وقت الحب ليس حصرياً؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

وقت الحب ليس حصرياً؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ مايو ٢٠١٥

شخصي، ذاتي، أناني، نرجسي، يفرح بالهدايا، ويطربه أنه معطاء وسخاء، لكنه ليس حصرياً، كالشراكات المسجلة في دوائر حفظ الملكيات، وحقوق الإبداع..
وقت المحبين متعدد، شمولي، إنساني، يشبه الكثرة والقلة، الفقراء والأثرياء، الموظفين والمستقيلين المشردين، والمتنعمين، العراة والمكسوين، المعلومين والمجهولين.. الحب كالشمس تحرس نهار الجميع، وفي لحظة تحرق كل من يقع تحت سطوتها..
وقت الحب هكذا حارس الأوقات الأخرى ومنسقها وداعمها ومربيها، وفي لحظة جنون أو جنوح، الحب طوفان وغرق واعتراف بالقلاقل وتمرد على الواقع، واحتفاء واحتماء بالغيب..
جدير بالتقدير، كيف يكون.. كيف يفصح أو يحكي أو يدون.. جريء كالبهجة الطفلة، حين تجلس على رأس طاولة الوقت، والمتقابلين.. المتصالحين، أو المختلفين.. خجول أكثر مما ينبغي، وفصيح وبليغ وتعبيراته واضحة على قده، كالنساء الجميلات فوق التصور وتحته وقبله وبعده.. نتربى على يدي لحظاته ونربيه!؟
في دمشق يوجد حب كبير وكثير، وتوجد زيادات هنا وهناك، حول النهر، وحول الشوارع، وقرب بناء المحافظة والوزارات، وعلى مداخل الحارات والأبواب.. الذكريات والحداثات.. لكن الحب في العواصم منتشر ومتعدد ويضيع ويلتقي، ويتصالح مع قسماته ويتخاصم.. الحب هنا ليس بوقت واحد وحصرية واحدة، بل بالعديد من الأوقات، وجملة من الحصريات..
في يوم واحد قد يجمع القلب شرارات عشق عجيبة، وقد تسقط عليه نبوءات.. وفي يوم آخر قد تمتلئ العينات بالقذى، وتمتلئ الجيوب بالكذبات، والقلوب تتريث في جمالها.. ولا تحكي إلا عن السرقات الغرامية والتهم المتبادلة والفضائح الرديئة..
للمدن الجليلة جسارة الحب، ولها جسارة الكراهية.. جسارة المغامرات العاطفية العاتية، والخوف والخشية والتردد..
وقت الحب جمعي، إلا يصل إليه الحنين.. وحين يتعفر بفقر المحبين.. العوز العاطفي (يتفضّل) على حواس الأمكنة بالمدينة الجميلة.. ليس دائماً وليس حصرياً..
الحب دبلوماسية الحلم الإنساني:
قبل أيام وأنا أعبر قرب حارات باب توما وباب شرقي رأيت أحلاماً تتسكع وتبكي، وأحلاماً أخرى تشرب القهوة والشاي وأنخاب القُبل الحنونة.. وتصدرت واجهات اللحظات المنتشرة على هواها عفوية جيدة وفطنة أخلاقية، أزمة الدنيا، هذه الأيام، أن الحب تخلى عن أوقاته الحصرية وغيرها لمصلحة الهذيانات الرخيصة كخضراوات ذابلة أو يابسة!!
لكن، رغم هذه الأوجاع القاتلة، لم يمت صوت الأحباب والحبيبات، ولم تتوقف المسرات والعواطف، وعلى مقربة منها القحط الغرامي وتسلية هائمة على وجهها، اسمها الخديعة.. ماذا بوسع الحب أن يفعل؟
هل يتخلى عن وقته؟!