رأسملة الاشتراكية!.. بقلم: د. إسماعيل مروة

رأسملة الاشتراكية!.. بقلم: د. إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٧ أبريل ٢٠١٥

منذ أيام قرأت مقالة لأحدهم، ورد فيها هذا المصطلح الغريب (رأسملة الاشتراكية) وهو أشبه ما يكون بمصطلحات تجمع ما لا يمكن جمعه كأن تقول: شرف العهر، فضيلة الخيانة، إيمان الكفر!! وما شابه ذلك من كلمات لا يمكن أن يتم جمعها في تركيب لغوي واحد، اللهم إلا إذا كان العنوان أدبياً، يعتمد المفارقة والشطحات، أما أن يأتي أحدهم، وهو يدعي الفهم والتنظير، ويتربع على موقع مؤثر ليتحدث بهذه الطريقة، فهذا تركيب غير مقبول البتة، فالاشتراكية، والرأسمالية مصطلحان اقتصاديان وسياسيان لا يمكن أن يجتمعا في مجتمع واحد، ولا في تركيب لغوي واحد، واجتماعهما يعني فساد المجتمع أو فساد التركيب، فهو إما أن يكون اشتراكياً أو رأسمالياً، ودليلنا على ذلك أن اجتماعهما في المجتمعات الاشتراكية في الدول التي نهجت الاشتراكية خطاً لها، شكل عصابات مافياوية أدت إلى انهيار المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، ومرحلة الخروج من الانهيار استغرقت لدى العملاق عقوداً، بينما متبعو النهج من الصغار بقوا في مقر المجتمعات النازعة إلى التحضر، ولا تزال هذه المجتمعات الصغيرة تتخبط في خياراتها، ولا تتمكن من الخروج من الاشتراكية أو الرأسمالية، وذلك لأن هذه المجتمعات وضعت التركيب غير المنسجم جنباً إلى جنب!
وفي سورية شهدت الساحة السورية مثل هذا التخبط في الخيارات، وفي الجمع بين ما لا يجتمع، الحياة الدينية والحياة المدنية، النزعة الدينية والنزعة العلمانية! ومهما قيل من تفسيرات، ومهما حاول الأذكياء أن يقدموا من تفسيرات حول العلمانية من علم أو عالم أو ما شابه من اجتهادات فكرية وفلسفية ولغوية، فإن الحقيقة أن المنهج المدني يعطي الحرية للإنسان في أن يكون مواطناً يملك مواطنته ويدافع عن انتمائه، والمنهج الديني يجعل الإنسان مرتبطاً في مفهومات تسلبه الكثير، وهو يرضى بذلك، بل يرى في ذلك تقرباً من الله والصحة والسلامة! وعلينا ألا ننكر أن الدولة أسهمت في وجود هذا التناقض المذهل الذي أودى بحياة مدنية كانت مبشرة.
ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، بدأت الدول البحث عن سبل الخلاص، عدا تلك الدول التي اختارت من البداية نهجاً مخالفاً للأم الشيوعية، متفقاً مع المفهومات العليا لها، ولم تأبه الصين لهذه المخالفة، وما جرّت عليها من غضبات الأم!
وفي سورية كما وجدنا من يكره الأحزاب العلمانية على أن تتفق مع الشريعة والإسلام وبصورة إجبارية، ويبرهن أنه ما من تعارض بينهما، وكما وجدنا من يفسر العلمانية بحذق يكاد في نهايته أن يجعل العلمانية مصطلحاً قرآنياً غاياته خدمة الدين الإسلامي!
ووجدنا من يخترع منهجاً اقتصادياً ممنهجاً وغريباً يجمع بين السوق والمجتمع! وكأن المصطلح يخفي حقيقة الأشياء التي نخترعها!
اليوم نجد من يتحدث عن رأسملة الاشتراكية
فهل يمكن أن تكون الاشتراكية رأسمالية إلا في ذهنه؟
وهل يمكن للرأسمالية أن تنهج الاشتراكية إلا في وهمه؟
إنها مرحلة الضياع الحقيقية عندما تصدر عن واحد منظّر وفي موقع متقدم في السلطة، ولا يمكن أن تكون مجرد ثرثرة، ففي الوقت الضائع يتسلى الكتاب ويثرثرون، ويتلهى أصحاب القرار ليصبح لهوهم سياسة وحياة لتكتشف أن مكتشف الرأسمالية ماركس وهيغل، وأن الاشتراكية هي التي تحكم العالم من منظور أميركي بحت، كفى حذلقة ولنحدد موقفنا من كل تركيب في اللغة والحياة.