كيف تُقرأ الحالة السورية بعد أربع سنوات من المواجهة؟

كيف تُقرأ الحالة السورية بعد أربع سنوات من المواجهة؟

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٩ أكتوبر ٢٠١٤

 أثارت الحالة السورية في الأسابيع الأخيرة كثيراً من النقاشات والتساؤلات لدى وسائل إعلام ومراكز بحثية متخصصة، تمؤكد أن وتيرة تلك النقاشات سترتفع بعد إعلان واشنطن الأخير أن إستراتيجيتها إزاء الأزمة في سورية ليست «عسكرية» بل «سياسية لا تتضمن الرئيس الأسد».
فما قاله وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) بعيد اتصاله بنظيره الأميركي يترجم حقيقة استنفاذ إدارة أوباما لأوراق الضغط على دمشق: «فرص استئناف الحوار حول الأزمة في سورية آخذة بالتحسن».
وعلى كل حال، صار واضحاً أن ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي المفاجئ على الساحة أحدث انقلاباً ملحوظاً في المزاج العام على المستوى العربي والدولي، ومن الممكن تلمس تجليات هذا الانقلاب عبر تتبع الاتجاهات التالية:
أ‌- الدعوات الإعلامية والسياسية المطالبة بإعادة قراءة لما يُسمى «ثورات الربيع العربي» في ضوء الخراب الشامل الذي جاءت به تيارات الإسلام السياسي وأدواته من فصائل إرهابية مسلحة لا تملك إلا لغة القتل والدمار.
ب‌- المقاربة الجديدة للملف السوري من قبل وسائل إعلام عربية وأجنبية بدأت تعيد قراءة الأحداث بشكل أكثر موضوعية وسط مخاوف من تغلغل -وفق صحيفة (نيويورك تايمز)- «ذئاب منفردة» وهم متطرفون يرتبطون بتنظيمات إرهابية في المجتمعات الغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار صدق الرواية الرسمية «الدولة تواجه إرهابيين لا ثواراً»، وجرس الإنذار الذي أطلقه «النظام السوري» مبكراً لتنبيه البشرية من مخاطر الجماعات الإرهابية المسلحة.
ت‌- تناول شخصية الرئيس الأسد بطريقة تناقض تلك الصورة التي روجتها الآلة الإعلامية الغربية والخليجية منذ اندلاع الأحداث، والملاحظ أن البعض لم يعد يشعر بالحرج حيال حديثه عن الرئيس السوري: «كشخص طيب بدأ بالتغيير منذ وقت طويل»، وكزعيم سياسي أصبح «خارج التسويات» أو «الصفقات الجانبية» باعتباره يملك دون غيره «مفتاح هزيمة الإرهاب»، وكقائد عسكري بارز «أعاد هيكلة» الجيش العربي السوري وتطوير قدراته «بما يتلاءم مع الأرض وحركته، ومع الميدان وطبيعة العدو الذي يقاتله ضمن القرى والمدن وداخل الأزقة والشوارع الضيقة والأنفاق والمفخخات المموهة» ليتبوأ رأس الحربة في هزيمة المشروع التكفيري المهدد لشعوب المنطقة والعالم.
ث‌- ازدواجية الخطاب الغربي المكشوفة اتجاه سورية، فالمسؤولون السياسيون يصرحون علناً برفضهم إجراء أي اتصال مع دمشق، وفي نفس الوقت تسعى استخباراتهم سراً إلى فتح قنوات اتصال مع الأجهزة السورية المختصة للاستفادة مما تسميه بـ«كنز المعلومات حول الجهاديين» في ظل إقرار الرئيس الأميركي بخطأ تقدير خطورة التنظيمات الإرهابية في سورية وعدم وجود إستراتيجية واضحة لديه لوقف التمدد الإرهابي.
وبين هذا الاتجاه وذاك، ثمة مؤشرات أكثر وضوحاً تؤكد أن الشعوب العربية بدأت تقرأ الحالة السورية بوعي أكبر(أحدث تلك المؤشرات نجاح حزب علماني حديث النشأة بإقصاء منافسه «المتأسلم» بالانتخابات البرلمانية التونسية الأخيرة)، لكن يتعين عليها تفادي المزيد من الأخطار المهددة لوجودها من خلال تصحيح مسار العلاقات العربية - العربية على أساس الروابط التاريخية المشتركة والمصالح المتوازنة، والتنبه لما يُحاك ضد الأمة العربية من مؤامرات لتقسيمها وتصفية قضاياها العادلة، فالإرهاب ظاهرة عالمية تستهدف الأمن والاستقرار ولا بد من تكاتف الجهود لمحاربة تنظيماته المتعددة التي يجمعها فكر إيديولوجي متطرف واحد وتدعمها جهات معروفة.