار لكونها تساهم بزرع الإحباط واليأس لدى الكثيرين، أو رفع معنويات بهدف تشويه كل قرار يصدر وتقزيم كل انتصار يحصل، وخاصّة أن البعض يستند لما تنقله تلك الوسائل، ما يؤدي لانتشار الشائعات السلبية، وإيجاد ثغرات جديدة يتسلل منها الإعداء لاستمرار استنزاف البلد من كافة النواحي..
 هذه الكلمات تجيب على سؤال وجه لي كثيراً، لمَ تكتب، وهل أحد يستمع لما تكتب؟ الجواب واضح، كل منا له وجهة نظر يعتبرها محقّة، ودور كل منا القيام بواجبه ويستنفر جهوده لتحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه ضمن إمكانياته لمصلحة الوطن، فأنا لست بممتهن الكتابة، ومن يطلق على نفسه لقب كاتب، يجب أن تكون له إصدارات وكتب وأبحاث ودراسات خلال العام، وليس مجرّد مقال شبه يومي أو أسبوعي في جريدة أو تلك، وواجب الاثنين الكاتب المحترف، أو من يكتب بهدف طرح أفكاره، أن يبدأ بنفسه ويؤمن بالفكرة التي يكتبها، ويطبقها على أرض الواقع، مستفيداً من آراء وانتقادات من حوله، ومن خبراته الحياتية والتحديات والمعوقات والتسهيلات خلال عمله، وعندما يستمع عدّة أشخاص لكلامه بالتأكيد سيساهم بتوسيع الدائرة، وقد يكون قد تمكّن من إيجاد أفكار جديدة أكثر فعالية وقابلية للتطبيق على أرض الواقع من فكرته، فكل منا له وجهة نظره، وأسلوبه، ورأيه، والكل مصيب في رأيه مهما كان متطابقاً أو معارضاً، مادام الهدف مصلحة الوطن، بعيداً عن الانتهازية والنفعية والعمالة، فسورية لديها الخبرات والكفاءات والقدرات ما يؤهلها لإعطاء الدروس للآخر، ودور كل منا الحديث ضمن المعلومات والمعطيات حوله، لا أن أحجم عن الكتابة بحجة عدم استماع أحد، أو سوف أتكلّم بجرأة وأضع النقاط على الحروف وكأنما أقول: إن كل ما كتبته سابقاً هدفه انتهازي وفشلت، فسأغيّر الأسلوب عسى ولعلّ أحقق ما أطمع بتحقيقه، وشتان بين الطمع السلبي المبني على الانتهازية لتحقيق مصالح شخصانية تتناقض مع مصالح الوطن، وبين الطموح المشروع والمطلوب والذي يهدف لتحقيق مصالح الشخص ضمن مصلحة الوطن وأبناء الوطن.. والطامح لديه القدرة على اختراع الحلول والإيجابيات وإزالة المعوقات والتحديّات ولو ضمن الدائرة المحيطة به، بعكس المنافق الطامع مدّعي الوطنية.
 سوريتنا في حرب، وهذا قدرها، ولم تكن في يومٍ من الأيام إلا في حرب وحصار وإن اختلف الشكل والطريق والأسلوب، والنفير العام لا يحتاج دعوة من الحكومة، إنما ينبع من ذات كل منا، بالقيام بدوره وواجبه، فلا أحد يمنع أحداً من الالتحاق بالجيش العربي السوري، ما دام يؤمن بالوطن وبانتصاره، ولا أحد يمنع أحداً من استنفار جهوده لتحقيق إيجابيات لمصلحة المؤسسة والوطن، سواءً كان مغترباً أو ضمن البلد، موظفاً حكومياً أو عاملاً في القطاع الخاص أو لا يعمل، فليس الاستنفار بحمل السلاح، بل الكثير قادر على العطاء والدفاع عن الوطن، أضعاف مما لو حمل سلاح وذهب إلى جبهات القتال.. فكل منا يجب أن يقوم بدوره بكل وعي وأمانة وإدراك، وفق تفكير منطقي وجدي، لا عشوائي تحت تأثير المعنويات والأخبار التي تصله، وبالتالي يكون جزءاً فعّالاً يعمل لمصلحة أعداء الوطن من دون أن يدري.. نعم على كل منا أن يقوم بدوره الإيجابي والفعال لعلاج أسباب المرض لا المرض ذاته، فعلاج السبب بالتأكيد سيؤدي لتغيير النتيجة...وبالتالي نتمكّن من سدّ ثغرة كبيرة على أعداء الوطن، وهنا لا بد أن أعرّج على مصطلح البيئة الحاضنة والتهجّم عليها، والذي انتشر بشكلٍ كبير ولا سيّما من شخصيات تدعي أنها تكافح الفساد وتدّعي نبذها للتفرقة والطائفية، متجاهلاً أن يضع نفسه مكان الآخر، بالتأكيد أغلبية أهل من يعتبرهم البعض بيئة حاضنة، فوجئوا بوصول الإرهاب إلى بلادهم، وليس بإرادتهم، بل منهم من يعمل لمصلحة الوطن والبلد أضعاف المنظرين بالوطنية، ففي كل مجتمع الغث والسمين، وما زال لدى أبناء تلك المناطق الإيمان القوي بأن الجيش العربي السوري سينتصر، وهم سيكونون الأساس في تحقيق هذا الانتصار، ولكن لا بد من إيجاد الآليات واستنفار الجهود للقضاء على الإرهاب وتطهير الأرض، فكل منطقة لها ظروفها وطبيعتها ووضعها وحتى الإمكانيات المتاحة لأبنائها للوصول للخلاص من كل الضغوط والإرهاب.. الشعب العربي السوري بكامل فئاته وبكامل انتماءاته على الخارطة السورية بما فيها لواء اسكندرون والجولان العربي السوري المحتل، تؤمن بالدولة السورية وبقدرة الجيش العربي السوري على تحقيق الانتصار، لأنّ أبناءه هم منه، وتربوا على العقيدة القتالية الوطنية القومية لا الدافع المادي، ومجموعة من عناصر الجيش العربي السوري لا تكاد رواتبهم مجتمعةً توازي تكلفة عشاء رجل أعمال أو مسؤول حكومي ينظّر بالوطنية وبضرورة الصمود ولو أكلنا التراب أو من سيتجرأ على وضع النقاط على الحروف لفضح مكامن الفساد.. تحت ستار الوطنية، ولكن أهدافه مناقضة تماماً لما يتكلّم به..
 فلذلك علينا استنفار الأفكار قبل النطق بالكلمات وكتابتها، لتحقيق طموحات كافة أبناء الشعب على امتداد سوريتنا، فالحكومة كونها الجهة العليا المكلّفة بإدارة موارد البلاد، مسؤوليتها رفع الوعي الوطني، ولديها الوسائل والأساليب والطرق والإمكانيات لفعل ذلك إن استنفرت جهودها، بتصحيح وجهات نظر من غرّر بهم، وهم كثر في ضوء انتشار وسائل الإعلام الهادفة لغسل الدماغ، والتي يتأثر بالكثير منها المسؤول الحكومي قبل المواطن العادي، والذي يأخذ الخبر من قناة معادية، وقد لا يتابع القناة الوطنية إلا مصادفةً، ويدّعي العكس، واجب الحكومة ومؤسساتها ومن يدّعي نفسه مثقفاً أو كاتباً فيسبوكياً، البحث عن الآلية والدور الذي يمكّن كل مواطن عربي سوري من المساهمة في بناء سوريته، وتوضيح ما تقوم به الحكومة، وأن يكون عوناً للحكومة والجيش العربي السوري لا عبئاً عليهما، بمعرفته واجب ودور كل منا وكذلك واجباته والتزاماته وحقوقه، بدءاً من أهلنا في المغتربات الذين يتأثرون ويؤثرون بشكلٍ مباشر بما ينقله أهلهم لهم في الساحات، إلى كافة أنحاء الوطن أينما كان.
 النفير العام هو استنفار جهود الجميع من دون استثناء، كل من مكانه وموقعه وإمكاناته، لإنقاذ كافة أبناء الوطن من نير الإرهاب، ورفع الوعي المجتمعي وإيجاد الآليات والوسائل لغسل آثار وسائل الإعلام الفتنوية والشائعات السلبية التي صدّقها البعض لأسباب كثيرة وقد يكون محقّاً في ذلك، لاستخدامها أدوات وأساليب عاطفية ودينية ومعنوية، قد افتقدها أو وجد أساساً لها يجعله يصدّق تلك القنوات..
 سوريتنا تستنفر جهود كل منا من دون استثناء بكل مكان، وليس فقط ضمن إطار الجيش العربي السوري، بل كل من مكانه داخل وخارج سورية، داخل الحكومة وخارجها، لديه عمل وقدرة وتأثير أو تأثيره محدود وقدرته بسيطة... فكل بارٍ لسوريته، تناديه ضمن إمكانيته ودوره لبناء سورية.