من القلمون وحيث نكون.. بقلم: عبد السلام حجاب

من القلمون وحيث نكون.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ مايو ٢٠١٥

أبعد من الخبر، وأعمق من الصور، وما تناقلته قنوات التلفزة وأثير محطات إذاعية، فزاد في الثقة رسوخاً وفي الاطمئنان اتساعاً، ذاك الذي أخبرني به صديق صدوق عن جندي سوري من رجال الحق في الميدان، ومقاتل لبناني من أبطال الوعد الصادق فقال: وقفا فوق تلة موسى في القلمون، على ارتفاع نحو 2580 متراً عن مستوى سطح البحر، بعد أن تمكنا مع رفاقهما بالسلاح والإيمان من استكمال مرحلة صعبة من مراحل تخليص القلمون وجروده السورية واللبنانية من فلول الغزاة الإرهابيين والتكفيريين، كان سلاحهما الفردي بيد، واليد الأخرى ممدودة، تكاد أن تطول الأفق، ثم تنفسا عميقاً، وملأا صدريهما من عبق الانتصار الذي كان ساخناً متوهجاً في المكان، وعلى امتداد النظر حين رددا العهد للشهداء، في حين كانت تمسح عيونهما سهولاً وقرى وبلدات وتلالاً وبشراً، وقد أصبح الاطمئنان صديقاً دائماً للحياة اليومية والمستقبل.
أليس كل أمر يُشعر النفس بالثقة والرضا والراحة والاستقرار، هو أمر مطمئن، إنه الواقع الذي لا تخطئه عين، ولا يجرؤ عليه كذب أو ادعاء!؟

إنه بعض ما حدثني به صديقي عن أبطال تلة موسى وغيرها من جرود القلمون، وعن الفرح العميق الذي ارتسمت علائمه في وجوه المزارعين ورعاة الأغنام والأطفال والمصلين في الجوامع والكنائس على امتداد تلك المناطق وجوارها على ضفتي القلمون.
ليس الأمر خيالاً فردياً، بل سلسلة تتكامل فصولها من صور وقائع الميدان، نسجها وأتقن صناعتها أبطال حقيقيون، وصارت بصمودهم وتضحياتهم تكتب المصير المحتوم باندحار الإرهابيين والطامعين، وسقوط رهانات داعميهم الذين يدارون هزيمتهم الفاجعية بالكذب والتضليل الدعائي، والكذب رأس المعاصي.
إنَّ من يراقب فضائيات العار والعهر السياسي، وما يغدقون على من يعمل فيها، ويسوق برامجها من أموال النفط والغاز، حتى بات هؤلاء أشبه بامرأة أبي لهب، حمالة الحطب، إنما هو اليوم أشد إدراكاً لقيمة حكمة العلماء في قولهم: إن تفوق الإنسان على الحيوان هو في أن الحيوان لا يكذب، لسوء حظه أو لحسن حظه، في حين أن الإنسان يكذب "فكيف حال تلك الفضائيات واللحف الخضراء والصفراء، وبعض من أغواه المال فخضع لنهجها، وراح يكذب بأسرع من التنفس؟!
لاشك بأن سياسة لا تعرف الأخلاق، تبرر الكذب بذرائع لا أخلاقية، وضعها الحديث النبوي الشريف في منزلة الخيانة فقال: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب". أليس ذلك نوعاً من وباء الطاعون الذي يجسده الإرهابيون والمروجون والكاذبون المارقون، الذين عندما تجادلهم بالحق يمرقون مروق الكافر من الدين، ليقبعوا في قاع الرذيلة؟!
رغم ذلك، أعود لأيدي الأبطال الممتدة باتجاه الأفق عهداً ووعداً، من فوق تلال وجرود القلمون، فأقرأ في العيون، أن ما بعد القلمون هو غير ما قبل القلمون، وتحدثني إرادتهم بأنَّ النصر مكتوبٌ لنا حيث نكون.