نعم أخطأنا ولكن....؟؟ .. بقلم: سامر يحيى

نعم أخطأنا ولكن....؟؟ .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٦ أبريل ٢٠١٥

في خضم الحرب التي تعاني منها سوريتنا، والتي هي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فالوطن العربي على امتداده من المحيط للخليج بما فيه القلب النابض سورية كان وسيبقى دائماً محط أطماع المستعمرين والطامعين مستخدمين الأدوات من أبنائه لتنفيذ رغبات ومصالح أعدائه، مما يتطلّب من كل منا، ولاسيما ممن يقرأ التاريخ ومن هم في مواقع المسؤولية المساهمة برفع الوعي الشعبي والمجتمعي للاستفادة من دروس وعبر ذلك التاريخ بإشعاعه الحضاري ونكساته السلبية.
 والتساؤل المطروح دائماً هل استفدنا من الماضي، أم إننا ما زلنا مستمرين بعد مضي مرحلة بالقول لقد أخطأنا؟ وكان يجب علينا فعل كذا، ونتحمّل المسؤولية، ومع ذلك نسير في نفس الطريق دون أي تغيير، أو القيام بتغيير متسرّع سلبي وغير مدروس، وهل سنعترف بتقصيرنا، ومن ثم نستمر من دون الاستفادة من الأخطاء وتعويض هذا التقصير، وهل يجدي الاعتراف بوجود أعداء يريدون تدميرنا، بينما لا نكلّف أنفسنا مجرّد البحث والتمحيص والتدقيق عن أسس وأساليب نابعة من داخلنا لمواجهة هذه المؤامرات والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة، إن لم نتمكن من تحقيق الربح، طالما كلّنا بات ينظّر ويعرف المعتدي ويعرف الداعم ويعرف الأهداف ويعرف الأسباب ويعرف النتائج، يا ترى هل سنستمر السير في هذا الطريق، ونحن نعزو السبب لحجم وخطورة المؤامرة؟؟؟ أم سنتنبه أن دورنا هو الإسراع بإيجاد الحلول لتحدّيها، وكل لحظة تمر تصب لصالح أهل المؤامرة الذين يعدوّن كل العدة وكافة الوسائل لتثبيت أقدامهم، مقابل اعتمادنا وتواكلنا على الزمن وثقتنا بالله ومن ثم صمود شعبنا وأن الجيش العربي السوري سينتصر على أعدائنا، متجاهلين أن كلاً منا هو جندي في هذا الوطن كل من مكانه، سواءً كان جندي في الجبهة، أو موظّفاً حكومياً، أو مغترباً في أقصى نقطة في العالم..
 فقط لو نظرنا إلى السنوات الأربع الأخيرة من عمر سوريتنا الغالية كفيلة بأن تجعلنا نقلب كافة المفاهيم والمصطلحات التي كنا نتحدّث بها ونغير أساليبنا لإنقاذ بلدنا وتعلّم الدروس التي تساهم في إعادة بناء سوريتنا و إعمارها بعيداً عن التنظير... معتمدين على الذات، لابتكار أفضل الأساليب واستثمار الجهود البشرية والإمكانات كافّة وعلى مدار الساعة، لتوفير كافة متطلبات الحياة وتنشيط عجلة الإنتاج، ولدينا الكثير من الإمكانيات والمناطق الآمنة فقط لو حكّمنا تفكيرنا الوطني الجدي بعيداً عن المصالح الشخصية وعندها نتمكن من النهوض بقوّة وتحقيق المعجزات....
 أليس ما نمرّ به يدعونا للتخلي عن الاستمرار في نفس النهج الذي نكتشف بعد فترة أنه خاطئ ونعترف به، والابتعاد عن تبرير خطأ البعض بأنه غير مقصود، مع أن الخطأ ولو كان بنية إيجابية يعتبر خطأً مقصوداً، لأن المطلوب بهذه المرحلة التفكير الوطني السليم المدروس من كل جوانبه، فنحن الآن لسنا بحاجة لتجارب واختبارات، بل لعمل ونتائج إيجابية وملموسة من المواطن في ظل الشعور باليأس الذي أصاب البعض منا....
 بالتأكيد لن أتكلّم هنا عن الثوابت والمبادئ والأسس التي لا يمكن أن يحيد عنها أي مواطن عربي سوري يمتلك حساً وكرامةً وطنية، ولكن المقصود القرارات والقوانين التي تساهم في تنظيم سير عمل المجتمع ومؤسسات الدولة وقراراتها، باتخاذ القرار عبر دراسة جدية، بالتمحيص والتدقيق والخروج من الدائرة الضيقة والاستفادة من رأي الآخر، والتساؤل عن سلبيات هذا القرار وايجابياته، نواقصه وعيوبه، النقاط التي قد يستغلها تجار الأزمات والانتهازيون، والثغرات التي قد يتسلل عبرها المخربون، والفجوات التي قد يستغلها من يريد إعاقة ما يصدر لتشويهه وإفراغه من مضمونه، ولاسيما المتشددون في اتخاذ القرار لينعكس سلباً على القرار، مقابل إهمال الجوهر وانعكاس القرار الإيجابي على المجتمع.
 بالتأكيد لا يمكن لنا أن ننكر أننا أفرغنا الكثير من الجهود التي بذلت والإيجابيات التي اتخذت، باستمرارنا بالخطأ بعيداً عن التمحيص والتدقيق والتحقيق، والانفصام بين النص والتطبيق، سواء كان قراراً أو مرسوماً أو نظاماً داخلياً، بإفراغه من مضمونه الحقيقي عبر التعليمات التنفيذية والأسباب الموجبة، متجاهلين الأسباب الحقيقية الموجبة، والهدف من إصداره، والشريحة الموجّه لها مضمون هذا القرار... نحن بحاجة لقرارات سريعة، ولكننا ضد أي قرار متسرع، فمهما كان الزمن مستعجلاً، نملك الوقت الكافي من أجل جمع أصحاب الخبرة والحل لاتخاذ القرار المدروس المنطلق من الواقع، فالقرار غير المدروس والمتخذ على عجل مهما كان بناءً ومفيداً، وله إيجابيات على أرض الواقع لكنّه سينعكس سلباً ومدمراً على مدى سنوات طويلة إن لم نقل أكثر.
 لا يكفي الاعتراف بأخطائنا، ولا رمي المسؤولية على الآخر، بل علينا النهوض والاستفادة من سلبياتنا لتفاديها، وإيجابياتنا لتعظيمها، عبر الدراسة الجديّة والتدقيق والتمحيص والتفكير الوطني البعيد عن الشخصانية لنتمكّن من الوصول للحقائق، لا البقاء بعيدين عن الواقع والمجتمع، لأن من حق المواطن أن يتساءل ويطالب ويتمنى، ومن واجب الجهات المسؤولة وأصحاب القرار رفع مستوى وعي وتنشئة هذا المواطن والتعامل معه بإيجابية مهما كان تفكيره بسيطاً أو ساذجاً، متكبّراً أو متواضعاً، فدور الموظّف الحكومي أياً كان مستواه في الوظيفة توظيف خبراته ومعارفه ونشر أفكاره ليكون عنصراً فعالاً في المجتمع، ولا يقل الموظف دوراً عن وسيلة إعلامية، في بناء المجتمع وصناعة رأي عام، والانتقال إلى بناء المجتمع الذي يحلم به كل منا من دون استثناء..... إلا من ارتضى العمالة للأجنبي ولهث وراء أعداء البلاد ليعيش على حساب أبناء جلدته، أو من يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب مصلحة الوطن وأبناء الوطن.