غامبول ومسؤولية الرقابة.. بقلم: هنادة الحصري

غامبول ومسؤولية الرقابة.. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الاثنين، ١٥ ديسمبر ٢٠١٤

لا شك أنّ تعدد الفضائيات الخاصة بالأطفال مفيد جداً وممتع في كل المراحل العمرية التي يمر بها الطفل، ولكن أن يجلس الوالدان لمراقبة كل ما يبث عبر هذه الشاشات له أمر صعب جداً وهذه أصلاً مهمة الجهات الرقابية التي من واجبها أن تطلّع على جميع المسلسلات الكرتونية قبل عرضها، ولكن للأسف فالطابع التجاري بات هو الصفة الغالبة على أفلام الكرتون دون أن يكون للضمير الإنساني أي حيّز ما دعاني إلى هذه المقدمة ما شاهدته وأنا أقلب في جهاز التحكم لألتقط ما يعجبني من برامج فلفت انتباهي مسلسل كوميدي للأطفال يطلق عليه اسم "غامبول" والذي تبثه فضائية "CN العربية".
في المسلسل تجد غامبول وشقيقه داروين نموذجين للطفلين غير المنضبطين، لا يحترمان قوانين المنزل ولا قوانين المدرسة، بل لا يحترمان أبويهما أيضاً.
والأكثر من ذلك فالأب إنسان ضعيف الشخصية، لا يتصف بأبسط صفات الأبوة، أحمق إلى درجة تجعل المشاهد يشعر به وكأنه متخلف عقلياً، أما الأم فتبدو وكأنها مفرطة في القسوة، وبالمجمل فإنّ العائلة تبدو كأنها عائلة مجانين...
في الحلقة يشجع الوالد ابنيه على السرقة ويرسلهم للانتقام من جارهم فدهنوا أرضية مطبخه بالزبدة، حيث سقط الجار على ظهره... الخ وفي آخر الحلقة يرمي غامبول وداروين والدهما وجارهما في قلب النفايات ليتصالح الاثنان في الحاوية...
وفي مسلسل آخر "يحيا أنجلو" حيث يتمتع أنجلو بذكاء يؤهله للنصب والاحتيال وخداع الآخرين بل ويتفاخر بخداع أبيه وأمه وأصدقائه وجيرانه في سبيل تحقيق مآربه الخاصة، ففي إحدى الحلقات يخبر أنجلو شقيقته بأنّ عشيقها مغرم بها وأنّه من الضروري أن تلتقي به في المنزل، ثم يتصل سراً بعشيق شقيقته ليخبره بأنها مغرمة به وأنه من الضروري أن يلتقي بها في منزل العائلة كل هذا وهدفه أن تنظف شقيقته المنزل استعداداً للقاء حبيبها ذلك لأنّ أمه كانت قد كلفته هو بتنظيف المنزل وبذلك يكون قد تملص من واجبه..
وفي مسلسل آخر "ستيفن البطل" نرى دروساً منهجية منظمة لصناعة طفل متمرد لا يحترم الآخر إضافة إلى سلوك مضطرب وروح انتقامية.
ترى هل كان أطفال الأمس كما هم اليوم ؟ للأسف ذهبت أيام السندباد وغريندايزر و.. و.. الخ مع تطور التكنولوجيا ودخول الانترنت إلى كل منزل حيث تبدأ مشاهدة أفلام الكرتون المليئة بالعنف التي تؤثر بشكل سلبي على سلوكهم، منهم غالباً ما يقلدون أبطال المسلسلات الكرتونية ويتقاتلون بينهم على غرار القصص التي يتابعونها إضافة إلى أنّ هذه المسلسلات معبأة بالأفكار المسمومة ويبدو أنّ الهدف منها هو صناعة جيل مستهتر لا يعترف بالقيم والأخلاق، فالطفل في مرحلة عمرية مبكرة يبدأ بمحيطه فيكتسب أموراً إيجابية أو سلبية، تساهم في تكوين شخصيته. صحيح أنّ المسلسل الياباني الشهير مغامرات الفضاء "غريندايزر" كان يتضمن معارك بين قوى الخير وقوى الشر لكنه لا يخلق رغبة في العنف العبثي لدى الطفل بقدر ما يلقنه مبادئ حب الخير والسلام، أما اليوم فإنّ هناك أفلام كرتون تتركز حول مصارعة دامية لمجرد المنافسة بعيداً عن المبادئ والقيم".
لا شك بأنّ الهدف هو التحكم والسخرية للمتعة، لكن لا تخفى على أحد أنّ المسلسل يحمل أفكاراً حساسة ومطروحة كالحرية والمثلية الجنسية والفقر والعنصرية والاكتئاب ومتعة الاستهلاك والرأسمالية. وكلها تعالج بطريقة تتوافق والفكر الغربي والسياسة المرسومة لاجتياح العالم وغزوه ثقافياً فأين هم الذين يخافون على مستقبل الطفولة؟