باسم الإسلام نروّضكم.. باسم الإسلام نحاربكم!.. بقلم: د. بسام الخالد

باسم الإسلام نروّضكم.. باسم الإسلام نحاربكم!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ أبريل ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com
التاريخ يعيد نفسه، مقولة دائماً نرددها وتأتي الأحداث فتؤكد صحتها، فالاستعمار يعيد إنتاج أساليبه القديمة فـي التعامل مع العالم العربي الإسلامي مع اختلاف التوقيت والمظهر، لكن تبقى الأساليب كما هي، وكأن المستعمرين تواصوا بها على مر الزمن، وانطلاقاً مما تقدم سنحاول إجراء مقارنة تاريخية بين كلمة باراك أوباما التي ألقاها فـي جامعة القاهرة عام 2009 وكلمة نابليون بونابرت حينما دخل مصر عام 1798.
جاء الرئيس الأمريكي أوباما ليوجه خطابه للعالم العربي الإسلامي من جامعة القاهرة، ولبس فـي خطابه ثوب الواعظين، مذكراً إيانا بمشهد قديم بطله القائد الفرنسي نابليون بونابرت عندما حاول أن يؤسس إمبراطورية فرنسية فـي الشرق الإسلامي تكون قاعدتها مصر، لكنه اصطدم بالمصريين وعلمائهم «علماء الأزهر» الذين أكدت تقارير القناصل مدى نفوذهم الروحي بين المصريين، مؤكدة لنابليون تجنب الصدام مع عواطف المصريين الدينية.
ارتكزت خطة نابليون فـي هذا الميدان على ترويض الروح الإسلامية، أو كما قال هو فـيما بعد للجنرال كليبر: " اعمل على تنويم العاطفة الدينية إلى أن تتمكن من استئصالها"!
وعلى هذا الأساس عمد نابليون بونابرت إلى انتهاج سياسة فـي مصر عرفت بالسياسة الإسلامية وكان من أهم أساليبه فـي تلك السياسة توزيع المنشورات على المصريين باللغة العربية والتي كانت، من وجهة نظره هو، نوعاً من الدجل، لكنه دجل من أعلى طراز كما وصف بذلك منشوره الذي وزعه على المصريين عند نزوله في ميناء الإسكندرية.
والعجيب أننا نجد تشابهاً واضحاً بين نص هذا المنشور وبين خطاب أوباما من حيث الخطوط الرئيسية والملامح العامة.
فقد حرص بونابرت فـي هذا المنشور على سياسة تخدير العاطفة الإسلامية وعدم الاصطدام بها لكي لا يثير فـي وجهه حرباً دينية وجهاداً إسلامياً يقضي على مشروعه من أساسه.
بدأ منشوره بالبسملة على نحو ما يفعله المسلمون فـيما يكتبون من كتب ومراسلات.. كذلك بدأ أوباما حديثه بعبارة: السلام عليكم، ثم أكمل نابليون بشهادة أن لا إله إلا الله لا ولد له ولا شريك له فـي ملكه، وقد أغفل، وأن محمداً رسول الله!
وأكد فـي أكثر من موضع فـي هذا المنشور أنه لن يتعرض بسوء للدين الإسلامي بل إنه أكثر من المماليك عبادة لله، وذهب فـي دجله مذهباً واسعاً حين قرر فـي المنشور أن الفرنسيين "مسلمون" مخلصون لأنهم حاربوا البابا الذي يحرّض النصارى دائماً على محاربة الإسلام وقاتل فرسان القديس يوحنا وشردهم لكراهيتهم للإسلام والمسلمين.
لم تنطل هذه السياسة الكاذبة على المصريين ولم يصفقوا لبونابرت كما صفقوا لـ أوباما.. ؟ ولم يمش علماء الأمة ومفكروها فـي ركاب بونابرت مستخدمين نفوذهم الواسع فـي تخدير مشاعر المصريين من أجل الحصول على مغانم شخصية!
لقد أثبت التاريخ أن المصريين إبان الحملة الفرنسية كانوا أكثر وعياً من المصريين فـي القرن الحادي والعشرين، فقد سخر المصريون، وعلى رأسهم علماء الأزهر، من هذا المنشور
وعندما لاحظوا حرص الفرنسيين على المشاركة فـي أعيادهم قاطع المصريون المسلمون هذه الأعياد ولم يشتركوا فـيها على غير العادة، ما يدلل على يقظة الشعب بكل فئاته ورفضه للمستعمر وتحديه له فـي تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر.
لقد استطاع أوباما القيام بدور بونابرت بمهارة فائقة، وهذا يؤكد أن نابليون وأوباما وجهان لعملة واحدة، لقد كذب نابليون فـي مصر عندما أكد مواجهته للبابا الذي كان يحث النصارى على محاربة المسلمين، بينما تآمر مع اليهود قبيل حصار عكا، وقبل تحرك الحملة من فرنسا إلى مصر، تلقى بول باراباس، عضو حكومة الإدارة فـي باريس من صديقه توماس كوريت، الرأسمالي اليهودي الإيرلندي، رسالة ينصحه فـيها بالاستفادة من اليهود الذين وصفهم بأنهم : "يقدمون لكم عنصراً يمكن الاعتماد عليه فـي الشرق".
أما أوباما فلم يخفِ انحيازه لليهود عندما قال: «إن ارتباط أمريكا بإسرائيل قوي..هذا الرباط لا يمكن تحطيمه، وإن الاعتراف بالطموح لأرض قومية لليهود متأصل فـي تاريخ مأساوي لا يمكن إنكاره»، وأضاف: «إن تهديد إسرائيل بالدمار يعد جهلاً وكراهية»!
 وهنا نتساءل أين حقوق الفلسطينيين والعرب، وما رأي أوباما اليوم بما يجري في المنطقة العربية من موت ودمار وفوضى بشّر بها أسلافه ونفذت في عهده.. إنه التاريخ الاستعماري يطور أدواته ويعيد نفسه.
 لقد آن الأوان لننتج مخرجات مقنعة للدين الإسلامي تفرض احترامها على العالم وتعيد لهذا الدين سماحته وصورته الناصعة التي شوهت على أيدي أدعياء الإسلام؟!