"ودارت الأيام".. من الحرب على سورية إلى محاربة عدوها!!

"ودارت الأيام".. من الحرب على سورية إلى محاربة عدوها!!

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ أغسطس ٢٠١٤

دارت الدنيا، وعادت إلى مركز القرار الذي يجب أن ينطلق منه كل التعاون والتنسيق والعمليات.. اجتمع الغرب على ضرورة القضاء على "اعش" ولكن بالطبع لا يمكن له القيام بالموضوع دون التعاون السوري، وبالأمس أعلن، وزير الخارجية والمغتربين لسوري،وليد المعلم، استعداد دمشق للتعاون الدولي، ولكن، كما جرت العادة، حسب الشروط السورية، ومن مراكز قرارها.
القوة التي تحدث بها المعلم بالأمس، ليست بجديدة على سيد الدبلوماسية السورية، وذلك على الرغم من الصاعقة الكبيرة التي أصابت سوريا بعد سيطرة "داعش" على مطار الطبقة في الرقة شمالي البلاد، إلا أنّ المعلم أكد أن القيادة السورية ارتأت خلاء المطار من الجنود والعتاد حمايةً لسلامتهم.
في هذا الوقت، ومع إعلان الحكومة السورية موافقتها على القرار الأممي 2170 لمحاربة "داعش"، بدأ الإعلان عن تراجع في المواقف الغربية حيال الأزمة السورية، بدءاً من القرار الذي يجبر على محاربة "داعش" والذي صدر بالإجماع، والزيارات المكثفة التي تقوم بها طهران إلى الرياض، وليس انتهاءً باعترافات الصحف الغربية بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أظهر قوة وحكمة أكثر من نظيره الأمريكي باراك أوباما حيال الأزمة السورية.
الغرب نفسه، اليوم، الذي دعا قبل أربع سنوات دول العالم كله إلى ضرورة مساعدة الإرهاب في سوريا،يعمل اليوم على الجهة المناقضة.. "أوقفوا التمويل والتسليح".. اليوم بات على السعودية وقطر وتركيا أن تتوقف عمّا تفعله، وبالأمس، اجتمع "الأئمة الخليجيون" من أجل التعاون على كيفية مواجهة تهديد "داعش"، الذي يمارس إرهابه على حدود الدول الخليجية، ويعلن صراحة رغبته في توسيع حدود دولته، طبعاً في هذا الوقت، لا يمكن إغفال أن السعودية المبادرة الأولى إلى المؤتمر سارعت إلى عقده بعد أن وصل التهديد إلى أراضيها، لذا لا بد من مواجهة التهديدات المحدقة، وقد يتطلب هذا تعاوناً عسكرياً، لكن، لن يكون هذا التعاون بعيداً عما تقوم به الولايات المتحدة التي تزعمت الدول الداعمة للإرهاب وتجنيد المرتزقة على امتداد عدة سنوات وكان الهدف الأساس هو تدمير سوريا، وأنفقت السعودية وباقي دول الخليج مليارات الدولارات بتعاون مع أكثر من ثمانين دولة لضرب الشعب السوري، واليوم وبسبب خشية أن يرتد عليها ذلك الإرهاب بعد أن بات يدق أبوابها، كانت الدعوات لموقف دولي لمواجهة هذا الإرهاب، هل لدعوة السعودية دول الخليج أهداف أخرى غير التي اجتمعت حولها؟
محللون، يرون أن الدعوة السعودية لها أهداف مبيتة عدة، من أهمها،  عودتها للدور الريادي الذي كانت تضطلع به مصر حالياً، بعد أن سحب البساط من تحت قدميها بسبب الخلافات مع واشنطن حول ألازمة السورية، والنووي الإيراني، وأمور أخرى كثيرة،في الوقت نفسه، تعمل السعودية على المكابرة أمام الخطر الذي يحيط بهم، وهي في الوقت نفسه مقتنعة أن لا محاربة للإرهاب في المنطقة دون سوريا، ومحاربة "داعش"، بحاجة إلى دور سوري وإيراني قبل أي شيء آخر.
في الوقت نفسه، تطرح العديد من وسائل الإعلام عن نية السعودية طرح مشروع ينص على تشكيل قوة عربية مشتركة، قد يتم توسيعها لتشمل قوات من دول إسلامية لمحاربة العصابات الإرهابية في سوريا والعراق، و توفير الأجواء المناسبة لخلق حالة من الاستقرار السياسي والأمني في سوريا، والدفع باتجاه تطبيق "خارطة طريق" تعيد تشكيل المشهد السياسي في دمشق، وعلى الأغلب ستكون هذه القوة المشتركة ستكون تحت غطاء جوي غربي وأمريكي على وجه التحديد لتحقيق أهدافها، فالواضح أنّ السعودية من خلال اهتمامها بمشروع محاربة "داعش" في سوريا تكون قد كسبت أكثر من "عصفور في حجر واحد"، فهي من خلال هذا المشروع تكون قد أرضت واشنطن والدول الغربية الحليفة وحتى إيران، وفي الوقت نفسه، تكون قد أعادت لنفسها الدور الريادي في قيادة "امة العرب"!، بالإضافة إلى مواكبتها الركب الذي تسير عليه الدول الغربية في تغيير سياستها تجاه سوريا.
وبعيداً عن الدبلوماسية السياسية التي تتميز بها لهجة الدول الغربية هذه الأيام حيال سوريا، على ما يبدو، فقد أعاد الإعلام الغربي أيضاً ترتيب أولوياته، ليكون الهم الأول والأخير يكمن في التخلص من "داعش" لا إسقاط الحكومة كما كان معتمداً لدى الغرب، وهو ما كان واضحاً من خلال افتتاحية "ذي نيويورك تايمز" أمس، حين قال إنّ "الردّ الضروري المطلوب من العرب والمسلمين والغرب هو على داعش وليس على الأسد هذه المرة"، واستدرك قائد الجيش البريطاني السابق لورد دانات، متأخراً بأنه كان يجب علينا أن نكون أكثر إدراكاً لتاريخ سوريا وجيوسياستها قبل عام، والآن علينا أن نتحدّث إلى الأسد بالسرّ والعلن حول المعركة المشتركة ضد داعش"!!، كما أوردت "الغادريان"، وكأنه من غير البلاد التي كانت تخطط وتنتظر ساعة الصفر لإطلاق الصواريخ الأولى من بارجة أميركية على الأراضي السورية، وها هم اليوم يدعون لتوجيه الصواريخ حصراً ضد عدوّ سوريا.. "داعش"!.
على ما يبدو، فقد عرف العرب والغرب على السواء، أن تنفيذ الأهداف "الداعشية" في سوريا محكوم بالفشل، طالما أن هناك جيشاً لا يقهر، لذلك لا بد من الاعتراف أن "داعش" ومن ورائها من يدعمها محكومه على توسع قواها في سوريا بالفشل، الأمر الذي يعني أن البيئة الأكثر ملائمة للتنظيم تكون نحو التوجه والسعودية وتركيا.. وعادت و"دارت الأيام" وأصبح "أعداء" سوريا "أصدقاء" لمحاربة الإرهاب!!.