الحسابات التركية والبيدر الأمريكي.. بقلم: صالح صالح

الحسابات التركية والبيدر الأمريكي.. بقلم: صالح صالح

تحليل وآراء

الخميس، ٣٠ أكتوبر ٢٠١٤

جاء التصعيد التركي عبر تصريحات داوود أوغلو في مقابلة مع بي بي سي وتأكيده أن بلاده لن تشترك بتحالف لا يواجه القوات السورية ردة فعل طبيعية لأنقرة المصابة بخيبة أمل واضحة من التطورات في المنطقة والتي لا تسير وفق الأهواء التركية، التي تميل نحو تصعيد لم يلاق أصداءً إيجابية لدى الحلفاء، فكان إعلان رئيس الوزراء التركي عن “تفاجئه وصدمته” من انتقادات الغرب لحكومته، صرخة يائسة للتعبير عن الخيبة والمرارة من سياسات الحلفاء غير المفهومة بالنسبة له، لأنها لم تأخذ في الحسبان توجهات بلاده العدوانية والحاقدة على سورية وشعبها.
تركيا التي عجزت دائماً عن قراءة الواقع بتطوراته المتسارعة لم تستطع أن تستوعب أن هناك شيئاً ما بدأ بالتغير في قناعات بعض الأطراف المساهمة في استمرار الحرب المشتعلة في سورية وعليها وأنه إذ لم يسارع الجميع لإطفائها فسيكون انتشارها أمراً محتماً لجميع دول المنطقة بلا استثناء وأن لهيبها الذي بدأ يلسع أوروبا بقوة، سارع بدق ناقوس الخطر في عواصم الصقيع الغربي، بعد أن رصدت نشاطات لإرهابيين يخططون لعمليات إجرامية هناك.
واشنطن التي بدا واضحاً أنها في حالة تخبط وفقدان توازن من خلال تعاطيها المتقلب مع الأزمة السورية وعدم قدرتها على تقديم استراتيجية واضحة للحلفاء، مما جعلهم يتنقلون في هذه المتاهة اللامتناهيه وبالأخص تركيا التي لم تنطبق حساباتها مع البيدر الأمريكي، مما فرض هذا التباين الكبير في المواقف والتصريحات، التي كان آخرها تصريح الجنرال “جون الن” قائد القوات الأمريكية في التحالف الصوري ضد الإرهاب بعظمة لسانه وبالحرف “إن أمريكا تنوي إيجاد قوة معتدلة، ذات مصداقية، معترف بها، لتكون طرفاً في الحل السياسي حيث لا يوجد حل عسكري للحرب في سورية وأضاف “النية تكمن في النتيجة السياسية فيجب أن يكونوا صوتاً واضحاً على الطاولة للمشاركة في النهاية التي نسعى إليها”.
الذي لم تفهمه أنقرة في هذا الكلام هو أن واشنطن ذاهبة باتجاه الحل السياسي بعد أن يئست من حلولها الأخرى، وأنها تبحث عن وكلاء جدد في سورية، بعد أن فقدت الثقة بالموجودين لديها، وقد تلاشى أغلبهم وتبعثر لعدم وجود مصداقية وتمثيل له على الأرض وسيطرة العصابات التكفيرية الدموية على من تبقى، وتحولهم الى محترفي إجرام تواصل أنقرة بالرغم من كل ذلك احتواءهم ودعمهم لاستثمارهم كورقة ضاغطة في أي مفاوضات مستقبلية.
المؤكد أن ما خلط أوراق المتحالفين وبعثرها هو الانتصارات والتقدم الكبير الذي يحققه الجيش السوري في كافة المناطق بفرضه واقعاً جديداً، قلب الموازين على الأرض وجعل الجميع يبدؤون بإعادة حساباتهم…