دمشق قطب الرحى ..زمجرة العسكر تعلو والكيماوي إلى غير رجعة...

دمشق قطب الرحى ..زمجرة العسكر تعلو والكيماوي إلى غير رجعة...

تحليل وآراء

السبت، ٢٣ أغسطس ٢٠١٤

علي مخلوف
تستمر سورية بكونها محط أنظار الكون، طلبات غربية بالجملة لتعاون أمني مع دمشق، زمجرة العسكر تعلو أكثر فأكثر وبعد المليحة فتح مبين. الأميركيون مابين ضرب داعش واتخاذها سبباً لاستنزاف الجيش السوري، فيما النظام السعودي يدّعي عداءه للتنظيم التكفيري ويتهم الدولة السورية بالمزاودة في محاربة الإرهاب! إنّها لعنة الصحراء عندما تصيب حرارتها عقل بشري فتحوله إلى أبله! المخزون الكيماوي السوري تذروه الرياح فهل من وراء ذلك ما وراءه؟ المعارضة في حالة تهافت. الأتراك بين دعم داعش واستقطاب الأكراد!.
دمشق قطب الرحى
لاتزال دمشق هي قطب الرحى في كل الأحداث الجارية في المنطقة والعالم، ورغم كثرة الأحداث وتوالي الملمات في عدة بلدان وساحات، إلا أنّ الضوء الدولي لم يغب قط عن سورية. عدوان غزة والمعارك في العراق ثم أحداث عرسال في لبنان، فضلاً عما يجري في أوكرانيا؛ كل ذلك لم يجعل من دمشق ساحةً عادية تدور فيها رحى الحرب وتصفية الحسابات.
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات وقد دخلنا في الرابعة اكتسبت سورية خبرة تُصنف على مستوى العالم في مكافحة الإرهاب، حرب مدن وعصابات، عمليات استخباراتية وخروقات لصفوف المسلحين، خطوات حكومية اجتماعية، حرب نفسية وإعلامية قادتها وسائل الإعلام ومطابخ القرار, كل ذلك أعطى دمشق ثقةً أكبر وزخماً أكثر في يقين الانتصار وحاجة العالم إليها، على الرغم من الحصار والعقوبات والحرب الكبرى المقامة ضدها.
فيما يخص حاجة الغرب لدمشق من أجل مكافحة الإرهاب عادت مجدداً تسريبات أخرى تفيد بأن واشنطن تتعاون استخباراتياً وأمنياً مع دمشق من أجل استهداف تنظيم داعش, وذلك على ذمة صحيفة السفير اللبنانية التي نقلت الخبر ثم تناقلته عنها بقية وسائل الإعلام، حيث دأبت السعودية منها على الاصطياد في الماء العكر، فعمدت إلى اتهام الدولة السورية بالمزاودة في مكافحة الإرهاب! وتقديم نفسها لأميركا على أنّها الأقدر في قتال داعش ومثيلاتها!
تخيلوا دولة متهمة بأنّها راعية للإرهاب كالسعودية تصرف مليارات الدولارات من أجل خلق وتشكيل جماعات تكفيرية ودعوية في الكثير من البلدان العربية والأوروبية تتهم غيرها بالمزاودة في مكافحة الإرهاب، على الأقل في سورية هناك جيش سوري صافي مئة بالمئة فيما تقنع الرياض نفسها بأن لديها جيشاً وهو في الحقيقة أقرب لمجموعة خدم ورعاة لمزارع الإبل المملوكة من قبل الأمراء، والدليل أنّ آل سعود قد استعانوا بثلاثين ألف مقاتل مصري وليبي وباكستاني لحماية حدودهم من داعش عند معبر عرعر، فأين جيشهم إذاً؟!
بالعودة لحاجة الغرب إلى التعاون مع سورية في مكافحة الإرهاب تجدر الإشارة إلى أنّ معلومات سابقة تم تداولها حول قيام وفود أوروبية استخباراتية بزيارة العاصمة السورية من أجل طلب تعاون استخباراتي معلوماتي حول تحركات ونشاطات التنظيمات المتطرفة النشطة.
لا شك في أن الأميركيين وشركاءهم الأوروبيين بحاجة إلى دمشق في الحرب ضد داعش، لكن ليس هنالك من شك أيضاً في أنّ واشنطن تريد استنزاف الجيش العربي السوري من خلال داعش، وسورية تعرف ذلك جيداً ولأجل ذلك هي الأخرى لن توفر فرصةً لتحقيق مكاسب مقابل أي تعاون قد يحصل.
دوي الزمجرة
يزمجر العسكر كصوت رعد صارخٍ من السماء، يزيد كل جندي ثقةً بعد استعادة المليحة واستهداف داعش بكمية كبيرة من الغارات الجوية أودت بالكثير منهم أشلاء محترقة، بعد المليحة يبدأ العد التنازلي للغوطة الشرقية دوما بين من يريد المصالحة وبين من يريد الاستمرار بالقتال، جوبر لن تطول فنصر المليحة سيعززه كثيراً تطهير جوبر, وسيكون تأثير الحدث كتأثير سلاح مدمر على نفوس ملثمي "الحرية" المزورة.
حديث كثير عن نية مسلحي عين ترما وزملكا وعربين المصالحة وترك القتال، حرستا لم تثبت إلى الآن صحة تلك المعلومات التي قالت بأنّها ستصالح هي الأخرى، دوما دخلت حالة الترقب للقدر المحتوم بدخول الجيش إليها إن سقطت سقط مهد المسلحين في الجنوب السوري.
أما فيما يخص حلب فيستمر الجيش العربي السوري بمعاركه على عدة محاور وفي مناطق عدة، كلام كثير عن نية تنظيم داعش الإرهابي التوجه إلى حلب وفق مرحلة "التمكين" لكن غارات الطيران الحربي السوري قد أفشلت مسبقاً أية استعدادات لداعش من أجل التحرك باتجاه حلب، الطيران السوري في موسم حصاده الآن, أشلاء الداعشيين تتطاير، والبغدادي يعترف بهزيمته في العراق بعد هربه منه.
بالمختصر فإنّ المشهد الميداني كالتالي: معاقل داعش في الجزيرة السورية تحت مرمى الغاشا والصواريخ الموجهة للطيران السوري، في الريف الدمشقي لن يطول إعلان الغوطة الشرقية مطهرة بالكامل مع بعض الجيوب الصغيرة التي ستُعالج ضمن وقت قصير في الفترة التي تلي التطهير، أما جبهة حلب فقد تكون الوجهة التالية في الغوطة الشرقية، وقد تسبق عمليات الجيش في حلب تلك المنتظر بدؤها في دوما، في السويداء بداما تعود طاهرة بعد استشهاد عدد من شيوخ الموحدين، في الساحل وحدة وطنية تتجلى في احتضان أبناء حلب وإدلب، حمص بغالبيتها الساحقة مطهرة، يترافق ذلك مع نفور عام من قبل الناس من ممارسات داعش أينما حلّت، والجيش لن يوقف زحفه التسونامي حتى تدمير آخر وكر للإرهاب .
الكيماوي إلى غير رجعة
بعد أخذ وصد وتهديد ووعيد وتسويات ووعود حُل الملف الكيماوي السوري، لم يعد هناك حديث عن تدمير جزء منه وبقاء جزء آخر، لم يعد هناك هاجس لبقاء قسم منه بحوزة الجيش العربي السوري, ولم تعد هناك شماعة يمكن لأحد أن يعلق عليها اتهامه لدمشق مستقبلاً.
تصريح غير قابل للطعن أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما ويتمثل بتدمير مخزون الأسلحة الكيميائية السورية بالكامل في البحر، أوباما أعلن الأمر بطريقة النصر الأميركي عندما أشار إلى أنّ تدمير ذلك السلاح قد تم على متن السفينة الأميركية كيب راي، مردفاً إنّ الجهود الأميركية في مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل هي التي أدت إلى تلك النتيجة، وكأنه يريد أن يستثمر الأمر لصالحه السياسي في الداخل الأميركي، ويعيد بعض الزهو لبلاده، اللافت أكثر هو تقديم أوباما شكراً فوق العادة لكل من روسيا والصين لمساعدتهما في التخلص من ذلك السلاح!
أهي حركة دماثة أميركية بريئة تجاه الخصمين الشرسين؟ هل ستكون قضية التعاون الدولي ولا سيما بين أميركا وروسيا قاعدة صلبة يمكن البناء عليها من أجل حل ملفات دولية أخرى عالقة ومعقدة؟ ماذا بعد الكيماوي السوري؟ وهل ستجرؤ المعارضة المسلحة وداعموها على استخدام أي كيماوي بعد هذا الإعلان؟
تهافت المعارضة
يوماً بعد يوم تسقط أسماء كان لها نشاط معادٍ في الأحداث الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، اعتراف بأن الائتلاف لا يمثل السوريين وبأنه تحوّل إلى بازار للسمسرة على أرواح السوريين، اعترافات بوصول الأمر إلى درجة لم تكن بالحسبان حيث انتشر الإرهاب والتطرف.
بعد المعارضة ريما فليحان وهجومها اللاذع على الائتلاف المعارض، يخرج المعارض لؤي حسين عبر إقراره على صفحته الشخصية على موقع الفيسبوك بأنّ الشعب السوري ليس معارضاً للنظام ولا حتى غالبيته، وليس كل الشعب يطالب بالحرية والديمقراطية ولا حتى غالبيته، مضيفاً في ذات السياق "كما أنه ليس كل معارضي النظام إرهابيين" بحسب قوله.
ما الذي دفع حسين للوصول إلى تلك الحقيقة؟ هل هو الخوف على وجوده الثقافي والفكري في ظل التمدد التكفيري الذي لا يقبل أي تنوع ديني أو ثقافي؟ هل نزل حسين إلى الشارع أخيراً واستمع إلى الجميع حتى وصل إلى حقيقة بأنّ غالبية الشعب السوري ليست معارضة للنظام بل هي على العكس؟ وهل سيصل حسين مستقبلاً إلى أنّ نسبة المؤيدين للنظام الذي يعارضه قد زادت بعد نفور الناس من ممارسات المتطرفين من جهة والمنظرين من فنادقهم بالحرية الموهومة؟ هل ستكون هناك أسماء معارضة أخرى ستعمل على تغيير رأيها لتقول كلمة حق؟ الأيام القادمة وانتصار الدولة وجيشها كفيل بتبيان ذلك.
تركيا بين دعم داعش والخوف من الأكراد
المتابع للصحافة التركية يرى فيها الكثير من الاتهامات المساقة بدلائل عن تورط حكومة العدالة والتنمية بدعم تنظيم داعش الإرهابي، بعضها أكد أنّ حكومة أردوغان حوّلت تركيا إلى دولة تأوي الإرهابيين، تستمر الاتهامات بالانهمار على رأس أردوغان وآخرها ما قاله سكان محليون نزحوا من بلدة «الراعي» الحدودية بأن تركيا توفر دعماً لوجستياً غير محدود لتنظيم الدولة الإسلامية عبر البلدة، المحللون رؤوا أنّ سبب ذلك الدعم هو من أجل إيقاف المد الكردي إلى الحدود التركية.
على صعيد آخر رأى آخرون أنّ أردوغان سيلجأ بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية إلى محاولة امتلاك الورقة الكردية من خلال استقطابهم فيوفر بذلك أمرين أولهما شريحة عرقية من الشعب تؤيده، وثانيها أن يأمن شر أية مخاوف مستقبلية من إمكانية المطالبة بدولة كردية مستقلة تهدد كيان الدولة التركية، لم يوضح بعض المحللين كيف يمكن أن تكون الورقة الكردية أفضل أوراق أردوغان الذي سيلجأ بطبيعة الحال إلى إعطاء الأكراد الكثير من حقوقهم ماعدا إدارة ذاتية أو فدرالية فذلك سيكون بمثابة فتح الطريق لهم مستقبلاً كي يكونوا على خلاف دائم مع أنقرة, فضلاً عن إمكانية تحولهم إلى خاصرة رخوة لتركيا يستغلها خصوم أردوغان عند الحاجة.
بالمحصلة فإنّ الدعم التركي للإرهاب بات من المسلمات ولاسيما بعد تأكد العديد من المعطيات حول دعم العدالة والتنمية لحركة داعش وغيرها من التنظيمات ذات الطابع الديني المذهبي. كوجود معسكرات تدريبية وتسهيل عبور المسلحين إلى الأراضي السورية ووجود غرف عمليات يقودها ضباط استخبارات أتراك لتوجيه تحركات المسلحين خلال عملياتهم.
...
المجهر السياسي
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قياديين بارزين في تنظيمي "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، الناشطين في العراق وسورية، وتقتضي العقوبات منع قياديين في داعش والنصرة من الدخول إلى الولايات المتحدة وتجميد أموالهما في البنوك الأميركية إن وجدت، بالإضافة إلى حظر أي تعامل للمواطنين الأميركيين وشركات البلاد معهما.
إن مجرد فرض عقوبات بحق أشخاص إرهابيين بتلك الطريقة يوحي وكأن التنظيمين اللذين ينتميان إليهما هما دولتان شرعيتان معترف بهما؟ إذ كيف يمكن لإرهابيين مشهورين أن يُسمح بدخولهما إلى أي بلد فكيف بأميركا؟ ثم كيف أنّ لديهما حسابات بنكية في أميركا؟ أليسا إرهابيين ومطلوبين كيف إذاً يمكنها وضع حسابات في مصارف أميركية مراقبة جيداً؟ لعّل أميركا تريد أن تثبت لحلفائها بتلك الخطوة كم أنّها تبذل جهداً في الحرب على الإرهاب, سواء من خلال تجميد أرصدة لقادة إرهابيين باتوا أكثر شهرةً من "الليدي غاغا" بلحاهم الكثة، وهي أيضاً تريد أن تقول أنا أفعل ما بوسعي, أرسل طائرات للعراق من أجل استهداف تجمعات داعش وأفرض عقوبات على قياداتهم في أميركا كي لا يتمكنوا من دخولها, ولا أستطيع أن أفعل أكثر من ذلك سوى مباركة قرار غربي بالإجماع قد يعطي هامشاً للتصرف بغير هذا المنطق الذي يفرضه الواقع السوري الصعب.
...
انتقد نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد بشدة حكام دول الخليج، مؤكداً أن قضية فلسطين ستبقى القضية المركزية لأمتنا وبوصلة كرامتنا، كما أوضح بأنّ الحضن الدافئ الذي ترعرعت فيه القاعدة هو الحضن الأميركي وأنّ الخادم المطيع والمنفذ المخلص للسياسات الأميركية هو العائلة السعودية.
صوب الدبلوماسي فيصل المقداد نيشان قناصته الكلامية باتجاه الدريئة السعودية، وبشكل مباشر اخترق كلامه جدار الصمت، رُفع السقف وبلغت الدبلوماسية السورية نقطة اللاعودة، الحقيقة الخالصة أنّ آل سعود هم أصل الداء، كلام كهذا يصدر عن دبلوماسي هادئ كالمقداد يعني أنّ هناك توجهاً سياسياً بعدم العودة إلى الوراء في العلاقة مع السعودية، مصير سورية وما عانته من قهر وخراب لا يمكن السكوت عنه بعد الآن ولا مساومة وعودة إلى الوراء قبل دفع آل سعود لفاتورة إجرامهم بحق السوريين على الأقل هذا العنوان الذي يُفهم من كلام المقداد.