أوباما وقادة الحرب

أوباما وقادة الحرب

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

 يمضي الرئيس أوباما السنتين المتبقيتين له في البيت الأبيض وبينه وبين اتخاذ قرار الحرب مسافة لن تضيق إلا إذا حدث شيء غير معتاد يفرض عليه التخلي عن سياسة التردد ويلجأ إلى ما هو بعيد عنه، أي استخدام القوة العسكرية في الشرق الأوسط بصور ة خاصة، وكما لم تنجح الانتقادات الداخلية والخارجية في تبديل موقفه فان استقالة وزراء الدفاع الثلاثة في عهده لم تفلح في جعله غير ما هو عليه وفي ذاكرته حرب فيتنام وغزو أفغانستان والعراق ولن يعيد التجربة الفاشلة.
ويظل أوباما حريصاً على تمسكه بحلول سياسية ورفض تام لإرسال قوات عسكرية إلى خارج الولايات المتحدة على الرغم مما يوجه إليه من انتقادات حادّة، فوزير دفاعه غيتس الجمهوري والمخضرم منذ خدمته في عهد جورج بوش اتهم بعدم الولاء لجيشه وضباطه ولا بالحرب، والوزير ليون باتينا الديمقراطي انتقده وفريقه العسكري ولم تؤثر عليه انتقادات الوزير المستقيل تشاك هاغل لاستراتيجيته في الحرب ضد داعش وتجاه سوريا والعراق.
وهناك حاجز عال بين نزعتي الحرب والسلم، إذ أن من يتولى المسؤولية الأولى يرى من أفق ارحب وأشمل ويأخذ بعين الاعتبار المعرفة بالحرب كيف تبدأ وغموض ما ستؤول إليه، إذ أن مهمة وزراء الدفاع محكومة بممارسة دورهم وتربيتهم العسكرية في حين أن رجال السياسة يرون بمنظار آخر، وقد لا يكون اوباما مخطئاً في تردده وخشيته من خوض صراع مجهول النتائج على بلاده إضافة الى ما يشبه الحرب الباردة مع موسكو وبيكين بالنسبة لأزمة اوكرانيا وهي مستمرة في كيفية مواجهة أزمات المنطقة وإن كانت إسرائيل بؤرة التوتر والاضطراب مستثناة من اي ضغط أميركي وأوروبي.
وأقسى الاتهامات هي أن أوباما يمارس سياسة تشرف على افول أميركا وانها لم تعد تستطيع لعب الدور القيادي في قضايا العالم، وقد أضيف إلى ذلك اتهام رئيس وزراء تركيا الولايات المتحدة بالوقاحة، هذه الانتقادات على قسوتها لن تدفع الى دق طبول الحرب لا في الشرق الأوسط ولا أبعد منه، الأمر الذي يُشير إلى ان الأزمات الراهنة والشائكة تزداد تفاعلاً على الرغم من كثرة الضحايا وغزارة الدماء في غير مكانها الصحيح، وليس بعيداً من اوباما هزيمة حزبه الديمقراطي امام الحزب الجمهوري المعارض، وهذا له تأثيره العملي على اتخاذ القرار الجامع.
وما لم يستجد ما يدفع إلى تبديل تلك السياسة فان الأزمات العالقة والمتشابكة مستمرة، اي أن على الدول والشعوب المعنية معالجة قضاياها بنفسها بالتوافق بين الأطراف المعنيين، عبر حوار جاد وعملي، وهذا يستدعي تعاوناً بين العواصم الكبرى وصولاً إلى جامع مشترك وهو ما زال يسلك طريقاً شائكاً.