الطابور الخامس!!.. بقلم: د. بسام الخالد

الطابور الخامس!!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الخميس، ٤ يونيو ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com
يهدف "الطابور الخامس" إلى تفتيت القوى المجتمعية وإحداث حالة من الارتباك والفوضى، وتعدّ مواقع التواصل الاجتماعي، المنتشرة اليوم، جزءاً أساسياً من حروب الطابور الخامس الموجود الآن، فمعظم الشائعات والأخبار المغلوطة والمعلومات، التي تفتت المجتمع، تأتي من هذه المواقع التي  هي ركائز لحروب حقيقية تُشن على الدول والمجتمعات تحت تسمية  "حروب الجيل الرابع"، هذه المواقع هي بمنزلة  الطابور الخامس الذي يعمل فيه  مجموعة من الناس الذين يساعدون العدو الذي يهدد البلاد "عن قصد أو غير قصد"، وقد اتسع مفهوم الطابور الخامس ليشمل مروجي الإشاعات ومنظمي الحروب النفسية وعدداً كبيراً من المسؤولين والصحفيين والكتاب والمثقفين .. و.. الجواسيس،  يطعنون من الخلف والعدو من الأمام!
وتعدّ الحرب النفسية أكثر مجالات عمل المشتغلين في الطابور الخامس، لكونها أشد خطورة من الحرب العسكرية، لأنها تستخدم وسائل متعددة توجه تأثيراتها، بشكل خاص، إلى أعصاب الناس ومعنوياتهم ووجدانهم، وفوق ذلك كله فإنها تكون في الأغلب مقنعة بحيث لا ينتبه الناس إلى أهدافها وهم، على الأغلب، لا يحتاطون لها، فالإنسان يدرك خطر القنابل والمدافع ويحمي نفسه منها، لكن الحرب النفسية تتسلل إلى نفس الإنسان من دون أن يدري.
أما الشائعات فهي إحدى مرتكزات الحرب النفسية في عمل جيش الطابور الخامس، لكونها تؤثر في البسطاء في المجتمع وأصحاب الوعي السياسي المحدود، فالشائعة هي خبر أو قصة أو حدث يتناقله الناس من دون تمحيص أو تحقق من صحته, وغالباً ما يكون مبالغاً فيه بالتهويل غير الصحيح، وهي تنتشر أكثر في وقت الأزمات والظروف الضاغطة، أو المثيرة للقلق، كالحوادث والحروب والأزمات على مختلف أنواعها السياسية والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وتتسع أكثر حين تحاط بتعتيم إعلامي أو يلفّها الغموض، لذلك تصبح الشائعة أكثر انتشاراً كلما كان الموضوع مهماً، من ناحية، وغامضاً من ناحية أخرى، وتفشل الشائعة عندما تكون المعلومات حول الموضوع واضحة ومحددة، بينما يتوقف نجاح الشائعة على قوتها، حيث تنشط أكثر حين يكون الموضوع مهماً جداً للناس لحظة إطلاق الشائعة, بحيث تكون التركيبة النفسية للشرائح المستهدفة بالشائعة جاهزة للاستقبال، وهنا ينشط "الطابور الخامس" أكثر، والغريب اليوم أن وسائل الاتصال والإعلام تروِّج للشائعات لتحقيق المزيد من الانتشار على عكس المبدأ المعروف أن الشائعات تختفي كلما كانت وسائل الإعلام أكثر انتشاراً!
من هذا المنظور تغدو الحاجة ضرورية أكثر لعمل وسائل الإعلام الوطنية في كل بلد  لتبصير الجماهير بالأساليب التي يستخدمها الخصم في حربه النفسية وتفنيد أهداف دعايته وكشف أساليبه الرامية إلى النيل من الروح المعنوية وتعريف الناس بنيات العدو ودعاياته التخريبية وإشاعاته المغرضة، وهذا يتطلب تأسيس سند إعلامي قوي يؤثر في نفوس الأعداء لإحداث تغيير في موازين القوى.
إننا مدعوون جميعاً لأن نقتلع الطابور الخامس من حياتنا، فقد أرهقتنا تحليلات الجَهَلة من منظّري "الفيسبوك" ومدّعي السياسة ومَن نصّبوا أنفسهم خبراء استراتيجيين وحربيين ومعلوماتيين  واقتصاديين من النجارين والسباكين والطباخين وكل من ليس له عمل.
أليس جهل هؤلاء هو إسهام في ترسيخ مفهوم "الطابور الخامس" الذي يصب في مصلحة أعدائنا من حيث ندري ..أو.. لا ندري؟!